مهنا: اجتثاث جذور الإرهاب وتجفيف مصادره مسؤولية مجتمعية ومهمة نهضوية بامتياز

أقامت الندوة الثقافية المركزية في الحزب السوري القومي الاجتماعي لقاءً ثقافياً حوارياً حول «الارهاب: جذوره، مخاطره، سبل المواجهة» في مركز الحزب، وحاضر في اللقاء نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي توفيق مهنا، وأداره رئيس الندوة الثقافية المركزية د. زهير فياض، بحضور رئيس المجلس الأعلى محمود عبد الخالق، وعضو الكتلة القومية النائب الدكتور مروان فارس، وعدد من أعضاء مجلس العمد والمجلس الأعلى والمكتب السياسي والمجلس القومي، أعضاء الندوة الثقافية، اضافة الى عدد من الطلبة.

فياض

وألقى د. زهير فياض كلمة لفت فيها إلى «أنّ التحدي الحقيقي الذي يواجهنا اليوم هو ظاهرة الإرهاب بمضامينها ومحتوياتها وما تمثله من خطر حقيقي على بنية مجتمعنا وتركيبته الداخلية، وبما تطرحه من مخاطر تطاول الإنسان والمجتمع»، موضحا أنّ «التطرف و الفكر الظلامي هما تحديان حقيقيان، يضغطان بشكل مباشر على حياتنا اليومية».

نائب رئيس الحزب

واستهلّ مهنا محاضرته بالقول: «لقد أصبحت سورية ساحة الجهاد الرئيسية بالنسبة للجماعات الإرهابية، هي القبلة للمجاهدين ومعراجهم إلى السماء وسبيلهم إلى إعادة إحياء الخلافة الإسلامية وإقامة شرع الله على الأرض وخيار بعضهم لاستعادة زمن الإمبراطورية العثمانية ومجدها الغابر بزعامة الإخواني رجب طيب أردوغان، وتتخذها المملكة العربية السعودية منطلقاً لنفوذها لإعادة تصدير العقيدة الوهابية وتشريعاتها وأحكامها. تلك الدعوة الوهابية التي حذر منها الزعيم أنطون سعاده في مقالته الهامة «نفوذ اليهود في الفاتيكان» الصادرة في جريدة «الزوبعة» في 4 أيلول 1944، حيث قال: «ومن مدهشات الدعاوى السياسية اللابسة لباس الدين محاولة إظهار الحركة الوهابية التي هي ليست سوى رجوع بالمحمدية إلى أوليات التفكير العربي الصحراوي المحدود بمظهر حركة إصلاحية في الدين».

وأضاف: «أمام هذه التحديات وما تحمله من أخطار، يتصدّى الحزب لهذا الموضوع الخطير كمهمة أساسية راهنة بالدعوة إلى إقامة جبهة شعبية لمكافحة الإرهاب مستهدفاً تحصين وحدة المجتمع بالوعي القومي وتأصيل ثقافة النهضة وإشعاعها الفكري ضدّ مفاهيم القوى الظلامية الإلغائية المتطرفة. هذه القوى التي تلجأ إلى تأويل بعض الآيات الدينية لأغراض سياسية لتبرير أعمالها الإجرامية. وبلا ريب، فإنّ مضمون هذا الفقه التكفيري والإلغائي يمسّ في العمق جوهر الرسالات الدينية ويحوّل المؤمنين بها إلى حطب ووقود في معارك طائفية ومذهبية وملّية، ويجعل شعبنا مجموعات تستعدي بعضها بعضاً لا رابط أخوّة يوحدها في الولاء القومي ولا في الإيمان التوحيدي، ويحوّله خليطاً متنافراً يقتتل أبناؤه على السماء ويفقدون الأرض».

ثمّ استعرض مهنا المحاولات القانونية لوضع تعريف للإرهاب، مشيرا إلى

أنّ اتفاقية جنيف لقمع ومعاقبة الإرهاب عام 1937، عرّفت الأعمال الإرهابية بأنها «الأعمال الإجرامية الموجهة ضدّ دولة ما وتستهدف، أو يقصد بها، خلق حالة من الرعب في أذهان أشخاص معينين، أو مجموعة من الأشخاص، أو عامة الجمهور.

أما الاتفاقية الأوروبية عام 1977، فلم تأت بتعريف محدّد للإرهاب، فقد عدّدت مجموعة من الأفعال، منها ما كان قد حرّم سابقاً باتفاقيات دولية سابقة، أو كان التعامل الدولي حرّمها، وأضاف إليها كلّ الأفعال الخطرة التي تهدّد حياة الأشخاص أو أموالهم».

أما الاتفاقية العربية لعام 1998، فقد عرّفت الإرهاب في مادتها الأولى فقرة 2 بأنه «كلّ فعل من أفعال العنف أو التهديد أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إفشاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر».

المقاومة والإرهاب

وسأل مهنا: «هل كلّ عمل عنفي هو عمل إرهابي ويدرج في خانة ما يصطلح في اللغة السياسية المعاصرة على أنه عمل إرهابي؟ هل المقاومة عمل إرهابي؟ هل العنف ضدّ المحتل والمستعمر والمغتصب لحقوق الأمم والشعوب عمل إرهابي؟»

وقال مهنا: «في مواجهة قوى الاستعمار الأجنبي وكيان الاغتصاب الصهيوني وأطماعه في أرضنا القومية وحدها القوة في نظر سعاده هي القول الفصل في إثبات الحقّ القومي أو إنكاره وإنّ الاتصال باليهود هو اتصال الحديد بالحديد والنار بالنار وإنّ معركة فلسطين تطلب كلّ ذرة من ذرات قوانا لأنها معركة وجود ومصير».

نظرة الاستعمار إلى المقاومة

وأشار مهنا إلى «أنّ القوى الاستعمارية تنظر إلى حركات مقاومة الشعوب للغزوات الاستعمارية على أنها حركات إرهابية، فالإدارة الأميركية مثلاً التي رعت ظاهرة أسامة بن لادن ودفعت المملكة العربية السعودية لتمويل «جهاده» في أفغانستان في مقاومة التدخل السوفياتي اعتبرته ومجموعاته مقاتلين من أجل الحرية freedom fighters، ودفعت بهم من جديد إلى سورية»، مؤكداً «أنّ صمود الدولة السورية وإنجازات جيشها وافتضاح أدوار المجموعات المسلحة الإرهابية التي أخذت تقاتل بعضها بعضاً في حرب إلغاء، أجبر تلك القوى الاستعمارية على أن تعيد النظر في تعاملها مع بعض هذه المجموعات وتدرج بعض تنظيماتها كالنصرة، ودولة الإسلام في العراق والشام داعش ، على لوائح الإرهاب وتستثني الجبهة الإسلامية مثلاً من هذا التصنيف، التي هي جبهة من نفس الطينة والعجينة مما يثبت سياستها الانتقائية واعتمادها المعيار المزدوج خدمة لمصالحها الاستراتيجية» .

وختم مهنا محاضرته مؤكداً «أنّ المواجهة الفكرية والثقافية والإعلامية والسياسية والنفسية مع الجماعات والتنظيمات المتطرفة والإلغائية تتكامل مع المواجهة الميدانية»، مشيرا إلى «أنّ اجتثاث جذور الإرهاب وتجفيف مصادره، له أكثر من بعد، وهو مسؤولية مجتمعية، ومهمة نهضوية بامتياز، يتولاها حزبنا، الحزب الذي يمثل خشبة الخلاص المرتجى لمصيرنا القومي برمته».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى