في الطريق إلى موسكو هيئة التنسيق هيئة بلا تنسيق…

سعد الله الخليل

في سابقة من نوعها في العمل السياسي على المستوى التنظيمي والتشاوري تركت هيئة التنسيق المعارضة لأعضائها حرية المشاركة في «اللقاء التشاوري» في موسكو في 26 من الشهر الجاري، والذي يمهّد لحوار سوري ـ سوري، ويأتي قرار الهيئة بعد أن بدا واضحاً اتجاه «الائتلاف» لرفض المشاركة في اللقاء.

لم يعد خافياً على أحد حجم الجدية في الموقف الروسي حيال إنجاح اللقاء وعقده بمن حضر، وما كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنّ المتخلفين عن الحضور وحدهم سيكونون الخاسرين، سوى غيض من فيض تلك الجدية في التعاطي مع الشأن السوري، والذي لم يعد يحتمل منح الفرص للآخرين، خاصة بعد أن ثبت فشل مشاريعهم، وفي ميزان الربح والخسارة ستلعب السياسة لعبتها وما أن تدور عجلة الحوار ربما سيكون من الصعب على الرافضين اللحاق بالركب مستقبلاً… وربما يلحقون تعبين لاهثين ما يصعب عليهم الكلام… وربما يستمع لهم أحد وربما لا… هكذا يقتضي منطق الأشياء وهكذا تقاس الأمور.

قبل أيام من انعقاد اللقاء تبلورت المواقف وانجلت الخلفيات الدولية حيال اللقاء، فواشنطن اتخذت قرارها بعدم عرقلة اللقاء بعد أن أيّد وزير الخارجية جون كيري عقد اللقاء بقوله «قد تكون الخطوة مفيدة»، فيما السعودية سلمت الملف السوري بعد فشلها بتحقيق أيّ تقدم على الأرض لتركيا الرافضة والمعرقلة لأيّ خطوة باتجاه الحلّ، والتي ما تزال تراهن على داعشيتها ومن هنا يأتي رفض «الائتلاف» المشاركة.

تدرك موسكو وهيئة التنسيق أنّ سير شخصيات الهيئة بدرب موسكو للقاء سيمنح اللقاء والهيئة قوة ومكاسب كبرى، خاصة بعد أن ثبت سقوط شعارات ومصطلحات المعارضة السياسية المسلحة، بسيطرة «داعش» واحتوائها كلّ الكيانات المعارضة الأخرى وفشل «الائتلاف» بنيل اعتراف بمرجعية سياسية لأيّ فصيل مقاتل على الأرض، وبعد إعلان صالح مسلم الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي مشاركته في لقاء موسكو وهو الجناح الوحيد في هيئة التنسيق الذي يملك فصيلاً عسكرياً على الأرض، والمتمثل بوحدات حماية الشعب والتي نجحت بالربط بين الجناحين السياسي والعسكري، يبدو أنّ الثقل العسكري المعارض سيغلب على الحضور السياسي في اللقاء في حال غياب ممثلي الهيئة ولذلك تغدو مشاركتهم محاولة لإحداث توازن بين العسكر والسياسة.

رغم أنّ قرار الهيئة يشكل سابقة في العمل السياسي بترك الخيارات مفتوحة بين المشاركة وعدمها وهو ما لم يسبقها إليه أيّ فصيل سياسي بتاريخ العمل السياسي أمام استحقاقات مصيرية كبرى، إلا أنّ قرار الهيئة يأتي استكمالاً لسياستها في القفز على المواقف واللعب على الحبال قتارة مع وتارة ضدّ فهي اليوم تترك الأبواب مفتوحة بدلاً من إصدار الأحكام المستقبلية على المشاركة ويجنّبها الرفض المطلق أو القبول المطلق ما يستدعي فرض الحرم السياسي على المخالفين الرأي ووصفه بالإبن العاق.

يدرك الشارع السوري أنّ الهيئة مزيج من القوى السياسية التي تخفي مرجعياتها بين روسية أميركية مصرية تركية، إلا أنه لم يميّز مَن المحسوب على مَن… وهو ما نجحت الهيئة في إخفائه وربما حسناً فعلت موسكو بتوجيه دعوات شخصية للمعارضة السورية كي لا توقعهم في حرج الخيارات أمام مرجعياتهم.

اليوم أمام الرأي العام فرصة تاريخية نادرة قد لا تتكرّر لمعرفة تبعية تلك القوى والشخصيات من مواقفها من اللقاء وسينظر السوريون يوم الثلاثاء السابع والعشرين من الشهر ويتابعون المواقف والتصريحات، ومن مواقف المشاركين تعرف مرجعياتهم، فجناح موسكو سيحضر ويشارك بفعالية وسعي جدي لإنجاح اللقاء، أما الجناح الأميركي فسيذهب على مضض من دون أن يعطل أي تسويات، أما الجناح المصري فذاهب من دون أي تفائل بفرص للنجاح، وحده الجناح التركي سيرفض الذهاب ومن خارج أسوار موسكو سيعطل أيّ فرصة للتسوية.

اقتربت ساعة اللقاء وحانت لحظات حسم الخيارات والمرجعيات وفي الطريق إلى موسكو تبدو هيئة التنسيق… هيئة بلا تنسيق.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى