اليمن ردّ الصواريخ والدخول براً

ناصر قنديل

– بالتأكيد، كما أعلم من تجارب شخصية سابقة، أستطيع الجزم أنّ قادة المملكة السعودية كانوا يستمعون بانتباه وإمعان شديدين لكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليلة أمس، وقد أعادوا الاستماع مرة واثنتين، وكان محلّلوهم السياسيون والعسكريون معنيين بكل كلمة قالها، بعيداً عن مشاعر الحب والكراهية، فهم يعلمون أنّ السيد نصرالله متابع جيد وقارئ ممتاز للحسابات الاستراتيجية، ومتحفظ جداً في إطلاق القراءات التي تصير نوعاً من الوعود عندما تتصل بحلف هو جزء عضوي فيه، إن لم يكن الأهم فيه، ويعرفون أنه مطلع كفاية على ما جرى في التفاهم الأميركي الإيراني، وما يجري في اليمن، وما يجري حول اليمن، والنقاشات الدائرة في كل من باكستان وتركيا، اللتين ورد على ذكرهما في كلامه.

– من أهمّ ما قاله السيد نصرالله، كان جزمه القاطع بفشل العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، كما كان حاسماً في تقديره لخطأ الحسابات السعودية، وحديثه عن ورطة وقع فيها السعوديون. لكنه قال ما يعلمه بعض قادة المملكة وبعضاً مما لا يعلمونه، فباكستان التي يتابع السيد نصرالله نقاشاتها البرلمانية، ستجد مخرجاً لموقفها الداعم للسعودية لقاء حاجاتها المالية، بالاكتفاء بالإعلان عن استعدادها للوقوف إلى جانب السعودية، إذا تعرّض العرش السعودي للخطر، وتركيا التي تحرص لأسباب خاصة بتحسين العلاقات بالسعودية، تقيم حساباتها وتعيد حساباتها في ضوء كلّ الذي يجري في المنطقة. ويعرف السعوديون حيوية الدورين الباكستاني والتركي في منح حربهم الغطاء الإسلامي الواسع من جهة، وتتويجها بغطاء مذهبي يجعلها قابلة للتحول كحرب تستهدف إيران، إلى حرب يشنها قادة مذهب ضد مذهب آخر، ويشكل انكفاؤهما عن الحرب خسارة لهذين الغطاءين الحاسمين في الحسابات السعودية.

– أهم من المهم أن السيد نصرالله، قال أن السعوديين يصعّدون من طرف واحد، ودعاهم للتعقل، وللعودة إلى لغة الحوار، والابتعاد عن سياسة الأرض المحروقة. ويتساءل ماذا فعل الحوثيون لكم؟ فهم لم يطلقوا صواريخ على الداخل السعودي، وهم قادرون على ذلك، وهم لم يتقدموا داخل البر السعودي وهم قادرون على ذلك، والمهم هنا، أن يفهم السعوديون، وسيفهمون، أنّ المرحلة المقبلة إذا تواصل التصعيد، ستكون مرحلة الصواريخ اليمنية، ومرحلة التوغل اليمني في البر السعودي، وهو بر يمني سليب إذا فتحت ملفاته، يصعب أن يشمله انسحاب لاحقاً، كحال الجليل في فلسطين إذا دخله حزب الله في حرب قادمة مع «إسرائيل»، فالبر هنا هو عسير ونجران وجيزان، وهي أراض يمنية يحتلها السعوديون.

– هل وصلت رسالة السيد ليقرأها السعوديون ويعيدون حساباتهم قبل فوات الأوان، ولا يتعاملون مع الكلام المسؤول والحريص، بلغة الشتائم كما تعاملوا مع كلامه السابق، ومولوا واستعانوا بالقطريين وخبرتهم الإعلامية، فحرّضوا على بث الكراهية والتشكيك والغمز من قناة الغضب، هل يتصرفون بعقلانية لمرة ويتوقفون ويتفكرون ويحاولون الجواب على سؤال، إلى أين؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى