الملك الجديد… والتماهي مع الأدوار الصهيونية

جمال رابعة

أطلّ علينا الملك الجديد لآل سعود سلمان بن عبد العزيز، ولا أقول الملك السعودي لأنه يمثل فقط من بايعه من آل سعود ومن لفّ لفهم، بخطاب تحدث فيه عن السياسات الداخلية والخارجية التي هي استمرار لنهج العائلة الحاكمة منذ تأسيس المملكة التي رسم خطوطها العريضة واستراتيجيتها عبد العزيز بن سعود مع البريطانيين وانتهى بها مع الرئيس الأميركي أيزنهاور، بتجديد واضح للملامح الأساسية للسياسة الداخلية والخارجية وتكامل أدوار مع الكيان الصهيوني، لجهة الوقوف سدّاً منيعاً في مواجهة طموح وتطلعات الأمّة العربية السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبرامج التنمية، وقد أصبح مؤكداً، ومن خلال المعطيات والوقائع، أنّ ملوك ومشيخات المملكة كانوا يستمدون قوتهم ووجودهم واستمراريتهم من قوة واستمرار هذا الكيان المغتصب أرض فلسطين والجولان وسيناء.

من هنا نرى التنسيق، على أكبر المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية، بين هذا الكيان وآل سعود برعاية الإدارة الأميركية وحلف شمال الأطلسي.

في كلمة مسجلة بثها التلفزيون السعودي، أكد الملك سلمان ضرورة العمل على تحقيق العدالة لجميع المواطنين، فعن أية عدالة يتحدث في مجتمع تتركز ثلث ثروته في أيدي الأمراء وشركائهم من رجال الأعمال في الداخل والخارج، في وقت ترتفع فيه نسبة الفقر والبطالة، وخصوصاً في أوساط الشباب، إضافة إلى أنّ مناطق عديدة في المملكة تفتقر إلى أبسط الخدمات ومقومات العيش اللائق والكريم.

وأكد سلمان أيضاً، مناصرة القضايا العربية والإسلامية ومحاربة الإرهاب. فعن أية قضية يتحدث؟ وماذا قدم آل سعود للقضية المركزية فلسطين غير الخيانة والتآمر والصمت على قتل أبنائها وانتهاك حرمة مقدساتها، بالتنسيق مع البريطانيين والأميركيين والصهاينة؟

قام عبد العزيز بن سعود منذ بداية القرن الماضي، بالتنازل عن فلسطين لقاء بدل مادي يتقاضاه من البريطانيين، كما أنّ الملك فيصل كان قد أرسل رسالة إلى الرئيس الأميركي ليندون جونسون دعاه فيها إلى دفع «إسرائيل» لاحتلال مصر وسورية، كما أكد في رسالته أن « لا بدّ من الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة، كي لا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك، وحتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة، كما يسهل توطين الباقي في الدول العربية».

أما ما حصل في لبنان من فوضى وتفجيرات نفذتها تنظيمات إرهابية تكفيرية، فقد كان بمباركة ودعم آل سعود، كما أنّ السعودية هي التي أدخلت لبنان في حالة عدم الاستقرار السياسي وهي التي عطلت انتخاب رئيس له.

وفي سورية كان دور آل سعود واضحاً في مناصرة الدور الصهيوني، في محاولة لتجزئتها وإذكاء حرب طويلة الأجل مع الجماعات التكفيرية، وبالعودة إلى رسالة فيصل لجونسون، فقد جاء فيها: «سورية هى الثانية التي لا يجب ألا تسلم من هذا الهجوم، مع اقتطاع جزء من أراضيها، كي لا تتفرغ هى الأخرى فتندفع لسدّ الفراغ بعد سقوط مصر»، هذا بالإضافة إلى دور السعودية في ما يحصل في مصر وتونس والمغرب واليمن من أعمال إرهابية وتكفيرية.

وفي الشأن العراقي، رأى فيصل «ضرورة تقوية الملا مصطفى البرازاني شمال العراق ، بغرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أي حكم فى بغداد يريد أن ينادي بالوحدة العربية شمال مملكتنا فى أرض العراق سواء فى الحاضر أو المستقبل، علماً بأننا بدأنا منذ العام الماضي 1965 بإمداد البرازانى بالمال والسلاح من داخل العراق ، أو عن طريق تركيا و إيران».

أما عن قول الملك الجديد بأنّ سياسة بلاده الخارجية ملتزمة بتعاليم الدين الحنيف الداعية إلى المحبة والسلام ومحاربة الإرهاب، فهذا شيء مثير للدهشة، لأنّ الفكر الوهابي هو منبع الإرهاب في العالم، وقد رأينا ترجمة هذه السياسة الخارجية والتزامها بالدين الحنيف من خلال ما قام به من ينتمون إلى هذا الفكر في أصقاع العالم.

وفي السياق ذاته، فقد أعلن دافيد بن غوريون، وهو أول رئيس وزراء للعدو الصهيوني، «أنّ قوتنا ليست في سلاحنا النووي، إنما قوتنا في تفكيك ثلاث دول كبيرة حولنا وبالترتيب: العراق، سورية، ومصر، إلى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا في هذا الأمر لا يعتمد على ذكائنا بل على غباء الطرف الآخر».

ما أشبه اليوم بالأمس، من حيث القول والفعل، بين آل سعود وبني صهيون في السرّ والعلن، وتماهي دور آل سعود مع الأدوار الصهيونية. هذا ليس غريباً عنهم وما خفي كان أعظم.

يا أحرار وطني العربي الكبير، إنّ حصان طروادة يقبع خلف أسوار قلعتكم، أما آن الأوان للانتباه واليقظة من خطر آل سعود؟ إنهم طغاة العصر، المسلحون بعقيدة وهابية فاشية ونفوذ كبير بقوة مال لا ينضب.

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى