غطاس خوري «في غير محله ولا يطابق الحقيقة»

ناصر قنديل

أوضحت الأمانة العامة لمجلس النواب في بيان أنه رداً على ما ورد في شهادة النائب السابق غطاس خوري في جلسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بتاريخ 15/1/2015، أن «مجلس النواب عقد جلسة عامة له بتاريخ يوم الجمعة 3/9/2004 لمناقشة وإقرار مشروع القانون الدستوري الوارد بالمرسوم رقم 13259 الرامي إلى إضافة فقرة إلى المادة 49 من الدستور التي تنصّ على «لمرة واحدة وبصورة استثنائية، تستمرّ ولاية رئيس الجمهورية الحالي ثلاث سنوات تنتهي في الثالث والعشرين من تشرين الثاني 2007». وأضاف البيان أنه «وفقاً للآلية القانونية والدستورية وعملاً بأحكام المادة 81 من النظام الداخلي جرى التصويت على هذا القانون برفع الأيدي والمناداة، وصدّق بأكثرية 96 نائباً ومعارضة 29 نائباً». وأوضحت الأمانة العامة أنه لم يجر في هذه الجلسة التشريعية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبالتالي فإنّ اللجوء إلى صندوق الاقتراع غير وارد في مثل هذه الجلسة. وقد وقع النائب السابق خوري في الخطأ، وخلط بين الجلسة التشريعية لتعديل الدستور وبين جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. وعليه فإنّ ما ورد على لسانه أمام المحكمة الدولية هو في غير محله ولا يطابق الحقيقة.

ليس ما قاله النائب السابق غطاس خوري عن التصويت على قانون وكيفيته في غير محله ولا يطابق الحقيقة، فقد بدا هو في غير محله ولا يطابق الحقيقة، فوجوده أمام المحكمة كشاهد صار موضع تندر من القضاة أنفسهم والمترجمين، وانهالت عليه الملاحظات حول عدم الدقة وعدم التمكن وعدم الوضوح والتهرّب والتحدّث عن أشياء ليس طرفاً فيها قرأها في صحيفة أو سمعها في نشرة أخبار كمثل حديثه عن الحرب على العراق وتقديمه تحليلاً للجغرافيا السياسية للمنطقة بعدها أو تحليله للقرار 1559 واتفاق الطائف.

المهمّ هو ما ادّعى خوري أنها مواضيع شهادته، أيّ ما يتصل بأحداث كان طرفاً فيها فإذا به في غير محله وغير مطابق للحقيقة، على سبيل المثال ما سرده عن قرار بتجميع التكتلات المعارضة لسورية اتخذه الرئيس رفيق الحريري بعد التمديد بساعات وكلفه بتنفيذه، فلو وضعنا هذا الكلام مقابل ما ورد في شهادة النائب مروان حمادة حول ذات الموضوع، وهو أقرب إلى الحقيقة من خوري الذي اعترف أنه ترك العاصمة لأيام بعد التمديد، فحمادة قال إنّ القرار اتخذه النائب وليد جنبلاط وكان الحريري معارضاً له والسعي لضمّ الحريري كان هدف جنبلاط، لكن الحريري بحسب حمادة كان مقتنعاً بقدرته على تشكيل الحكومة الأولى بعد التمديد، والأمر استمرّ لأكثر من شهر، فكيف يكون «بريستول 1» الذي عُقد بعد عشرين يوماً من التمديد من تحضير غطاس العائد إلى بيروت بعد التمديد بأيام والمسافر منها كما قال قبل المؤتمر بأيام، على ما يذكر في مؤتمر طبي، ولو كان هذا هو السبب فلماذا غاب باسل فليحان أيضاً، أليس لأنّ الحريري كان لا يزال يأمل بتشكيل الحكومة التي حرمه جنبلاط فرصة تشكيلها برفضه المشاركة، وهي كما قال حمادة أرادها الحريري حكومة وحدة وطنية جامعة ولا تكون كذلك من دون جنبلاط، وليس لأنّ كلّ التشكيلات التي أرادها الرئيس الحريري رفضت، وكيف تكون جامعة وهو يريدها بمشاركة قرنة شهوان أيضاً، والقرنة وجنبلاط متفقان على عدم المشاركة كما قال حمادة.

ما قاله غطاس عن لقائه بالرئيس بشار الأسد وروايته أنه تمّ في الرابع والعشرين من أيلول عام 2004 أيّ بعد التمديد مثيراً للسخرية والضحك، وقد أضحك كلّ من استمع وخصوصاً القضاة، وهو طلب اللقاء من الرئيس الحريري أملاً بدخول نادي المرشحين الرئاسيين بمباركة الرئيس الأسد وتمنّى عليّ الرئيس الحريري المساعدة في ذلك لزميل في الكتلة تربطني به صداقة ومودّة، وفعلت بأن تمنيت على العميد رستم غزالة الذي كان غطاس يمتدحه دائماً، على عكس ما قاله بحقه في شهادته، ويعلم غطاس ذلك جيداً وبالتأكيد تمّ اللقاء قبل التمديد، وبالتأكيد كان اللقاء لمنح غطاس شرفاً كان يطلبه.

ما قاله غطاس عن بطولة رفضه للتمديد، ومفاجأة الرئيس الحريري بذلك وتوسّط النائب باسل فليحان لمصالحتهما حكاية من نسج خيال غطاس، أو كلها هذيان، فكلّ أعضاء الكتلة النيابية سمعوا الرئيس الحريري يقول في جلسة الكتلة التي طلب فيها الرئيس الحريري من الجميع المشاركة في الجلسة النيابية والتصويت مع التمديد تحت طائلة الخروج من الكتلة وعدم الترشح على لوائح الرئيس الحريري في الانتخابات المقبلة، سمعوا منه يقول واستثني النائبين غازي العريضي وغطاس خوري الأول لأنه في كتلة وليد جنبلاط كحليف والثاني مراعاة لكونه تعاطى كمرشح رئاسي.

السؤال طبعاً لغطاس كيف يكون الرئيس الحريري قد وافق على التمديد خوفاً على شخصه أو عائلته والأهمّ كما قال غطاس على ناسه وبلده، من التهديد السوري بتكسير بيروت فوق رأسه ورأس وليد جنبلاط، وهو يعلم أنّ هناك قراراً دولياً سيساند الوقوف ضدّ التمديد، وفجأة لا يخاف من ذلك وعلى ذات الناس والبلد ويقرّر خوض معركة انتخابية يشترك فيها مع خصوم سورية وتحت شعار إخراجها من لبنان وبعدما بات مع سورية رئيس جمهورية دستوري هو من الذين صوّتوا له وهو من اقترح تعديل الدستور لتمديد ولايته؟

السؤال أيضاً كيف يهدّد الحريري النواب بعدم قبولهم مرشحين على لوائحه إذا لم يشاركوا في التصويت لصالح التمديد، ويريد تشكيل لوائح قوامها الرفض للتمديد؟

السؤال للقضاة اللبنانيين المشاركين في المحكمة كيف مرّ كلام غطاس عن التصويت والدستور، ثمّ كلامه المناقض لكلام حمادة ولم يخطر في بالهم إلا أن يوجهوا له أسئلة سطحية لا قيمة لها إلا كتوزيع أدوار بين الكومبارس في مسلسل هابط يقرأ الممثلون أدوارهم على الورق أمام الكاميرات؟

يبقى أن أقول إنّ الرئيس الحريري قال لي في جلستنا الشهيرة في الخامس من شباط قبيل اغتياله بأيام عندما أراد إعادة الوصل بسورية وحلفائها والسعي إلى التفاهم على قانون انتخابات، أنه أرسل غطاس وباسل للمشاركة في البريستول عندما صدّق أنّ قانون الانتخابات الذي يتبناه الرئيس إميل لحود والوزير سليمان فرنجية على أساس الأقضية، هو قرار سوري، وأراد بهذه المشاركة أن يقول للسوريين لا تخسروني وتدفعوني إلى المعارضة فمكاني ليس هناك.

بكل أسف كان غطاس في غير محله ولا يطابق الحقيقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى