تقرير

تقرير

المرأة العربية عودة إلى العصور الجاهلية

بفضل الربيع المزعوم

فاديا مطر

منذ فجر التاريخ أثبتت المرأة العربية جدارتها وبصماتها القوية والعظيمة في تنمية الأمة وتطورها. فمن نفرتيتي والملكة بلقيس وحتى اليوم ما زالت السيدات العربيات يتصدرن الريادة في مجالات عدة سواءً سياسية واقتصادية وعلمية ورياضية. وقبل أن تحمل المرأة في أنحاء العالم الورود في عيدها المعلن رسمياً في الثامن من آذار سارت على طريق مملوء بالأشواك والدماء امتدت من نهاية القرن التاسع عشر ولا تزال محفوفة بالمعوقات.

في كل الأديان والثقافات المرأة ركن اساسي من آيات التقديس والتبجيل، لِما تحمله من طاقة تَحمّل وبراكين من الحب.

كل عام هو تقليد سنوي بدأ منذ أكثر من مئة عام وبالتحديد في عام 1857، عندما خرجت النساء في نيويورك في الولايات المتحدة بمسيرة احتجاج للمطالبة بتحديد ساعات العمل.

رفعت المتظاهرات شعار «الخبز والورود»، حيث يرمز الخبز إلى الكفاية الاقتصادية، والورود إلى حياة أفضل.

احتفل للمرة الأولى بيوم المرأة العالمي في السنة التالية في كل من النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا. إضافة إلى منح النساء حق العمل، بإلغاء التفرقة بين الجنسين في العمل من حيث الرواتب والامتيازات.

غير أنّ المشاركة الفاعلة للمرأة في الحراك الشعبي في عدد من البلدان العربية اعتُبرت خطوة أولى باتجاه تغيير الثقافة المجتمعية وأيضاً النظرة الدونية تجاهها. وهذا الأمر ولّد لدى مناصري قضايا المرأة تفاؤلاً بأنها أوشكت أن تنتقل من موقع التابع إلى موقع الفاعل المؤثر، وأن تعزّز وجودها على المستويين العددي والنوعي في المجال السياسي وهذا الواقع ينذر بخطر إعادة إنتاج منظومة تهميش المرأة وإقصائها، ليس فقط نتيجة للنظرة المجتمعية التقليدية التي ما زالت تضع دور المرأة في المجال الخاص في قالب متحجّر، بل أيضاً تحت عباءة التيارات الدينية التي تولّت الحكم بعد الحراك والقوانين الوضعية التي تزكي النزعة التمييزية ضد المرأة.

الثامن من آذار من كل عام يوم المرأة العالمي، وهو يوم يجب أن يكون مكرساً لإبراز منظومة التحديات التي لا تزال شرائح عريضة من نساء العالم يشعرن أنهن يواجهنها على الاصعدة الحياتية كافة، وفي المقابل استعراض إنجازات ومكاسب حققتها المرأة على مدى عام منصرم.

حققت المرأة العربية حضوراً ملموساً وجدياً في مختلف الظروف التي مر بها المجتمع واستطاعت اقتحام أبواب المشاركة الفاعلة للقيام بدورها في عملية التنمية والبناء، واستطاعت أيضاً أن تجد لها مكاناً في المجال الاجتماعي والاقتصادي، فنراها سيدة أعمال وطبيبة ومهندسة وتربوية ومصرفية وفي سائر القطاعات الانتاجية والحيوية التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني. المرأة نفسها بدأت حملاتها النضالية تطالب بحقوقها وتطالب بمساواتها مع الرجل في القانون والمجتمع والعمل، بينما بقيت بعض الدول الشرقية تتراجع إلى الوراء بسبب سلطة رجال السياسة المتأثرين بالفكر القبلي المتخلف والآن تعيش هذه المجتمعات صراعات كثيرة منها صراع بين المرأة الحديثة التي تريد ركب موجة التعلم والعصرنة المرأة التي تلتزم بالقديم وتريد لنفسها ان تكون أسيرة العادات والتقاليد الشرقية القديمة، وبين المرأة التي تطالب بالمساواة والعصرنة وبين الرجال الذين يتمسكون بالفكر العشائري المتخلف الذي يجعل من المرأة آلة طاحنة للرجل. الصراع هو بين القديم والجديد على مستوى الحكومة والمجتمع. من هنا يأتي مصدر العنف ضد المرأة في بعض المجتمعات العربية.

اما بالنسبة الى المصاعب والتحديات التي واجهتها المرأة السورية في ظل الأحداث والحروب الكونية التي تعرضت لها خلال الأربع سنوات الماضية، فالمرأة السورية التي عانت بشكل أكبر من أقلام إعلامية نالت من سمعتها، وصورتها على أنها لقمة سائغة لمن يريد، وذلك من خلال نشر أخبار وتقارير انعكست في شكل كبير على واقع المرأة السورية اليومي في كل مكان تواجدت فيه، أو أهداف ما زالت تسعى إلى ترجمتها على أرض الواقع، ولعل من أسوأ ما تعرضت له المرأة السورية هو تشويه سمعتها، من خلال نشر أخبار عن زواج لاجئات سوريات، من خلال ما يسمى «زواج الصفقة»، حتى ظهرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لزواج اللاجئات السوريات بطالبي المتعة من كل حدب وصوب، ودور المقاتلات الكرديات بالمشاركة في معارك عين العرب كوباني في شمال سورية ضد ما يسمى تنظيم «داعش».

وقد أعاد دخول تيارات الإسلام السياسي المرأة سنوات الى الوراء وكما حدث أيضاً في سورية.

فعندما دخلت بعض التنظيمات الإرهابية كـ»داعش» و«جبهة النصرة» إلى بعض المناطق في سورية وجرت عمليات التجنيد لهن وقد تصبح الطريق الذي تتحرك فيه النساء من الغرب إلى سورية من أجل زواج الجهاديين، مارست المجموعات الإرهابية المسلحة جميع أنواع القهر والاضطهاد بحق المرأة ما أدى إلى انتحار 11 إمرأة رفضاً للواقع الذي حاول الإرهابيون فرضه عليها، على مرأى ومسمع من منظمات حقوق الانسان التي تدعي دفاعها عن المرأة وحقوقها وغيرها الكثير من الانتهاكات الجسدية والجنسية تحت مسمى «جهاد النكاح» واغتصاب القاصرات واستخدامهن كدروع بشرية وارتكاب مجازر دموية بحقهن في عدد من المناطق.

وأجبروا المرأة على الجلوس أمام زوجها في وسائل النقل وفرضوا عليها النقاب وحاولوا اعادتها إلى عصور الجاهلية، وليس للإسلام، وهذا بالقطع يؤثر سلباً على دور المرأة في المجتمع .فما سمي «ثورات الربيع العربي» أثرت سلباً على المرأة العربية.

القضية الرئيسة للمرأة هي تلك التي غابت واضمحلت اليوم للأسف، ألا وهي الشعور بالهدوء والأمن والحماية، والشعور بالأمان وإمكان تفجير الطاقات والمواهب وعدم الخضوع للظلم في المجتمع الواسع وفي المجتمع في ظل «الربيع العربي» المزعوم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى