السلمان ومؤسسة القمع البحرينية!

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

لا مجال لاستمرار الوضع في البحرين على حاله. العالم العربي يتجاهل ما يحصل هناك والعالم الغربي لا يعنيه أمر الناس الذين يتعرضون لأبشع أنواع الاضطهاد السياسي والأمني في زمن سمّوه هم الربيع العربي لأنّه يكشف تطلعات الجماهير وآمالها في الحرية والديمقراطية، غير أنّ ما عرفناه ليس إلا القشرة الخارجية التي لا مناص من الغوص في أعماقها إذا ما أردنا كشف الحقيقة. الحقيقة التي تقول إن هذا الربيع ليس إلا مصادرة لأمن الشعوب وسرقة لثرواتها. فأي ربيع هذا الذي بسبب ارتباط شعب بحقوقه الإنسانية والسياسية تخرج مؤسسة القمع الملكية البحرينية بإجراءات تمنع على الأفراد أن يكونوا مواطنين، بل تصر على تصنيفهم كجماعة طائفية لكي تبرر سياساتها البشعة وممارساتها التي تجسد التسلط والقهر. أي ديمقراطية ويمنع على الشعب البحريني أن ينتخب ممثليه بحرية على أساس قانون انتخابي عادل وانتخابات نزيهة. أي ربيع ومئات المعتقلين في السجون لأنهم طالبوا بالإصلاح وحرية التعبير. وأخيراً اعتقال أحد رموز المعارضة الشيخ علي السلمان بطريقة منافية لما تروج له الطغمة الحاكمة من أنّ المملكة هي مملكة الإنسان والعدل والمساواة والقانون. في الواقع تصرفات هذه الطغمة تؤكد سواد قلبها وخبث روحها وعته عقلها بعد سنوات من مطالبة الشعب البحريني بحقوقه وكأنّ لا حياة لمن تنادي وأيضاً لا إحساس بأنّ المنطقة مليئة بالأحداث والتحولات الخطيرة!

ومن البحرين إلى المنطقة الغموض يلّف كل شيء وليست هناك مؤشرات كافية على أن العام الجديد سيكون عام التسويات وتوقف الحروب. وما يشاع من أجواء تفاؤل لا تعبر بالكامل عن الحقائق وإنما هي مجرد أمنيات تتضارب الآراء حول إمكانية ترجمتها في ظل التصادم والتناقض بين مصالح الدول الصغيرة منها والكبيرة.

العمدة في أي استقرار نموذجي في المنطقة يكمن في استعادة الفلسطينين حقوقهم الكاملة، وخروج القوات الأجنبية المحتلة بلا قيد أو شرط، وإستعادة الأمم المتحدة دورها الوازن في تعزيز الروابط القيمة والاقتصادية والثقافية بين الشعوب والدول بما يفتح أفقاً في جدار هذا العالم الذي تحوّل إلى غابة يستند القانون فيها إلى الأقوى. ولا تزال الدول القابضة على مقدرات العالم تتعامل مع كثير من القضايا باستعلاء ولا مسؤولية، خصوصاً قضايا أمتنا ومنطقتنا حيث يلتزمون منهجاً يقوم على تأجيج المشاعر المذهبية والطائفية والعرقية وإشاعة الفوضى والتخريب وتهشيم الدول الوطنية بغرض الاستيلاء على ما تبقى من ثروات. لذلك من العبث أن ترفع هذه الدول شعار حقوق الإنسان والديمقراطية فيما تكرس بنفسها ظلم الإنسان والاستبداد بطرق فظة. فأي سفه وفجاجة ووقاحة من هذه الدول التي جعلت الاستقرار في أكثر بلدان العالم أمنية بعيدة، ومن السلام مطلباً لا يُنال.

من هنا تأتي وحدة المسلمين ملحة على أساس ثقافة إنسانية شاملة، ووحدة العرب ضرورية على قاعدة حضارية تتجلى فيها معاني اللقاء والحوار والتسامح والتعددية كي تلتقي طموحات الإنسان مع رسالة السماء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى