«ملاجئ القلق الإسرائيلية»

يوسف المصري

لن يمرّ الاعتداء «الإسرائيلي» في القنيطرة من دون ردّ. هذا التقدير يجمع عليه «الإسرائيليون». ولكن السؤال هو عن ظروف الردّ زمنياً وجغرافياً. تل أبيب لديها سوابق وتجارب ماضية ذات صلة بحرب اللكمات العسكرية بينها وبين كلّ من حزب الله وإيران. وفي جميعها لحق بها الندم بحسب ما قالت «معاريف» أمس. وهناك الآن تقدير موقف للوضع الحالي في «إسرائيل» يفيد بأنّ جبهة الاشتباك التي باتت واسعة جغرافياً مع حزب الله تعيش لحظات شبيهة بتلك التي مررنا بها عشية حرب تموز عام 2006. ولكن هذه المرة قرار المبادأة بالحرب بيد الحزب وليس بيد «إسرائيل» بفعل أن الأخيرة هي التي بدأت بخرق قواعد اللعبة.

هل يكون صمت الحزب حتى الآن هو لحظات ما قبل هبوب العاصفة؟!

يبدو واضحاً أنّ الصمت الممارس اليوم من قبل الحزب تجاه عدوان القنيطرة، يعتبر تكتيكاً جديداً في تعاطي حزب الله مع لحظات حافة الحرب الراهنة.

وفي كلّ الأحوال فإنّ هذا الصمت محسوب، فيما لو نظرنا إلى كلفته على «إسرائيل». فالمستوطنات في الشمال تتصرف الآن وكأنها في حالة حرب. مستوطنوها يقيمون منذ الإعلان عن العدوان في الملاجئ، خشية أن ينهار فجأة سكون الجبهة الشمالية اللبنانية «الإسرائيلية». ثمة تعليق ذكي في هذا المجال يقول إن حزب الله بامتناعه حتى الآن عن إعلان موقفه، جعل سكان المستوطنات الشمالية ينزلون إلى «ملاجئ القلق» منتظرين ماذا سيقول السيد حسن نصر الله.

ولا شك أن هذا الأمر يعكس عمق القلق الموجود لدى الجبهة الداخلية «الإسرائيلية» من إمكانية اندلاع حرب مع حزب الله. وأكثر من ذلك يعكس أيضاً نوعية الهيبة العميقة التي للحزب في عيون مستوطني الشمال. وإذا كان صمت نصر الله جعل المستوطنين ينزلون إلى ملاجئ القلق، فإن قراره بالرد سيرغمها حتماً على هجر منطقة الجليل والبحث عن ملاجئ في وسط فلسطين ليختبئوا بها.

والواقع أنه خلال الساعات الـ 48 الماضية نجحت مدافع صمت الحزب في شل الحركة بمستوطنات الشمال ونام معظم قاطنيها في الملاجئ احتماء من قلقهم. حصل هذا في حين أن الحزب لم يعد بعد طلقة واحدة، بل ولم يقل بعد كلمة واحدة. ومن وجهة نظر عسكرية، فإن «إسرائيل» لو وقعت الحرب سيبدأها من نقطة أن جبهتها الداخلية ساقطة نفسياً وعسكرياً وسياسياً. في حين أن الصورة على المقلب اللبناني من الحدود هي عكس ذلك تماماً. مواطنو قرى الجنوب يعلنون أنهم باقون في أرضهم ويستعدون لتوديع شهدائهم الذين باتت قوافلهم تعبر عن أن الشهادة على طريق المقاومة لم تعد فقط إرثاً شعبياً بل أصبحت إرثاً عائلياً ينتقل من الجد للأب وللابن والحفيد.

معركة الرد لم تبدأ بعد، ومع ذلك المقاومة تثخن العدو بجرحى قلق وبهلع يتم تسديده من مدافع عملاق اسمه المعنى الجديد للمقاومة المحتفلة هذه الأيام بعيد ولادة جيل شهدائها الثالث.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى