موقع التمهّل في الاستشارات دستورياً وسياسياً

ـ يصدّق الكثيرون وخصوصاً في شارع الحراك الشعبي أنّ مصلحة لبنان هي بتسريع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحديد موعد للإستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة ويغمضون أعينهم سياسياً عن أنّ المرشح الوحيد سيكون لو تمّت الإستشارات غداة استقالة الحكومة هو الرئيس سعد الحريري.

ـ قد يكون المرشح المجمع عليه بعد التمهّل في الإستشارات هو الرئيس الحريري، لكن وفقاً لتفاهمات سبقت تسميته تقيّد تحكّمه بتشكيل الحكومة، بما يجعل التوازن السياسي حاضراً، والذي يضغط للتسمية السريعة لا يريد سوى تعزيز وضعه التفاوضي كرئيس لكتلة نيابية مع سائر الكتل النيابية، فهل هذه هي مهمة الحراك الشعبي؟

ـ من الممكن أن تؤدّي التسمية بلا تفاهم إلى فشل مستديم ومديد في تأليف الحكومة فهل هذا طلب الشعب؟

ـ في أحسن الأحوال سيتحوّل الضغط لتسريع الإستشارات بعدما تتمّ التسمية بلا تفاهمات إلى ضغط لتسريع التشكيل وتحميل الكتل التي تتمسك بمطالبها بالتنازل عنها لصالح شروط الرئيس الحريري فهل هذا هو هدف الحراك؟

ـ من الممكن أن يؤدّي التمهّل لفتح الفرصة لتسمية مرشح آخر والأرجح بالتوافق مع الرئيس الحريري، فما مصلحة الحراك بقطع الطريق على هذه الفرضية؟

ـ تسقط المحاججة هنا من دعاة التسريع فيلجأون للاحتماء وراء الدستور وهو لم يحدّد مهلة للاستشارات، ولهذا معنى إطلاق يد رئيس الجمهورية في التحديد بتوازن صلاحيات يشبه إطلاق يد رئيس الحكومة في تأليف حكومته، والمعنى الدستوري هنا هو ضمان ولادة أسرع وأكثر توازناً للحكومات.

ـ دستورياً ما هو موقع المفاوضات الجارية قبل الإستشارات؟

ـ في بلد يحكمه نظام برلماني ديمقراطي تشكل الكتل النيابية محور الحياة الدستورية والسياسية، ويشكل إسم رئيس الحكومة تفويضاً له لتشكيل الحكومة، ودعاة رفض التفاوض بين الكتل للتفاهم على التسمية هم أصحاب هرطقة دستورية تريد إلغاء البعد البرلماني الديمقراطي للنظام الدستوري لأنّ الكتل ستسمّي رئيساً يشكل الحكومة وفقاً لـ طوله وجماله أو ماله أم لبرنامج يتفق عليه وستتشكل حكومة تعبّر عن تحالف نيابي سياسي لتطبيقه؟

ـ يتفاوض رؤساء الكتل الكبرى وممكن الحدوث طبيعياً أن يكون أحدهم رئيس الحكومة المستقيلة والمرشح الأبرز لتشكيل الحكومة الجديدة، وأن يكون الآخر رئيس التكتل الأكبر نيابياً والداعم لرئيس الجمهورية، والهدف الموضوعي طبيعياً هو تسهيل تسمية رئيس حكومة يسهل عليه تشكيل حكومة تنال الثقة، ومنطقي أن يتمّ التفاوض بصورة لا يملك أحد أطرافها قوة تخلّ بالتوزان اسمها التسمية تسبق التفاهم…

التعليق السياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى