فليسقط خيار الزيتون!

ماجدي البسيوني

«هذا الاحتلال الفاشي سيرحل وسنستمرّ في المقاومة على كامل الأرض الفلسطينية»… آخر ما نطق به الشهيد رقم 2625 زياد أبو عين وهو يحتضر ويلفظ أنفاسه الأخيرة على الهواء مباشرة من جراء الخنق بأيادي الصهاينة، والضرب في سويداء قلبه، بعد أن «ضبط» ورفاقه متلبّسين وهم يغرسون أشجار الزيتون على أراضيهم التي يريد الصهاينة اغتصابها واستيطانها.

أبى زياد أبو عين أن يرحل من دون أن يؤكد أنّ المقاومة هي الطريق الأوحد لتحرير كامل التراب الفلسطيني، وأنّ رفع شجرة زيتون في مواجهة السلاح الصهيوني هي خدعة عشنا نردّدها عشرات السنين ولم تثمر سوى المزيد من الاحتلال والمزيد من القتل ومحو ما تبقى من الخريطة.

النفَس الأخير لزياد أبو عين كان يستصرخ كلّ من لم يزل يراهن على الحلّ بالتفاوض ما بين القاتل والذبيحة بأن يكفوا فلا حلّ سوى بالمقاومة على كامل الأرض.

زياد أبو عين نطق بالشهادة قبل أن يلفظ النفس الأخير مُقراً بأنّ خيار غصن الزيتون سقط، وأنّ ما يُسمّى بالتبادل الأمني ما هو إلا فرع من فروع «الشاباك» وسهولة التخلص ممّن يريدون التخلص منه دون عناء يذكر، ألم يكن زياد واحداً من المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وتمّ الإبلاغ عن تحركاته وقيادته لمسيرة الزيتون، وبالتالي سهل القضاء عليه والتخلص من المسؤول الأول عن متابعة الاستيطان الصهيوني خطوة بخطوة، ألم تكن آخر جملة خطها بيده على حسابه قائلاً: «اليوم هو اليوم الوطني لسواعد الأرض».

أدرك زياد أبو عين أنّ التمادي عن خط مرسوم سلفاً من قبل الاحتلال الصهيوني الفاشي ـ على حدّ قوله ـ من قبل أيّ من مكوّنات السلطة الفلسطينية، شخصاً كان أو جماعة الموقعين على «اوسلو»، بكلّ بنودها وبكلّ ملاحقها المعلنة والمخفية، مصيره القتل سواء أكان الرئيس ياسر عرفات بعد رفضه التسليم الكامل في «كامب ديفيد» أو كان زياد نفسه الذي خرج يرفض ضمّ 300 دونم لإقامة مستوطنة صهيونية، ولهذا شهد لحظة خروج النفس الأخير أنّ طريق المقاومة على كامل التراب الفلسطيني هو الحلّ الأوحد ولا حلّ سواه.

لكن الحقيقة المؤكدة التي يدركها ويعيها كلّ فلسطيني سواء أكان يعيش على كلّ التراب الفلسطيني أو كان يعيش في المنافي قسراً أو طوعاً أنّ المقاومة المسلحة التي تخلت عنها السلطة يوماً ما، كانت بمثابة طعنة في سويداء قلب القضية، لا تقلّ عن طعنة اتفاقية «كامب ديفيد» التي خان السادات بإرتكابها الوطن كله… كما يدركون أنّ خيار المقاومة الوحيد الناجع يعني تفعيل ما سبق وأعلنته السلطة بإلغاء الكفاح المسلح على كامل التراب واعتبار كافة التعهّدات نسياً منسياً… فما معنى أن تلتزم الذبيحة بعدم تضميد جراحها بينما يتمادى القاتل في المزيد من جز الرقاب…؟

المقاومة على كامل التراب الفلسطيني لا تعني الانتظار حتى تتخلص الفصائل والحركات من أجنداتها التي صار استمراء رائحة النفظ ونعيم النفط يحرق جذورها بعد أن أدخلها بكل «حماسة» إلى قفص المعاشرة الحرام!

لا معنى على الإطلاق لكلّ المبادرات التي منحت الكيان الصهيوني صكوك الإمعان في الاحتلال، وليس حمل ما يُسمّى بالمبادرة العربية الاولى أوالمعدّلة أقلّ من حمل الأكفان والذهاب بها للقاتل… في مصر يذهب القاتل بكفنه طالباً الصفح من أهل المقتول، صرنا نحن المقتولين والمغتصبة أراضينا وعرضنا نذهب إلى القاتل المغتصب نحمل أكفاننا طوعاً إمعاناً في الخنوع.

أعمى البصر والبصيرة من لا يعي أنّ المخطط الكوني على كامل الوطن العربي المسمّى أميركياً وصهيونياً «الربيع العربي» كان أول وقوده هم الفلسطينيون سواء أكانوا في العراق أو سورية أو لبنان أو ليبيا، وحتى مصر، وأنّ أوراق القضية هنا أو هناك هي أول من تمّ التهام النيران فيها أو تخزينها بقباء تعيس فيها القوارض وتسبح بين ادابيرها العتة والعته.

المقاومة على كامل التراب الفلسطيني لا تحتاج إلى قرار يصدر من هنا أو من هناك، وحده الشعب الفلسطيني الذي يتنفّس سموم الاحتلال ويعي أنّ استمراء الوضع الحالى لا يعني سوى انتظار الدور في طابور الإبادة لكلّ ما يسري الدم الفلسطيني في عروقه، فعلى من يريد الحياة الخروج من طابور الخنوع.

Magdybasyony52 hotmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى