صدور المجموعة الشعرية «تحدّث أيّها الغريب تحدّث» للفلسطيني غسان زقطان

صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط – إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للشاعر الفلسطيني غسان زقطان، بعنوان: «تحدّث أيّها الغريب تحدّث». ومنذ القصائد الأولى للكتاب، نسمعُ بحَّة في الكلمات، في صوت الغريب الذي مرَّ على عجلٍ في دربٍ معتمٍ لم يعد يأتي منه التَّائهون، لكنَّ الشاعر، في غربتهِ المُركَّبة، يصنعُ معجزاتٍ صغيرةٍ تجعلُ من الماضي، حُجَّةً يستعيدُ بها ذكرياتِ طفولةٍ بعيدةٍ، حيثُ المشهدُ الذي تغيَّر جذرياً واستُنزِفت ذاكرتُه عن آخرها يتحوَّلُ إلى ألبومِ صورٍ يبحثُ عن ملامحِ ساكنيهِ. هناك تأصيلٌ شعرِيٌّ يطالُ المكانَ، والنّاسَ والحياةَ وما يتبعُها من تفاصيل، تشبهُ تعاويذ وحُجُب «بائع الغيب» الذي يحفظُ الذِّكريات من أن تضلّ، أو تضيعَ بينَ نظراتِ العيونِ الهائمة، يكتب غسان زقطان:

«رأيتُ الكثيرَ من العيونِ،

تلكَ صنْعَتِي،

سرقتُ خوفَها وألَمها وأحزانَها وبِعتُها لأغرابٍ جاؤوا للفرجة».

مثلَ رحَّالةٍ، لا وجهةَ له، يبدو زقطان وهو يعيدُ رسمَ المدنِ والجبال والطرق والشوارع والأحياء التي يمرُّ بها، أو تمرُّ بها قصيدتهُ، فلا شكَّ أن هذا التقمُّص الحسِّي بينهما، القصيدة والشَّاعر، يعزِّزُ الصِّلة بين الغائب والحاضر، بين القارئ والكاتب، بين الصانع وحرفته، والفلاح وأرضه، والنَّديم وكأسه… فالشَّاعرُ هو هؤلاءِ وأكثر قليلاً…

ولما يكون عابر الطريقِ تائهاً سيدلُّه أحدُهم، على «بلدةٍ متربةٍ تُحيطُ منازلُهَا بحانةٍ وحيدةٍ كما يُحيط السوار بالمعصم»، وحين يُطرق جرسٌ خشبيٌّ، سيسمَعُه وهو صغير هناك، «حيثُ يجفِّفُ أطفالٌ ميّتون ثيابَهُم على ضفّةِ النهر»، وسوفَ يعودُ الغريب إلى غريبهِ ليسألَه:

كيف أتبعُكَ، أيّها الغريبُ،

وقد منعَني أبي من النظرِ إلى الشّمالِ،

وزجرتْني أُمّي كما تزجرُ الطير؟».

يضمُّ الكتابُ 22 قصيدة موزّعة على 80 صفحة من القطع الوسط، وضمَّ تصميماً للخيول لمكسيم زقطان وصور التقطها الشاعر غسان زقطان.

غسّان زقطان شاعر وروائي فلسطيني، ولد في بيت جالا وعاش في الأردن وبيروت ودمشق وتونس. حصل كتابه «كطير من القش يتبعني» على جائزة ريفين للشعر 2013. حاصل على جائزة محمود درويش للإبداع، وعلى وسام الشرف الوطني اعترافاً بإنجازاته في الأدب العربي والفلسطيني. يعمل مستشاراً للسياسات الثقافية في مؤسسة «ويلفير أوسوسيشن» وعضو المجلس التنفيذي لمؤسسة محمود درويش. يكتب عموداً أسبوعياً في جريدة الأيام الفلسطينية، ويعيش في رام الله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى