نصرالله يدعو للهدوء والحوار… والمقاومة قوية جداً جداً… والمهم حكومة سياديّة بلا تأخير مشاورات تمهيدية تسبق الاستشارات النيابية للتفاهم على سلة متكاملة للتكليف والتأليف

كتب المحرّر السياسيّ

تزامنت صواريخ المقاومة في غزة على مغتصبة سيدروت وسائر مغتصبات الغلاف مع صاروخ المقاومة في جنوب لبنان على طائرة الاستطلاع المتطوّرة لجيش الاحتلال، وما قدّمه الحدثان من تثبيت لمعادلات الردع، وتأكيد مأزق كيان الاحتلال وعجزه عن التورط في المواجهة، وجاءت التعليقات التي كتبها المحللون العسكريون على الحدثين تؤكد أن المقاومة هي صاحبة اليد العليا في معادلة المنطقة. فقد كتب روعي شارون أن جيش الاحتلال بدّل مسارات الطائرات فوق جنوب لبنان ويفكر بالاعتماد على الأقمار الصناعية بدلاً منها بعد ظهور سلاح نوعي جديد في مواجهتها، يهدّد جدياً بكسر التوازن وبدء تساقط الطائرات الاستطلاعية، بما فيها الأجيال التقنية الحديثة. وتناول محللون آخرون الفيلم القصير الذي بثته المقاومة باللغة العبرية بعد خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وأجمع كل من جيزي سيمنطوف في القناة العبرية 13 وكارميلا مناشيه محللة الشؤون العسكرية ومراسل قناة كان العبرية على اعتبار الفيلم تعبير عن وجود قرار وإمكانات وتقنيات في يد المقاومة تتيح لها إسقاط الطائرات الإسرائيلية، بما يضع جيش الاحتلال بين خيارين صعبين، التسليم بالمعادلة الجديدة، أو مواصلة تحليق الطائرات وتحمل بدء تساقطها وصولاً لمواجهة لا تتحمّلها القيادة الإسرائيلية .

صاروخ المقاومة كان موضوعاً من مواضيع كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، لكنه مرّ عليه بسرعة خاطفة مؤكداً أن المقاومة تجرؤ على استخدام أسلحتها النوعية لتنفيذ وعدها بتنظيف الأجواء اللبنانية من الانتهاكات الإسرائيلية، وفيما تركّزت الكلمة في شقها السياسي على التطورات الداخلية اللبنانية، دعا السيد نصرالله إلى التهدئة والحوار وتجاوز الجميع لجروح الأيام الماضية، منبّهاً من خطورة لغة الشتائم، ومواصلة تعريض تنقل المواطنين للخطر عبر قطع الطرقات، وما يتسبّب به ذلك من مخاطر فقدان السيطرة على الغضب وبروز ردود أفعال في الشارع. وبعدما شرح نصرالله رؤية حزب الله للحراك كتعبير شعبي صادق عن التطلع للتغيير وعن الغضب من سياسات اقتصادية ومالية أوصلت لبنان إلى حافة الانهيار ومن الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة، أعاد تأكيد أن قلق الحزب ليس على نفسه ولا على المقاومة بل على البلد من خطورة الفوضى والفراغ. وهذا كان منطلقه في التحذير من استقالة الحكومة، سواء كمطلب للحراك أو كإجراء يتّخذه رئيسها، وبعدما صار هذا أمراً واقعاً، فعلى الجميع التصرّف بحكمة ومسؤولية لتفادي الفراغ والفوضى كمخاطر محتملة لما بعد الاستقالة، ما لم تكن هناك عملية سريعة لاستيلاد حكومة سيادية وطنيّة تتصدّى للنهوض بالبلد، وقد تجمّدت كل المضامين التي وردت في الورقة الإصلاحية.

على مسار الحراك والحكومة، بدا أن الذبول يصيب المسارين، فقد تراجعت الحشود بصورة لافتة في ساحتي رياض الصلح والشهداء وتوقف البث المباشر التلفزيوني الذي واكب خلال أسبوعين على مدار الساعة أصغر تجمّع من العشرات، تحت شعار موحّد، لبنان ينتفض. فالاستشارات النيابية لم يُحدّد موعدها بعد، والصورة ضبابية حول مَن سيتولى رئاسة الحكومة الجديدة، وحول تكوينها وهويتها، فيما قالت مصادر سياسية متابعة إن لا مهلة دستورية لدعوة رئيس الجمهورية للاستشارات النيابية، بمثل عدم وجود مهلة لرئيس الحكومة لتشكيلها، وأن رئيس الجمهورية يتمهل في الدعوة للاستشارات بعدما أظهرت التجارب أن الاكتفاء بتفاهم الكتل الكبرى على تسمية رئيس الحكومة يؤدي لضياع شهور في التفاوض على تشكيل الحكومة، بينما يمكن للمشاورات التمهيدية التي تجري بين الكتل أن تصل لتوافقات على سلّة التكليف والتأليف بحيث يلي التكليف بأيام قليلة إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة.

عن حكومة التكنوقراط أوضحت المصادر أن هناك مبدأ يجب احترامه في النظام الدستوري وهو إما نظام رئاسي برئيس ينتخبه الشعب مباشرة وحكومة تكنوقراط، او نظام برلماني حيث الحكومة مجتمعة تتولى السلطة السياسية. وبالتالي حكومة تعكس نتائج الانتخابات النيابية، سواء بحكومة أغلبية او حكومة وحدة وطنية، وعندما يحدث استعصاء يعبر عن التشكيك بتمثيل المجلس للشعب فيصير البديل حكومة من غير المرشحين تضع قانون انتخابات يضمن التمثيل الصحيح وتشرف على انتخابات مبكرة، لتعود بعدها القواعد الدستورية فيسقط رئيس المجلس في المجلس ما لم يحظَ بدعم الأغلبية الجديدة وتقصر ولاية رئيس الجمهورية في المجلس بتعديل دستوري بأغلبية الثلثين لمن يحوز هذه الأغلبية، وخلاف ذلك من مطالبات بتوازن رئاسي طائفي في الاستقالة، أو في رموز الرئاسات وأشخاصها، شعوذات معاكسة لروح الديمقراطية وبمستطاع رئيس الحكومة المستقيل أو رئيس حزب القوات اللبنانية اللذين يتحدثان عن حكومة تكنوقراط، أن يطلبا الذهاب لنظام رئاسي وانتخاب رئيس من الشعب وحكومة تكنوقراط، وهذا يستدعي امتلاك أغلبية ثلثي المجلس النيابي لتعديل الدستور، أو انتخابات نيابية مبكرة تعيد تكوين السلطة لحكومة تعبر عن نتائج الانتخابات المبكرة وفقاً لقانون يحظى بأغلبية المجلس النيابي، وإلا فارتضاء التعايش مع نتائج الانتخابات الأخيرة حتى تنتهي ولاية المجلس النيابي الحالي.

أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن اللبنانيين استطاعوا بفضل الوعي أن يسقطوا بعض المشاريع التي كانت تهدف إلى تأزيم الوضع وإيصاله الى الصدام الداخلي، موضحاً أن عناصر الدفع باتجاه الفوضى والصدام كانت حاضرة بقوة، وكمّ الشتائم والسباب الذي لا سابقة له في تاريخ لبنان كان من أجل أن يحتقن الشارع، حيث كان المطلوب أن يحتدم الشارع عبر الاستفزاز والوصول إلى الاقتتال، والشتائم والتعرّض للمواطنين وأخذ الخوّات والتعرض لمراسلي القنوات الإعلامية كان يصبّ في هذا الهدف.

وخلال الاحتفال التأبيني للسيد جعفر مرتضى العاملي في مجمع المجتبى، كشف السيد نصر الله أنه لم يكن يؤيّد استقالتها، لكن رئيس الحكومة له أسبابه، لافتاً إلى تداعيات الاستقالة بتجميد ورقة الإصلاحات، حيث أصبحت المعالجة الاقتصادية في دائرة الانتظار وكل الذي نزل الناس من أجله سيضيّع ولن يتحقق.

وإذ دعا الأمين العام لحزب الله اللبنانيين أن يدفعوا باتجاه أن لا يكون هناك فراغ في السلطة، وأن تشكل حكومة جديدة بوقت قريب، تسمع صوت الشعب وتضع برامج للاستجابة للناس تحت عنوان استعادة الثقة . كما طالب بحكومة سيادية يكون كل مكوّناتها وطنياً وأن لا يتصل مكوّن منها بالسفارة الأميركية.

وحول التصدّي للطائرة المسيرة الإسرائيلية في جنوب لبنان، أوضح أن ما حصل هو أمر طبيعي، حيث تكمل المقاومة معادلتها، وجزء من عملها تنظيف الأجواء اللبنانية من الاعتداءات الإسرائيلية ، وفيما لفت إلى أنه في لبنان يجب عدم الذهاب بعيداً في التحليل والنقاش. فالمقاومة قوية جداً وتعمل بمعزل عن التطورات الداخلية والإقليمية، أوضح أن العدو كان يفترض أن المقاومة لن تجرؤ على استخدام سلاح نوعي من الاسلحة للتصدي للعدو ، مؤكداً أن المقاومة تجرؤ ولا تتأثر بأي شيء .

وفي تعليق على استهداف الطائرة، أشارت أوساط الاحتلال الاسرائيلي أنها اعتبرت استهداف المقاومة للطائرة المعادية المسيرة في الأجواء اللبنانية تغييراً في المعادلة وتطوراً يثير مزيداً من القلقِ في تل أبيب.

وكانت المشاورات السياسية بين الكتل النيابية انطلقت قبيل تحديد موعد الاستشارات النيابية المخصصة لتكليف رئيس للحكومة، وبحسب مصادر التيار الوطني الحر فإن رئيس الجمهورية وضع سقفاً لعملية تأليف حكومة جديدة وهي حكومة نظيفة قادرة على معالجة الأزمات بعيداً عن الولاءات السياسية، وأوضحت المصادر لـ البناء أن لا وقت محدد لبدء الاستشارات بل مرهونة بالمشاورات الحاصلة على كافة الخطوط للتوصل الى اتفاق كامل على اسم رئيس الحكومة المكلف وشكل الحكومة والوزراء وتوزيع الحقائب وبرنامج عملها كي لا نكرر الخطأ الماضي والوقوع في الفراغ الحكومي، وبالتالي تضييع الوقت . وترفض مصادر التيار وضع شروط على رئيس التيار جبران باسيل لا سيما أنه رئيس أكبر كتلة نيابية، واستنكرت وضع الحراك الشعبي في مواجهة التيار الذي ولد من رحم الظلم ومعاناة الشعب داعية إلى توظيف صرخة الناس بالمطالبة بمكافحة الفساد والمحاسبة وتحقيق العدالة الاجتماعية . وأكدت معلومات البناء أن التواصل لم ينقطع بين باسيل والحريري لكن عبر وسطاء. وأكدت المصادر ان التيار سيحشد في الشارع أمام القصر الجمهوري تحت شعار دعم الرئيس عون وبناء الدولة ومكافحة الفساد.

فيما أكدت مصادر 8 آذار لـ البناء أن فريق المقاومة لا يمانع عودة الحريري لكن ضمن صيغة سياسية مالية إصلاحية جديدة، مشيرة الى أن أي شروط من قبل الحريري كاستبعاد حزب الله أو باسيل مرفوضة.

وافادت مصادر اعلامية أن المشاورات السياسية استبعدت حكومة التكنوقراط الصرف والحكومة السياسية الصرف ، ورجّحت مصادر البناء الاتفاق على حكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري لكونه المكون السني الأقوى. وبعد زيارة النائب فؤاد مخزومي الى بعبدا أمس الأول أوردت معلومات صحافية أن الوزير السابق محمد الصفدي زار قصر بعبدا أمس، فور وصوله من السفر، لكنه حرص على عدم الإعلان عنها.

وإذ تحدّثت مصادر عن عمليات تهريب أموال كبيرة تجري من قبل سياسيين واولادهم الى الخارج تدخل في عمليات فساد، نبّه تكتل لبنان القوي بعد اجتماعه برئاسة باسيل من عملية إخراج أو تهريب أموال تكون مستحقة للدولة، مؤكدين أن التكتل سيتابع هذا الموضوع ويلاحقه إن كان عبر التشريعات أو عبر الوسائل القانونية الممكنة.

ولم يتوقف مسلسل قطع الطرقات من ميليشيا تيار المستقبل، حيث عمدوا الى قطع الطريق عند مستديرة ايليا في صيدا بشكل كامل وحاولوا إعادة وضع الخيم وسط الطريق وبعد اشتباك مع الجيش اللبناني كما قطعوا طرقات عدة في البقاع في ما لم يُسجّل أي قطع لطريق بيروت الجنوب.

واللافت هو قرار الولايات المتحدة تجميد مساعدات مالية للجيش اللبناني وضعتها مصادر في إطار الضغط على قيادة الجيش لعدم فتح الطرقات وضبط الوضع الأمني، ونفى وزير الدفاع الياس بو صعب أي علاقة للأمر بالحوادث الأخيرة، مؤكداً أن لبنان ليس مستهدفاً.

وشهدت المصارف أمس، زحمة مواطنين امام الابواب مع إعادة فتح المصارف ابوابها. وأكّدت مصادر مصرفية أنّ بعض البنوك اتخذ اجراءات لإعطاء الأفضلية للمودعين وليس للمقترضين، مشيرة إلى تجميد بعض الاعتمادات غير المستعملة. وبحسب جمعية المصارف، فإن المعاملات تتم بحسب سعر الدولار الرسمي المعتمد أي بين 1514 و1515 ليرة لبنانية. ومن المقرّر أن يتم تمديد الدوام اليوم وغداً السبت في المصارف حتى الخامسة عصراً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى