الحراك يصحّح مساره: احتجاجات ضاغطة في ملفات الفساد بدلاً من قطع الطرقات القضاء يبدأ الاستدعاء: شقير والجراح… ثم السنيورة… و17 اسماً على اللائحة

كتب المحرّر السياسيّ

أنهى الاجتماع الثاني بين رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل التداول في الخيارات للحكومة الجديدة، وبدا أن خيار حكومة برئاسة شخصية يُسمّيها الحريري ويغيب عنها الوزراء البارزون في الحكومة السابقة، أو أغلبهم إن لم يكن جميعهم، وتحترم نتائج الانتخابات النيابية بتوازناتها، وتحفظ التمثيل للقوى المشاركة بالتسوية السياسية، ما يعني أرجحية استبعاد القوات اللبنانية عنها. وفيما رحّب الحريري بهذا الخيار وفقاً لمصادر متابعة رجّحت المصادر أن يكون خياره الأمثل هو ما عبر عنه في رسائله المشفّرة بعد الاستقالة، لضمان بقائه في رئاسة الحكومة دون تمثيل سياسي بارز لسائر الأطراف، ما يعني تحديداً استبعاد الوزير باسيل، الذي أكد للحريري عدم رغبته بالمشاركة في الحكومة الجديدة، داعياً لخروج الصف الأول من هذه الحكومة وتركها لمختصّين يلتزمون بالخيارات الأساسية العريضة للقوى الكبرى، لكنهم يتقنون العمل على ملفاتهم. ووفقاً للمصادر فإن قبول الحريري بعرض باسيل لا يعبّر عن حقيقة رغبته. وهذا ما جعل رئيس المجلس النيابي نبيه بري يدخل على خط المباحثات السياسية بطرح صيغة حكومة برئاسة الحريري تضمّ ثلاثة وزراء سياديين إضافة للحريري، يمثلون القوى الرئيسيّة، ويكون باقي الوزراء من ذوي الاختصاص والوجوه الجديدة، التي تسمّيها القوى المعنية بتشكيل الحكومة ومنها الحراك الشعبي.

المصادر قالت إن هذا التشاور الذي يضغط البعض لتخطّيه تحت شعار الدعوة لاحترام الدستور والبدء الفوري بالاستشارات النيابية، هو تشاور يجري ضمن المعايير الدستورية بين رؤساء كتل نيابية ليس لأحدهم اليوم بعد استقالة الحكومة صفة دستورية، وليس خافياً أن سعي أكبر كتلتين نيابيتين للتفاهم على تسمية مرشح مشترك لرئاسة الحكومة سواء أكان الحريري أم شخصية يقوم باختيارها، من ضمن تفاهم الكتلتين على طبيعة التعاون بينهما في التشكيلة الحكومية المقبلة، هو عمل سياسي ونيابي مشروع تقوم عليه عملية تسمية رئيس الحكومة في أي بلد يعتمد النظام البرلماني الديمقراطي، وانضمام كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة لهذا التشاور يضمن قرابة الثمانين نائباً لرؤية متقاربة للمشهد الحكومي ليس دمجاً للتكليف والتأليف دستورياً، وهو مصادرة لصلاحيات رئيس الحكومة أو مساس بها كما يحاول المتضررون من هذه المشاورات وصفها، بل هو تفاهم بين الكتل النيابية وتقريب للمواقف بينها لتتم المقاربة للملف الحكومي بسلاسة، تمنع وقوع أزمات تنتهي بالفراغ، الذي يريده البعض هدفاً فشلوا بتحقيقه بواسطة الحراك ويريدونه عبر ادعاء تبني ترشيح الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة وتركه يصطدم بعقدة توزير باسيل، لتحميل العهد والتيار الوطني الحر مسؤولية الفراغ.

المصادر المتابعة وصفت التطوّرات بالإيجابية، خصوصاً على إيقاع التصحيح الذي قام به الحراك الشعبي لمساره، وانتقال القضاء إلى التحرك على ملفات الفساد، فابتعاد الحراك الشعبي عن خيار الضغط بقطع الطرقات أعاد إنعاشه كقوة شعبية ومَنَع الانفكاك من حوله، كما جعل فرص تلاقيه مع المقاومة أكبر، وبَرَز التركيز الاحتجاجي على عناوين ملفات الفساد منسجماً مع التحرك القضائي، الذي برز باستدعاء الوزيرين محمد شقير وجمال الجراح، وتحديد موعد للرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة في ملف الـ 11 مليار دولار الضائعة في قطع حساب الموازنة.

.

بعد اللقاء الأول بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل منذ استقالة الحريري، عقد لقاء ثانٍ أمس في بيت الوسط. وأفادت مصادر لوكالة عالمية بأن اللقاء كان إيجابياً، وتمّت مناقشة اقتراحات عدة بهدف إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها . وأكدت المصادر ان «التواصل مستمر بين باسيل وباقي الفرقاء السياسيين في الساعات المقبلة لإيجاد الحلول للأزمات المالية».

وقد تمت مناقشة الطرح الذي قدّمه باسيل للحريري في اللقاء الأول ويتضمن تأليف حكومة مختصين من دون وجوه سياسية أساسية، تسمّي أعضاءها الكتل السياسية لتحظى بثقة البرلمان، وهو ما ينطبق على رئيس الحكومة والوزراء، على أن يعطى المجال فيها أيضاً لمشاركة ممثلين عن الحراك.

وعلمت البناء أن اللقاءات والاتصالات التي تحصل تناقش الصيغ والاقتراحات ولم يتمّ التوصل الى أي حل نهائي حتى الآن والامر يتطلب وقتاً ولا يبدو في الأفق تأليف حكومة جديدة لاعتبارات عدة .

وتؤكد أوساط سياسية لقناة أو تي في ان مقترح باسيل ليس للمزايدة ولا للعرقلة، بل للبحث عن حلّ يواكب رئيس الجمهورية، الذي يستفيد من الوقت الذي يمنحه إياه الدستور، ليستكمل حلقة التشاور غير الملزمة قبل الاستشارات النيابية الملزمة، تسهيلاً للتفاهم، ليس فقط على مسألة رئاسة الحكومة، بل على وجوب الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، كي لا نبقى طويلاً في النفق الذي أدخلتنا فيه الاستقالة المفاجئة وغير المنسّقة لرئيس الحكومة .

وردت الأوساط نفسها على دعوة رئيس القوات سمير جعجع تشكيل حكومة مختصين بالقول: المؤسف أن رئيس القوات يعرف تماماً ماذا يقول، فهو يخطط للدفع بالبلاد نحو المجهول، بممارسة تصعيد مستمر حتى لا تتشكل أي حكومة، لتستفحل الأزمة أكثر فأكثر .

وإذ لوحظ اليوم توقف عملية قطع الطرقات باستثناء منطقة العبدة في عكار التي قطعت امام المرور لبعض الوقت ثم تمّ فتح مسرب للسيارات، تواصلت الاعتصامات الشعبية متخذة منحى إقفال بعض المؤسسات والقطاعات الرسمية ومنع العمل فيها في بيروت وصيدا والنبطية وبعلبك، وراشيا، كمصرف لبنان وشركتي «تاتش وألفا» للهاتف الخلوي ومصالح المياه والكهرباء والضمان وأوجيرو. فيما جرى تنفيذ اعتصام امام قصر العدل في بيروت وامام مبنى الضريبة على القيمة المضافة. وكان لافتاً إشراك طلاب المدارس في الاعتصامات، علماً ان هؤلاء لم يبلغوا مستوى النضج السياسي، حيث قاطع الطلاب في العديد من مدارس بيروت وصيدا والبقاع الغربي وفي الجامعات الخاصة الدروس، ونزلوا في تظاهرات ونفّذوا اعتصامات منها اعتصام مركزي امام وزارة التربية.

وعقدت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية اجتماعاً دعت خلاله الطلاب الراغبين بالتظاهر الانطلاق إلى التظاهرة من منازلهم مباشرة من دون المجيء إلى المدرسة. وقد خرجت مسيرات شموع وقرع على الطناجر في مناطق عدة وأحياء مختلفة في العاصمة بيروت، ما دفع مصادر أمنية للسؤال عن استخدام هذه الطريقة التي استعملت في بدايات الاحداث في سورية! وهل دخلنا في المرحلة الثانية للمخطط؟ ولفتت المصادر لـ البناء الى أن جهات خارجية تحاول إسقاط ما جرى في سورية على لبنان باستخدام الأزمات الاقتصادية والمالية والفورة الشعبية ، وحذّرت من استخدام قريب لورقة النازحين السوريين في لبنان ، مذكّرة بدعوة بعض المشاركين بالهتاف في التظاهرات النازحون جوا وباسيل برا ، متسائلة هل كل ما يحصل من سلوك ومواقف واعتداءات واستفزازات وقطع طرقات تحت عنوان التظاهرات هو محض صدفة أم مخطط؟ وحذرت من خطورة الوضع الأمني، مشيرة الى أن لولا تدخل الجيش اللبناني وفتح الطرقات في خلدة والناعمة والجية وبرجا لكان انفجر الوضع، مشيرة الى أن طريق بيروت الجنوب استراتيجية وحيوية ولا يمكن القبول بإقفالها .

ودخل المتظاهرون الى الأملاك البحرية التي كانت مغلقة أمام المواطنين في الإيدن باي، وإذ حصل إشكال بين المتظاهرين، نفت حركة أمل ما اوردته قناة الجديد عن تصادم بين مناصري الحركة والمتظاهرين أمام فندق الإيدن باي .

وحذّر رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقاء الاربعاء النيابي من أن الوضع في عام 2005 كان أسوأ وأخطر، ولكن لم يكن الوضع الاقتصادي على ما هو عليه الآن ، منبّهاً الجميع الى خطورة المرحلة ، داعياً الى الإسراع في إيجاد الحلول الإصلاحية الاقتصادية والسياسية بما فيها تشكيل الحكومة . وأثار بري الشكوك اللبنانية المدعمة بمعلومات وتقارير دولية حصل عليها تتعلق بأعمال التنقيب عن الموارد النفطية التي تقوم بها شركة يونانية تمتلك شركة «توتال» 40 منها بالقرب من الحدود اللبنانية تتداخل مع المنطقة الاقتصادية الخالصة، إضافة الى تأخر شركة «توتال» الفرنسية المعنية بالبلوك 9 في أعمال التنقيب. وأجرى لهذه الغاية، الاتصالات اللازمة مع الجهات الرسمية المختصة وأرسل موفداً الى فرنسا لمقابلة شركة «توتال».

وأكد رئيس المجلس على ضرورة إقرار القوانين في الجلسة التشريعية والتي هي مطالب الناس المحقة، بالرغم من أن هذه الاقتراحات والمشاريع كانت مدار نقاش ودرس في اللجان النيابية المختصة .

وشهد المسار القضائي أمس، تطوّراً بارزاً تمثل بجملة استدعاءات قضائية لمسؤولين سياسيين كانوا نافذين في السلطة وأبرزهم الرئيس فؤاد السنيورة وموظفون إداريون آخرون، وقرّر النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، الاستماع إلى إفادة السنيورة، حول موضوع صرف مبلغ 11 مليار دولار عندما كان رئيساً للحكومة بين عامي 2006 و2008.

وطلب القاضي إبراهيم من السنيورة الحضور إلى مكتبه في قصر العدل قبل ظهر اليوم. لكن اللافت دخول المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات على الخطّ لتأجيل الموعد بذريعة تعذّر التبليغ، وقال لـ «الوكالة الوطنية للإعلام»، إنه «بسبب تعذّر إبلاغ الرئيس فؤاد السنيورة بموعد جلسة الاستماع اليه لدى النيابية العامة المالية في الدعوى المقدّمة ضده، فقد تقررت جدولة الجلسة من خلال النيابة العامة التمييزية وتحديدها يوم الخميس في 15 الحالي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى