قطع طرق وتكسير محلات ومصارف وسقوط جرحى في مواجهات مع القوى الأمنية

سحب سوداء تتصاعد من الإطارات المشتعلة، تغطي السماء. حركة تنقل خفيفة في معظم شوارع المدن والبلدات الساحلية والجبلية وحتى النائية. وما بقي في الشوارع، حركة مرتبكة لمن اضطر للخروج من منزله، أو ضاع في الطرق المقطوعة وضلّ عن طريق عمله أو منزله.

أبواق سيّارات تعلو على إيقاع هتافات احتجاجية ومكبّرات الصوت التي تدعو الناس للنزول إلى الشوارع. سيارات إسعاف وإطفاء تجوب الشوارع التي تحوّلت إلى أنهار بشرية بغمضة عين ومن دون مواعيد، وهتافات ترفض التجويع والمزيد من الأعباء المعيشية التي تحملها الضرائب الجديدة، والأكثر من ذلك، هو استسهال إقرارها في لحظات ليلية غادرة.

على هذا المشهد، استفاق اللبنانيون أمس وهو من المرات النادرة التي عرفوها في بلدهم، لشموله تقريباً كلّ لبنان من عاصمته إلى جنوبه وشماله وبقاعه وجبله، ومن مختلف الشرائح والتوجهات، ما يؤشرّ ربما إلى مرحلة سياسية جديدة ما زالت ملامحها ضبابية، حتى الآن، بانتظار بروز برنامج مطلبي واضح ومحدّد، يجلي الصورة، وهو ما يفتقده المتظاهرون الذين نزلوا إلى الشوارع بعفوية للاحتجاج السلمي على الضرائب الجديدة، وهذا ما استغله بعض الأطراف للانغماس في التحرك الشعبي، ليخرج المشهد من سلميته، وأخذه إلى بعض الفوضى والتعديات على الأملاك العامة والخاصة، وتركيز الهجوم السياسي على جهة معينة واحدة لا غير ونحميلها وزر الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، والفشل في المعالجات.

فقد توسعت دائرة الاحتجاجات أمس إلى معظم المناطق اللبنانية من بيروت إلى الشمال والجنوب والبقاع في انتفاضة شعبية احتجاجاً على الأوضاع المعيشية المتدهورة. فقام المتظاهرون بإغلاق الطرقات بالإطارات المشتعلة في معظم المناطق، وردّدوا هتافات تنادي بإسقاط الحكومة وتستنكر الضرائب التي أقرّتها الدولة.

ومساء وصل عشرات المحتجّين إلى محيط القصر الجمهوري في بعبدا وطلبوا مقابلة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وكانت التظاهرات انتشرت صباحاً في في وسط بيروت قرب السراي الحكومي ومجلس النواب في ساحة النجمة بالإضافة الى ساحة الشهداء، وعند مداخل المدينة الرياضية.

واستخدمت قوى الأمن الغاز المسيّل للدموع لتفريق المحتجّين في بيروت في الساعات الأولى من صباح أمس ما تسبّب في حدوث إصابات وحالات إغماء.

وجرت مواجهات في شارع المصارف بين القوى الأمنية والمتظاهرين الذين حطموا واجهات المصارف والمحال التجارية، فعمدت القوى الأمنية إلى إطلاق رصاص مطاطي، حيث أفيد عن إصابة عدد من المتظاهرين وتوقيف عدد آخر.

وامتدّت المواجهات إلى شارع اللعازرية حيث استهدف المتظاهرون عناصر الأمن ومكافحة الشغب وقوى التدخل الثاني في الجيش، بالحجارة، وردّت العناصر الأمنية بإلقاء القنابل المسيلة للدموع لتفريق الجموع.

وقُطع السير على تقاطع الشفروليه وبولفار كميل شمعون محلة غاليري سمعان بالإطارات المشتعلة، بالإضافة إلى طريق سانت تريز – الحدث بالاتجاهين.

وقطع عدد من المحتجّين طريق الأوزاعي عند مفرق البيكنيك وجسر السلطان إبراهيم بالإطارات المشتعلة، وتمّ تحويل السير إلى الطرقات المجاورة. وقد وقع إشكال في الأوزاعي بين قوى الأمن والمتظاهرين وسط دعوات لاستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري.

وفي البقاع، انطلقت شرارة الاحتجاج وقطع الطرقات ليل أول من أمس عند الساعة التاسعة مساءً من طريق المصنع، وتواصلت حتى ساعات الفجر الأولى، وامتدّت شرارتها لتشمل معظم مداخل بلدات البقاع على الطرقات الدولية والرئيسية في جلالا، تعلبايا، سعدنايل، الصويرة، لوسية، جب جنين، وصولًا إلى الكرك ورياق من قرى البقاعين الغربي والأوسط.

ومع ساعات الصباح، أُقفل طريق بيروت دمشق الدولي بالاتجاهين، وتحوّل السير باتجاه طرقات فرعية، كما أقفلت طريق أبلح الفرزل عند محلات محفوظ ستورز، وطريق زحلة رياق بالإطارات المشتعلة في منطقة الحمرا بلازا.

وقُطعت طريق سعدنايل زحلة – شتورا قرب مسجد سعدنايل، كما قطعت طريق ديزنون – رياق في محلة شهابية الفاعور بالإطارات المشتعلة.

وأقفل المحتجون أيضاً مداخل البلدات بالإطارات المشتعلة، وطالبوا بمحاكمة الفاسدين وبرحيل الحكومة، ولم يبقَ مدخل بلدة على الطريق الدولي أو تقاطع إلاّ واشتعلت فيه الإطارات.

وقُطعت الطريق الدولية لجهة قرى شرقي بعلبك في سرعين التحتا، الخضر، بريتال، الطيبة، دوار الجبلي امتداداً إلى البقاع الشمالي من قرى يونين، اللبوة، النبي عثمان، العين حتى جسر الهرمل، حيث قُطعت الطريق الدولية بين البزاليّة واللبوة بالإطارات المشتعلة مما أدى إلى شل حركة السير بالإتجاهين.

وامتدت الاحتجاجات إلى قرى غربي بعلبك حيث قُطعت طرق بدنايل، قصرنبا، واشعل محتجون الإطارات عند مستديرة الجبلي في دورس احتجاجاً على سياسة فرض الضرائب والوضع المعيشي.

وتقطعت الأوصال بين المدن والقرى وبقيت حركة السير محصورة في أحياء البلدات فقط.

كما حوصرت سرايا بعلبك الحكومية، وتجمّع مئات المواطنين امام سرايا زحلة احتجاجاً.

الجنوب

وفي الجنوب، قطع المحتجون عدداً كبيراً من الطرقات في مدينة صيدا بالإطارات المشتعلة.

وانطلقت مسيرة حاشدة من ساحة الشهداء في صيدا جابت شوارع المدينة مروراً بساحة القدس وصولاً إلى سنترال صيدا في شارع حسام الدين الحريري ، حيث أقيم اعتصام بمشاركة مئات الشبان الذين رفعوا لافتات تندد بسياسة الحكومة الاقتصادية.

ثم انتقلت التحركات إلى تقاطع إيليا في صيدا، حيث تمّ قطع الطريق، وبعدها تمّ إقفال محلة دوّار القناية وطريق ساحة الشهداء والطريق البحرية قرب خان الإفرنج بالإطارات المشتعلة وسط هتافات المحتجين المندّدة بسياسة الحكومة الاقتصادية. وافترش المعتصمون الأرض عند مستديرة إيليا ، وقد تحولت إلى مركز للاعتصام المركزي في صيدا.

وشهدت بعض الأحياء الداخلية في مدينة صيدا تحركات، وتمّ قطع الطرقات الداخلية بمستوعبات النفايات، بالإضافة إلى قطع الطريق عند الخط البحري.

وأقفل عدد من المحتجين الطرق صباحاً من المنصوري إلى الناقورة، وعند مدخل صور المؤدي إلى صيدا، وقطعت الطرق العامة والفرعية والمؤدية الى مدينة صور والخط العام الذي يتصل بالعاصمة بيروت عبر صيدا وصور بالإطارات المشتعلة والعوائق.

كما قُطعت الطرقات عند الخط العام الممتد من صور باتجاه الناقورة في مناطق: مفرق العباسية، السماعية، الشعيتية، القليلة.

كما أقفل المحتجون الطريق العام عند مفرق برج رحال باتجاه صيدا بالإطارات المشتعلة.

وقُطع الطريق على أوتوستراد المصيلح مفرق النجارية بالاتجاهين، بالاضافة إلى قطع طرقات خلدة والناعمة والجية بشكل كامل.

كما قطع المحتجون أوتوستراد النبطية – حبوش بالاتجاهين، والأوتوستراد عند مفرق برجا، حيث أطلق الجيش اللبناني النار في الهواء لتفرقة المعتصمين.

وقُطع الطريق عند اوتوستراد السكسكية، والطريق بعد جسر القاسمية قبل مقام النبي ساري، وطريق وادي الزينة، بالإضافة إلى الطريق عند مفرق الغازية.

وتجمع محتجون من قرى قضاء بنت جبيل أمام السراي الحكومي في تبنين، مطالبين عبر مكبرات الصوت بإلغاء الضرائب التي أقرّها مجلس الوزراء في الموازنتين الأخيرتين، واسترجاع الأموال المنهوبة وإلغاء الطائفية السياسية، وإقرار قانون انتخابي عصري جديد، يصبح بموجبه لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية .

كما شهدت النبطية ومنطقتها المزيد من التحركات الاحتجاجية منذ مساء أول من أمس، وغطت سحابة من الدخان الأسود الكثيف معظم القرى والبلدات المحيطة بالنبطية.

وقام عشرات من الشبان منذ ساعات الفجر الاولى باقفال طريق عام الدوير أنصار عند مفرق الشرقية بالعوائق الحديدية والبراميل، وهتف العديد منهم لاسقاط الحكومة، كما عمد البعض إلى إحراق الإطارات المطاطية بين بلدتي الدوير والشرقية قرب سوق التوفير.

وعند دوار حاروف ـ النبطية ـ تول تجمع شبان وفتية وأحرقوا الإطارات المطاطية لإقفال الطريق أمام السيارات والمارة.

كما أقفل محتجون طريق عام مرج حاروف- النبطية.

وبُثت نداءات عبر مكبر الصوت في مساجد بعض قرى وبلدات إقليم التفاح لمشاركة الأهالي بالتحركات الاحتجاجية، واقفل محتجون الطريق التي تربط النبطية بإقليم التفاح.

وفي بلدة أنصار جرى إقفال الطريق العام وتجمّع محتجون وسط الطريق، كما تمت دعوة الأهالي عبر مكبرات الصوت للتجمع في ساحة بلدة النميرية للاحتجاج على الوضع الاقتصادي السيّئ.

وعند دوار كفرتبنيت أرنون مرجعيون تجمع عشرات الشبان وعمدوا إلى إقفال الطريق التي تربط النبطية بمرجعيون بالعوائق والإطارات المشتعلة.

وانطلقت ظهراً تظاهرة حاشدة من أمام سراي النبطية، وسارت نحو مدخل النبطية وثم باتجاه دوار كفررمان، حيث ردد المشاركون فيها هتافات لإسقاط الحكومة.

كما تمّ إقفال معظم الطرقات المؤدية إلى قرى اقضية بنت جبيل ومرجعيون وصور والنبطية خصوصاً عند مثلث برج قلاويه: قلاويه – الغندورية فرون – ديركيفا – صريفا.

ولم تشهد منطقة جنوب الليطاني تحركات لآليات يونيفل منذ ليل أول من أمس وحتى ساعات الصباح الأولى.

الشمال

شمالاً، قطع عدد كبير من المتظاهرين الطرق المؤدّية إلى مستديرة عبد الحميد كرامي في طرابلس وأشعلوا الإطارات. وعمدوا إلى قطع الأوتوستراد الدولي بالقرب من منتجع بلما في طرابلس بالشاحنات والسيارات، كما قطعوا الطريق البحرية القديمة، فقطعت الطرق الرئيسية التي تربط طرابلس ببيروت بشكل تام.

وقطع عدد من المحتجين المسلك الشرقي للأوتوستراد مقابل قلعة المسيلحة في البترون بالإطارات المشتعلة.

وجرى إطلاق نار على محتجين في طرابلس لتفرقتهم بعدما طردوا النائب السابق مصباح الأحدب من ساحة النور. وقد أصيب أحد المحتجين بجروح.

وتجمّع عدد من المحتجين أمام منزل الأحدب في المدينة، وقاموا بتحطيم خيم مرافقيه، كما أقدم محتجون على إحراق وتكسير كاراج الأحدب في ساحة التل بطرابلس.

وحاصر عدد من المحتجين منزل الرئيس نجيب ميقاتي، وقد حضرت إلى المكان القوى الأمنية التي فرضت طوقاً أمنياً كبيراً في محيط المنزل.

واقتحم المحتجون محل شوكولا Patchi في طرابلس ووزعوا الشوكولا على بعضهم ، وعلى الفور حضرت وحدات الجيش اللبناني إلى المكان.

كما دخل محتجون مكتب النائب علي درويش في منطقة جبل محسن، وعمدوا إلى تكسير محتوياته. كما تمّ إحراق عدد من مكاتب اليار الوطني الحرّ في الشمال.

الجبل

أما في جبل لبنان، فقد قطع المحتجون طريق صوفر عند مفرق بلدتي شانيه ومجدلبعنا، وتمّ تحويل السير باتجاه الطرقات المجاورة.

كما قطعوا طريق جعيتا، وأشعلوا الإطارات على أوتوستراد زوق مكايل وأوتوستراد انطلياس. وتمّ إقفال طريق الشويفات – التيرو بالاتجاهين.

وأفيد أنّ اثنين من العمال الأجانب لقيا حتفهما اختناقا جراء حريق.

وأدّت التظاهرات إلى إصابة 70 شخصاً معظمهم من القوى الأمنية، بحسب ما أكدت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، إذ أفادت عبر حسابها على تويتر عن إصابة 60 عنصراً من القوى الأمنية في الاحتجاجات الأخيرة.

وحذرت قائلةً لن نقبل بالاعتداء على عناصر قوى الأمن وعلى الأملاك العامة والخاصة، وننبه الى أنّ كلّ مخل بالأمن وكلّ شخص تبيّن انه اعتدى على الأملاك العامة والخاصة وعلى عناصر قوى الأمن سيتمّ توقيفه وفقاً للقانون .

وكان قد أفاد الصليب الأحمر عبر حسابه على تويتر أنّه تمّ نقل 23 إصابة وإسعاف 70 آخرين تزامناً مع الاحتجاجات التي انطلقت مساء أول من أمس في وسط بيروت.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى