الأزمة الحكومية تتعقّد والسنيورة أقنع الحريري بالتراجع عن الصفدي مصادر «البناء»: خطة أميركية لتعميم الفوضى والفراغ وقد يستمرّ حتى الصيف المقبل وخطة مقابلة للمقاومة…

محمد حمية

أضفى انسحاب الوزير السابق محمد الصفدي من سباق التكليف مزيداً من التعقيد على المشهد الحكومي والسياسي، خصوصاً بعد حرب البيانات على جبهة التيار الوطني الحر تيار المستقبل والاتهامات المتبادلة بينهما، فيما كان لافتاً اتهام الصفدي للحريري بأنه تراجع عن وعده بتأييده لتكليفه بتأليف الحكومة. كما كشف بيان التيار بأن الحريري يدرك مَن يدفع باتجاه الفتنة في البلد.

وإذ رفض الصفدي ذكر تفاصيل المفاوضات مع الحريري، أشار في بيان الى أن «المرحلة التي يمرّ بها لبنان مرحلة صعبة ومفصلية وخطيرة وتتطلب منّا جميعاً التكاتف والتضامن ووضع الخلافات السياسية جانباً، وانطلاقاً من هذا الأمر تخطّيت الوعود التي على أساسها قبلت أن أسمّى لرئاسة الحكومة المقبلة والتي كان الرئيس قطعها لي لكنه لم يلتزم بها لأسباب ما زلت أجهلها، فما كان منّي إلاّ أن أعلنت انسحابي». ما يعني بحسب مراقبين بأن الصفدي ربط بين سحب ترشيحه وبين تراجع الحريري عن وعده، وبحسب مصادر «البناء» فإن الحريري كان صادقاً في تسمية الصفدي بتوافق مختلف الأطراف السياسية الأساسية لكن الرئيس فؤاد السنيورة بالتنسيق مع الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام رفضوا الأمر وأجهضوا الاتفاق»، مضيفة أن «مطلب حكومة التكنوقراط الذي يتمسك به الحريري هو مناورة سياسية تهدف لإبقاء الشغور في منصب رئاسة الحكومة، وبالتالي إدخال لبنان بالفراغ الكامل، فالحريري ومن وراءه يدركون أن هذا المطلب مرفوض من قبل رئيس الجمهورية وحزب الله وحركة أمل والقوى الحليفة فهؤلاء ليس منطقياً أن يوافقوا على حكومة تكنوقراط ويسلمون دفة القرار والحكم للحريري والأميركيين والخليجيين».

وكان مكتب الحريري اتّهم في بيان التيار الوطني الحر بالكذب، وأكد ان «الوزير جبران باسيل هو من اقترح وبإصرار مرتين اسم الوزير الصفدي، وهو ما سارع الرئيس الحريري إلى إبداء موافقته عليه، بعد أن كانت اقتراحات الرئيس الحريري بأسماء من المجتمع المدني، وعلى رأسها القاضي نواف سلام، قد قوبلت بالرفض المتكرّر أيضاً». واتهم البيان باسيل بمحاولة «التسلل الى التشكيلات الحكومية». بدوره رد التيار عبر بيان للجنة المركزية للإعلام بأن «سياسة الرئيس الحريري لا تقوم فقط على مبدأ «أنا أو لا أحد» على رأس الحكومة بل زاد عليها مبدأ آخر وهو «أنا ولا أحد» غيري في الحكومة وذلك بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين

وتبقى شهادة الوزير الصفدي المقتضبة واللائقة كافية لتبيان مَن يقول الحقيقة»، وكانت لافتة عودة التيار الى خطابه ما قبل التسوية الرئاسية عام 2016 والى أدبيات «الإبراء المستحيل» وانتقاد سياسات الرئيس الراحل رفيق الحريري، معتبراً أن «أسباب وصول لبنان إلى الوضع الصعب الذي هو فيه تعود الى السياسات المالية والاقتصادية والممارسات التي كرست نهج الفساد منذ 30 عاماً ولا يزال أصحابها يصرّون على ممارستها. وما المعاناة التي مررنا بها وعبّرنا عنها جزئياً في السنوات الأخيرة سوى بسبب رفضنا لهذه الممارسات وإصرار تيار المستقبل على التمسّك بها وحماية رجالاتها».

الى ذلك تستمر بعض مجموعات الحراك في الشارع بمسلسل قطع الطرقات والعصيان المدني في مخطط خارجي مشبوه على حد وصف أحد الخبراء المطلعين والمراقبين لمجريات الأحداث والسياسة الأميركية في المنطقة، ويقول بأن «ما يجري من أحداث في لبنان ليست وليدة اللحظة بل تم الإعداد لها منذ زيارة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو إلى لبنان في 22 آذار الماضي، حيث شكل جبهة داخلية ورثت 14 آذار مؤلفة من الحريري جعجع جنبلاط ومجموعات شعبية أعدّتها السفارة الأميركية وقنوات فضائية محلية وعربية وعالمية والخطة تقضي بالإعداد لمرحلة الفوضى لمدة سنة حتى الانتخابات الأميركية»، فأميركا ترامب بحسب المصدر «لا تريد الانسحاب من المنطقة قبل الانتخابات وفق المعادلات القائمة في ساحات المنطقة، فترامب يريد حجب الهزيمة بإشعال الفوضى، فأشعل العراق ولبنان»، ولا يستبعد المصدر بقاء لبنان بلا حكومة حتى موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة».

وهذه الفوضى تشكلها ثلاثة عناصر بحسب المصدر:

مصرفي: بعض المسؤولين من الفئة الأولى في لبنان التزموا بأوامر أميركا بخنق الاقتصاد مقابل تلقيهم الحماية الأميركية ويتحصنون بحصانة غير مباشرة، إذ إن غياب حكومة يمنع الدولة من إقالتهم من مناصبهم الذي يحتاج الى ثلثي الحكومة. وهذا أحد أسباب إقالة حكومة الحريري.

ديموغرافي: بقاء مجموعات الحراك الموجّه في الشوارع واذا ما انهكت تتدخل الأحزاب مباشرة بقوة لقطع الطرقات وتم توزيع المناطق – جبل لبنان الشمالي للقوات والجنوبي لجنبلاط، فيما يتولى المستقبل مناطق البقاع والشمال والناعمة وبرجا.

وفي هذا السياق أثارت مقابلةٌ لمسؤول العلاقات الخارجية في حزب القوات اللبنانية نديم شمّاس مع قناة «الحدث»، الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي وبين الناشطين. وأعلن المسؤولُ «القوّاتيّ» خلال المقابلة، أن القوّات اللبنانية هي خلف الثورة، قائلاً: «نحن لا نُنكِرُ وقوفنا خلف الثورة، فنحن نَتبَعُ صوت الشعب، ونحنُ جزءٌ منهُ». وأكمل شمّاس، فأكد أن القوّات تَعمَد الى إقفال الطرقات، «لإسقاط الحكومة، ومحاسبة الفاسدين».

العنصر الثالث: اللعب بالأمن عبر محاولات استفزاز محدود لجس نبض ردة فعل المقاومة.

وتشير مصادر مطلعة في 8 آذار لـ «البناء» الى انّ «هذا المناخ التصعيدي الجديد استوجب وضع خطة من المقاومة تناسب الخطة الأميركية بما يعطل مفاعيلها، لكن لم تفصح عن مضمونها».

ودعت ما يُسمّى تنسيقية «ثورة» 17 تشرين في بيان الى بدء تنفيذ خطة صفر موارد للسلطة كوسيلة قوية للضغط والتصعيد من خلال خطوات عدّة منها قطع الطرقات الحيوية وإقفال المؤسسات والمرافق العامة والجامعات والمدارس والعصيان المدني في كلّ لبنان وعدم دفع أي مستحقات للدولة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى