القائد بالقائد والقصاص المنتظر

حسين الديراني

لا شك أنّ العدو الصهيوني سجل هدفاً قاسياً في ملعب المقاومة، وسجل خرقاَ أمنياً تجاوز به كلّ الخطوط الحمراء التي رسمتها المقاومة وسيدها.

خسارة المقاومة كانت الأقسى بعد استشهاد القائد العسكري الكبير الحاج عماد مغنية «الحاج رضوان» عام 2008، وشاء القدر أن يكون نجله الشهيد جهاد عماد مغنية بين الشهداء القادة الذين ارتقوا في العدوان الصهيوني الأخير في القنيطرة السورية، خلال تفقدهم لموقع عسكري متقدم للمقاومين المتواجدين بالقرب من مزرعة الأمل التي تقع في مثلث يسيطر عليه الاحتلال «الاسرائيلي» من جهة الجولان المحتلة، وجانب يسيطر عليه مقاتلو «جبهة النصرة» الارهابية الذين تربطهم علاقة تعاون وتنسيق وتبادل معلومات مع الكيان الصهيوني، وبات ذلك معروفاً ومكشوفاً، وليس بحاجة إلى دليل من خلال التقارير الواردة الموثقة للعلاقات بين الطرفين، وعلاج المصابيين من مقاتلي «جبهة النصرة» في المستشفيات «الاسرئيلية» الميدانية، ومن خلال الفرحة العارمة للعدو الصهيوني بهذا «الإنجاز» الأمني.

هذه العملية المؤلمة سوف تشغل قيادة المقاومة لبعض الوقت للتحقيق في كيفية وصول العدو الى معلومات دقيقة عن تحرك سيارتين تقلان قادة المقاومة الى موقع عسكري متقدم للمقاومة، واستهدافهم بطائرات مروحية قتالية، ومن المرجح أنّ هناك خرقاً أمنياً مكن العدو من تحقيق هدفه.

هل جاءت العملية تحدياً للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد يومين من حواره مع قناة «الميادين»؟ والتي قال فيها «إنّ أيّ اعتداء على محور المقاومة لن يبقى من دون ردّ».

نستطيع القول إنّ الاعداد لعملية نوعية تستهدف قادة من المقاومة في سورية تحتاج أكثر من يومين لتنفيذها وضمان نجاحها، وحين أُتيحت له الفرصة لتنفيذ تلك العملية الإجرامية لم يلتفت الى الخطوط الحمر التي رسمها سيد المقاومة، بل نفذها وهو يدرك أنه يواجه عدواً شرساً، قوياً، فطناً، ذكياً، يدرك أنّ المعركة استراتجية طويلة الأمد، وليس ميليشيا تسارع الى الانتقام والثأر من دون دراسة وتخطيط للتنفيس عن الغضب العارم جراء فداحة الخسارة.

من يتابع القنوات والصحف «الاسرائيلية» يدرك حجم الهلع والخوف في الشارع «الاسرائيلي» من الانتقام الآتي، وهذا وحده انتقام، ولكن انتقام العدو من نفسه، فكيف إذا كان الانتقام آتياً على يد المقاومة. وهل كلّ ذلك هلع وخوف؟ أم استدراج وتشجيع على الوقوع في الفخ الاسرائيلي؟ أسئلة لا يعرف دقة جوابها إلا سيد المقاومة حين يظهر ويقول كلمة الفصل في هذا التحدّي الكبير.

لا شك ولا ريب انّ العدو الصهيوني إرتكب تلك الجريمة الشنعاء مستعيناً بعملائه، ليحقق أهدافاً كثيرة مع علمه ويقينه أنّ الردّ سيكون قاسياً ومدوياً ومؤلماً، ويتمنى أن يكون سريعاً لأنه يمسك ببعض أوراق القوة، أقواها وجود حلفائه الإرهابيين التكفيريين على الأراضي السورية، وفي القنيطرة تحديداً، واللبنانية، والعراقية من «النصرة» و»داعش»، وبقية التنظيمات الإرهابية، لكن المقاومة تدرك كلّ ما يدور في عقل هذا العدو الغاشم الشرس، وتدرك نقاط قوته ونقاط ضعفه، ومن أهداف هذا العدو استدراج المقاومة إلى حرب يختار توقيتها وزمانها ومكانها، ومن المؤكد أنّ المقاومة لن تمنحه التوقيت الذي يختاره ويناسبه، بل التوقيت الذي تختاره وتحدّده المقاومة.

من أهداف العدو تخريب المفاوضات الجارية في الملف النووي الايراني بين الجمهورية الإسلامية الايرانية والدول الست، والتي وصلت الى مراحل متقدمة قبل الإعلان عن اتفاق نهائي تحصل بموجبه إيران على حقها الطبيعي في تخصيب اليورانيوم لاستخدامه في مفاعلاتها النووية للأغراض السلمية، ويمنحها دوراً كبيراً في محاربة الإرهاب في المنطقة، ودوراً محورياً وريادياً بين الدول الإقليمية، وكانت «إسرائيل» والسعودية تتباهيان في تعطيل الحلّ النهائي للملف النووي الإيراني في كلّ مرة تلوح في الأفق الوصول اليه.

هدف ثان يتعلق في انزعاج العدو من الحوار المتقدم بين حزب الله وتيار المستقبل، والذي سوف يؤدّي في طبيعة الحال الى الاستقرار السياسي وانتخاب رئيس جديد للبنان، وقد حقق العدو هدفه في هذا المجال من خلال إعلام تيار المستقبل و14 آذار الذي وصف شهداء قادة حزب الله بـ»القتلى»، وعادت التصريحات الشاذة لكلّ من النائب أحمد فتفت والوزير أشرف ريفي وغيرهما من مسؤولي 14 آذار.

وهدف آخر شخصي لرئيس وزارء الكيان الصهيوني ناتينياهو لرفع رصيده في الانتخابات المقبلة، ولكن من خلال تعليقات المستوطنين «الاسرائيليين» المرصودة على شبكات التواصل الاجتماعي والصحف «الإسرائيلية» على عملية القنيطرة والتي وصف فيها كثيرون نتنياهو بأنه «أحمق ومغامر بسلامة «اسرائيل» وشعبها لأجل الانتخابات».

كلّ العالم اليوم، الصديق والعدو، ينتظر ردّ المقاومة على هذا العدوان، الصديق ينتظر الردّ بفارغ الصبر للتنفيس عن حالة الغضب التي ألهبت صدره، وأدمت قلبه، وأدمعت عينيه. أما العدو ينتظر الردّ ليعرف حجمه وسعته وخريطته وكيفيته وزمانه ليستقرّ، وليعرف مصيره… هل ينام فوق الأرض ام تحتها، قبل ان يقول: «يا ليتني مت قبل عدواني هذا وكنت نسياً منسياً».

كثيراً من التحليلات والتوقعات عن ردّ المقاومة متى وكيف؟ منها من ذهب الى حرب شاملة، ومنها الى عدم القدرة على الردّ، ومنها رداً الى أجل مسمى، ولكن المتيقن منها أنّ الردّ سيكون مؤجعاً ومؤلماً وقاسياً بحجم الجريمة التي ارتكبها العدو، القائد بالقائد، والعميد بالعميد، والجنرال بالجنرال، ولن تغمض عين العدو بعد اليوم، بقاؤه بات مرهوناً بإشارة من إصبع سيد المقاومة، والردّ المنتظر أصبح من الناقورة الى آخر الجولان حيث يتواجد جنود صهاينة يتحرّكون على الأراضي الفلسطينة والسورية المحتلة، وفي الوقت الذي تحدّده قيادة المقاومة، الوقت الذي يكون فيه العدو عاجزاً عن الردّ او الاندفاع نحو حرب شاملة في المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى