الحريري يختار الصفدي بدل سلام للحكومة… ضمن صفقة متكاملة… ويتنصّل علناً الشارع يرفض التسمية واحتمالات العودة إلى التفاوض على حلول للمأزق الحكومي

كتب المحرّر السياسيّ

على إيقاع يوم أمني طويل ترافق مع تشييع ابن الشويفات علاء أبو فخر الذي سقط أثناء تلاسن مع سيارة عسكرية، خلال قطع طريق خلدة، تخللته عملية قطع طرقات شملت العديد من المناطق اللبنانية، وشهدت ظهوراً مسلحاً في منطقتي تعلبايا وسعدنايل البقاعيتين، وتعرّض الجيش اللبناني خلالها لاعتداءات، شهدت مثلها منطقة جل الديب أثناء محاولة الجيش فتح الطريق ليلاً، في ظل إجماع سياسي ووطني وعسكري وأمني على خطورة مواصلة التساهل مع قطع الطرقات وقد تحوّلت إلى سبب لمجموعة أحداث بات يخشى معها تفاقم الفوضى وصولاً لحدوث ما لا تُحمد عقباه، كما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبدا ليلاً أن قراراً نهائياً اتخذ على مستوى قيادة الجيش والقوى الأمنية بوضع حد نهائي حاسم لكل عمليات قطع الطرقات، التي ستشهد الاختبار الأهم اليوم وخلال عطلة نهاية الأسبوع.

المفاجأة جاءت من المستوى السياسي، حيث أكدت مصادر على صلة مباشرة بالتفاوض الجاري بين رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، وثلاثي الأغلبية الحكومية المكوّن من التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله، أن الجلسة الأخيرة التي جمعت الحريري مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل ووزير المالية علي حسن خليل، قد شهدت تبليغ الحريري لـ الخليلين ، توافقه مع رؤساء الحكومات السابقين على تسمية الوزير السابق محمد الصفدي، بدلاً من الرئيس السابق للحكومة تمام سلام الذي كان المرشح الأوفر حظاً حتى ساعات المساء. وقالت المصادر إن الحريري أكد دعم دار الفتوى للتسمية ومشاركته في الحكومة الجديدة بوزراء يقوم بتسميتهم مشترطاً عدم طرح أي أسماء من خارج عباءة زعامته في طائفته.

سرعان ما تراجع الحريري بعد وضع الاسم في التداول ظهرت الضجة الشعبية التي بدأت في طرابلس، وعمّت ساحات بيروت خصوصاً المعتصمين أمام منشأة الزيتونة باي التي يملكها الصفدي بموجب عقد مع شركة سوليدير يعتبره الحراك الشعبي من علامات نهب المال العام باستثمار أراضٍ تملكها الدولة من خلال حصتها من ردم البحر من قبل شركة سوليدير، مقابل إيجار رمزي هو 2500 ليرة لبنانية للمتر الواحد الذي يعادل ثمنه عشرات آلاف الدولارات، ونشر موقع المستقبل أن الاسم عرض في المشاورات ولكن لا تفاهم ولا نقاش على شكل الحكومة ولا حول المشاركة فيها، بصورة أوحت أن الحريري يرمي عبء التسمية على الآخرين، وينفي وجود صفقة كاملة قام بعرضها تتضمن مشاركته وشروطه للمشاركة.

المصادر المتابعة تحدثت عن فرضية أن يكون طرح الحريري بالون اختبار يؤكد من خلاله لشركائه في الحكومة السابقة أن لا خيار أمامهم سوى العودة للبحث بشروط جديدة للتفاهم معه على تسميته لرئاسة الحكومة، لكن من موقع أفضل بعد أن يكون الشارع قد تكفّل بإسقاط اسم الصفدي. وقالت المصادر لو كان الحريري مخلصاً لفكرة البحث عن اسم بديل لكان اسم الرئيس تمام سلام خياره الأول.

تكثفت الاتصالات واللقاءات في محاولة أخيرة للتوصل الى اتفاق قبل أن يتجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى تحديد موعد للاستشارات النيابية خلال 48 ساعة إذا توصلت المشاورات الى اتفاق نهائي، وذكرت قناة الـ او تي في أن اجتماعاً مرتقباً سيعقد بين رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل لاستكمال البحث في الملف الحكومي.

وقد قدم باسيل بحسب المعلومات طرحاً يقوم على ترؤس الحكومة شخص غير الحريري على أن تسمّي الكتل وزراء التكنوقراط.

أما مصادر نيابية في التيار الوطني الحر فتشير لـ البناء الى أجواء ايجابية لاحت في الساعات القليلة الماضية لكن لم تظهر حتى الآن كاتفاق واضح والامر يحتاج الى 48 ساعة لتبيان الخيط الابيض من الاسود ، كاشفة عن توجّه لدى رئيس الجمهورية لتحديد السبت المقبل موعد للاستشارات النيابية .

وتحدثت المصادر عن صيغتين في التداول: حكومة برئاسة الحريري تضم تكنوقراط محسوبين على أحزاب او حكومة تكنوسياسية برئاسة شخصية أخرى يوافق عليها الحريري، لكن الرئيس عون يطلب ضمانات مؤكدة بأنها ستحظى بموافقة الحريري. وتضيف المصادر بأن فصل النيابة عن الوزارة متفق عليه بين جميع الوزراء إذا تم الاتفاق على باقي النقاط العالقة .

ومساء أمس، عقد اجتماع في بيت الوسط ضم الحريري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل ووزير المال علي حسن خليل للبحث في الشأن الحكومي والبت في صيغة الحل.

وأفادت مصادر بيت الوسط الى أن المشاورات حول البديل مستمرة، والرئيس الحريري يريد ان يكون شريكاً بتسهيل الامور من خلال التوافق على شخصية مؤهلة لمواجهة تحديات المرحلة اقتصادياً ، وأكدت المصادر أن الكلام على ان الفريق المعني بالتكليف يَنتظر جواباً على اسماء مقترحة غير صحيح لأن أجوبة الحريري أصبحت في عهدة رئاسة الجمهورية .

وأكد رئيس الجمهورية خلال لقاءات دبلوماسية في بعبدا أن العمل قائم لمعالجة الاحداث ولا سيما الاوضاع الاقتصادية وتشكيل حكومة جديدة ، مشيراً الى أن المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة وستكون من أولى اهداف الحكومة العتيدة التي نعمل لتتشكل في القريب العاجل .

ومن بكركي أكد باسيل، على وجوب تشكيل حكومة تحظى بثقة الشعب اللبناني في أسرع وقت. وعلم ان باسيل أبلغ البطريرك الراعي أن التشاور بشأن تشكيل الحكومة بلغ مرحلة متقدّمة وأن التيار الوطني الحر قدّم كل التسهيلات، وهو من أكثر المستعجلين لتشكيل الحكومة التي تلبّي مطالب الناس وتحظى بالثقة النيابية والمهم بالنسبة الى التيار هو ولادة الحكومة وتفادي أي خطوة ناقصة قد تدخل البلاد في المجهول او تسبّب مشكلة يصعب الخروج منها، وأكثر ما يقلق الوزير باسيل والتيار هو المحاولة الخطيرة التي يقوم بها البعض لتقطيع أوصال المناطق عن بعضها البعض والدفع باتجاه صدام يؤدي الى الاقتتال وضرب السلم الأهلي ويدخل البلاد في فتنة يتحمل مسؤوليتها اصحاب المشاريع الميليشياوية في البلاد .

وخطف مشهد الاعتداء على الجيش اللبناني في مناطق محسوبة على تيار المستقبل الأضواء، لا سيما في تعلبايا وسعدنايل في البقاع، بعد أن حاول الجيش فتح الطرقات في المنطقة، ما لاقى مقاومة شرسة من بعض قطاع الطرق المحسوبين على المستقبل، ما دفع بمصادر أمنية الى التحذير من أن هذه الممارسات الميليشياوية المخالفة للقوانين تهدف الى تهديد الجيش وإحراجه لإخراجه من أماكن قطع الطرقات واستمرار الاستفزاز بحق المارة لاستدراج الفتنة بعد ان يصبح شارعاً مقابل شارع. واوضحت المصادر لـ البناء أن الجيش بتصديه باللحم الحي لقطاع الطرق يدافع عن الوطن ويدفع الفتنة ويحمي السلم الأهلي ، وذكرت المصادر بـ مشاهد عدوان تنظيمات الإرهابية داعش والنصرة على الجيش في عرسال وبعض مناطق الشمال وهناك مَن يريد تكرار هذا المشهد عبر قطاع طرق بلباس مدني .

وعلمت البناء أن القرار الذي اتخذ بقيام الجيش اللبناني بفتح الطرقات المقفلة نهائي ولا عودة إلى إقفالها. لكن مناطق مختلفة أمس، شهدت اقفالاً للطرقات لا سيما في خلدة والناعمة وبرجا ومجدل عنجر.

وكان وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب أكد بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة أمس، طلب من القضاء العسكري المختص إجراء التحقيق الوافي والسريع بالحادثة الأليمة التي أودت بحياة علاء أبو فخر وعدم حصر التحقيق بالمرافق العسكري الذي أطلق النار كي لا يفلت أحد من العقاب إذا كان مداناً .

على صعيد آخر، اعلنت نقابة موظفي المصارف الاستمرار في الإضراب اليوم اما الهيئات الاقتصادية فطالبت بعد زيارتها رئيس الجمهورية في بعبدا، بالإسراع في تشكيل حكومة جديدة ذات مصداقية، للانصراف إلى معالجة الأوضاع الحياتية الراهنة .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى