هِلْ يفاجئ زواره: حمص حسمت نصر الأسد بمباركة سعودية وحزب الله أمسك بالتوقيت الرئاسي لحساب عون بعد يبرود

كتب المحرر السياسي

قال أحد الاقتصاديين الذين تابعوا الكارثة اليونانية، إنّ الحكومة التي أقرّت زيادات الرواتب هناك فعلت ما فعلته اللجنة النيابية اللبنانية، التي تولت إعادة النظر بالسلسلة وسبل تمويلها، ففي اليونان وفقاً للخبير الاقتصادي، جرى تعميق الهوة الاجتماعية والطبقية بين الأغنياء والفقراء، خصوصاً بين مالكي المصارف وموظفي الدولة في قطاعي الجيش والشرطة، وما فعلته اللجنة النيابية أشدّ قسوة وسوءاً، وسبباً لاستجلاب الانفجار، فاستهدفت بالإلغاء زيادات العسكريين والمعلمين، وشطبت من الالتزامات أعباء المصارف والشركات العقارية والفندقية الكبرى، ليصير المنطقي توقيع التقرير باسم الرئيس فؤاد السنيورة، ليس بصفته رئيساً سابقاً للحكومة، بل كمستشار دائم لشركة سوليدير وبنك البحر المتوسط.

وعلى رغم حضور الاستحقاق الرئاسي كهمّ سياسي دائم، لم ينس جماعة التقرير النيابي التحصّن لحماية ما دبّروه في التقرير بهجوم سياسي دستوري نيابي يريد حجب البحث في تقريرهم، ودفع السلسلة إلى الهيئة العامة لإنجازها بصورتها النهائية، خشية خسارة فرصة السير بتقريرهم، ففتحوا النار على حقّ المجلس بالتشريع في زمن الانتخابات، ليتولى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الردّ بقوة على هذه الدعوات، مؤكداً أنّ المجلس سيواصل مسؤولياته كما رئاسة المجلس، وأنّ التشريع من صلب هذه المسؤوليات.

وعلى خلفية مواكبة الاستحقاق الرئاسي الذي بردت فيه نار تحركات الرئيس أمين الجميّل، بعد ظهور محدودية أثرها أمام حجم التحديات التي يفرضها فراغ انتظار جهوزية المعطيات الدولية والإقليمية للدخول على خط التفاهم حول فرص رئيس جمهورية من العيار الثقيل أو الوازن تمثيلياً، وهي فرص مشروطة بإزالة آثار ومترتبات مثل هذا الخيار على التوازنات الإقليمية الدقيقة التي يجري ترتيبها بعناية فائقة، وهي مترتبات لا يمكن تجاهلها طالما أنّ أيّ اسم من العيار الثقيل يعني تأثيراً سلبياً أو إيجابياً على مكانة المقاومة وحضورها في هذه التوازنات.

في هذا الارتباك جاء كلام السفير الأميركي المفاجئ لزواره، ليصير حدثاً لبنانياً بامتياز، عبر ما صار يُنقل من مجالسه ولقاءاته التي يصرّ على التحدث فيها بلغة المحلل السياسي، فيكثر من القول «برأيي» بدلاً من قوله الرائج رسمياً «وفقاً لما تراه إدارتي»، ويضيف «وفقاً لاستنتاجي» بدلاً من «استنتاجات حكومتي»، لكن الزوار والذين يصلهم كلام ديفيد هِلْ الشديد الانتباه والدقة، يعتبرون كلامه التحليلي بمثابة رسائل مشفّرة واجبة الأخذ على محمل الجدّ.

من تردّدات الكلام المنسوب إلى هِلْ قوله، إنّ ما جرى في حمص يحسم نصر الرئيس السوري بشار الأسد، ويمنح هذا النصر مباركة سعودية، جسّدها ضمان تنفيذ الاتفاق الذي أريدَ له أن يبدو كنتيجة لتفاهم محدود أنجزه مسلحون أتعبهم الحصار والتفوّق الجوي للجيش السوري، ليصير في الشقّ المتصل بتنفيذ بنوده خارج حمص، خصوصاً في أرياف حلب واللاذقية وإدلب، ساحة حرب غير معلنة بين تركيا والسعودية حُسِمَت لصالح الأخيرة، بنجاح التنفيذ وبالتالي إنجاز مرحلة التسليم بسقوط مشروع الحرب الداخلية السورية السورية، على رغم بقاء المواجهات المسلحة في مناطق هامة في الشمال والشرق والجنوب لكنها مواجهات محكومة بالمحدودية طالما يمسك الجيش السوري بصدر وبطن سورية، حيث القلب والكبد، ويقدر على التعايش زمناً طويلاً مع حروب الأطراف، التي لا يبدو أنها قابلة للتحوّل إلى حروب إقليمية، ومسقوفة بنتائج يملك الجيش السوري عناصر التفوّق فيها.

ومن كلام هِلْ عن تداعيات الحرب السورية على الاستحقاق الرئاسي، أنّ حرب القلمون التي حسمها دخول حزب الله إلى يبرود، أزالت الحماسة الأوروبية لتسريع الاستحقاق الرئاسي كيفما اتفق، بالتالي توليد قوة ضغط دولية كان ممكناً أن تنتج مناخاً دولياً وإقليمياً لإغلاق الباب أمام الرئيس القويّ أو الوازن تمثيلياً والذي لم تنضج ظروفه كما يبدو، ليصير الاسترخاء الدولي بعد حرب القلمون من موقع المطمئن إلى أن نزوح القاعدة صارت وجهته شمالاً بعيداً عن لبنان، وبالتالي فالقدرة على التعايش مع الانتظار صارت أكبر، وهذا يعني أنّ حزب الله ربما أقام حساباته على منح حليفه العماد ميشال عون الفرصة الأطول زمنياً، بتوفير عناصر البرود الدولي تجاه مخاطر الفراغ، بالتالي إبعاد الضغط لحساب مرشحي التوافق من العيار الأمني أو السياسي من خارج نادي الزعماء.

ملفات داخلية ساخنة

أما داخلياً، ففي وقت بدأ شبح الفراغ يطل تجاه قصر بعبدا، واستمرار «الكباش» حول سلسلة الرتب والرواتب برز أمران رئيسيان أمس خارج الملفات الساخنة: أولهما إقرار مجلس الوزراء «لسلة تعيينات» تضمنت 12 مديراً عاماً وموظفاً في الفئة الأولى، في خطوة لم تحصل منذ سنوات وثانيهما، ما أثاره كلام وزير العدل أشرف ريفي عن استعداده لتوقيف الزميلين إبراهيم الأمين وكرمى خياط في حال طلبت المحكمة الدولية ذلك، وهو الأمر الذي طرح الكثير من علامات الاستفهام وخلفيات هذا الاستباق من قِبل وزير العدل.

ريفي يستعجل قرار المحكمة الدولية!

إذاً، فقبل ثلاثة أيام من الموعد الذي حددته المحكمة الدولية لمثول الزميلين الأمين وخياط بحجة تحقير المحكمة، استبق الوزير ريفي ما يمكن أن يصدر عن المحكمة المشكوك بشرعيتها وقراراتها، وأعلن أنه لن يتردد بتوقيفهما إذا طلبت المحكمة ذلك.

وفيما أعلنت قناة «نيو تي في» أنها قررت المواجهة بالمثول أمام المحكمة الدولية بعدما اعتمدت المحامي كريم خان موكلاً لفريقها، أكد الوزير السابق القاضي سليم جريصاتي أن كلام ريفي خارج عن مذكرة التفاهم بين لبنان والمحكمة الدولية وقال: «إن وزير العدل ليس الشخص المخوّل توقيف أحد وهو بذلك يتعدى على صلاحيات وزير الداخلية ومدعي عام التمييز.

سلة تعيينات يقرها مجلس الوزراء

أما على صعيد جلسة مجلس الوزراء التي استمرت لحوالى ست ساعات مساء أمس، فقد أقرت الدفعة الثالثة من التعيينات كالآتي: أورور فغالي مديراً عاماً للنفط، روني لحود رئيساً للمؤسسة العامة للإسكان، جورج لبكي رئيساً لمجلس إدارة المعهد الوطني للإدارة، جمال الزعيم المنجد مديراً عاماً للمعهد الوطني للإدارة، العميد نقولا الهبر رئيساً للصندوق المركزي للمهجرين، القاضية خيرية النويري مديراً عاماً لوزارة العدل، يوسف نعوس مديراً عاماً لوزارة العمل، دلال بركات مفتشاً عاماً في إدارة التفتيش المركزي، العميد نزار خليل رئيساً للمجلس الأعلى للجمارك، تثبيت مدير عام الجمارك الحالي بالوكالة شفيق مرعي في مركزه، غابي فارس عضواً في مجلس إدارة الجمارك وأحمد الحلبي عضواً في مجلس إدارة الجمارك.

الاستحقاق الرئاسي: دورانه في الحلقة المفرغة

وفي شأن الاستحقاق الرئاسي، بقيت الأمور تدور في الحلقة المفرغة على رغم الاتصالات المعلنة وغير المعلنة، وأشارت مصادر مطلعة إلى أن بعض السفراء الغربيين أبلغوا بعض المسؤولين اللبنانيين ألا ينتظروا تدخلاً من هذه الدول لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء اللبنانيين، ونصح هؤلاء السفراء المسؤولين الذين التقوهم، بأن تعمل القيادات اللبنانية على تحصين الوضع الداخلي، من خلال السعي للتوافق على اسم الرئيس الجديد للجمهورية. وقالت المصادر إن هذا الكلام الأوروبي مؤشر أيضاً على صعوبة التوافق بين القوى السياسية على شخص الرئيس العتيد ضمن المهلة الدستورية.

الكتائب منزعج من «المستقبل» و«القوات»

وفيما أوضحت مصادر مقربة من الاتصالات المارونية أن هذه الاتصالات لم تفض إلى أي شيء ملموس أو جدي في خصوص الانتخابات الرئاسية. وقالت: «إنه على رغم سعي فريق 14 آذار لعدم إظهار الخلافات بين أطرافها حول كيفية التعاطي مع هذا الاستحقاق، أوضحت أن حزب الكتائب بدءاً من رئيسه أمين الجميل منزعج من عدم أخذ تيار «المستقبل» وحزب «القوات» اللبنانية بدعوته للتباحث في الاتفاق على مرشح آخر من هذا الفريق غير رئيس «القوات» سمير جعجع. وأوضحت أن عضو كتلة الكتائب سامي الجميل طلب في الاجتماع الأخير لهذا الفريق الذي عقد في بيت الوسط، أن يتم البحث بالخيارات الفضلى لفريق 14 آذار في ما يتعلق بمرشح هذا الفريق، داعياً المجتمعين إلى البحث في استمرار ترشيح جعجع، فردّ عليه رئيس «المستقبل» فؤاد السنيورة رافضاً هذا الطرح ومعتبراً ذلك «خدمة مجانية لحزب الله».

وفي كل الأحوال تقول مصادر مطلعة على الاتصالات التي يجريها رئيس «الكتائب» أمين الجميل: «إن هذه الاتصالات واللقاءات من دون أفق سياسي». وأضافت: «على رغم أن الجميل يحاول تصوير اتصالاته بأن لا علاقة لها بموضوع ترشحه فهي تستهدف توجيه رسائل لحلفائه قبل خصومه بأنه موجود في الساحة المسيحية، وأنه أحد الأرقام الصعبة في الاستحقاق الرئاسي».

«كباش» مستمر حول سلسلة الرتب

وفي سياق آخر، واصلت هيئة التنسيق النقابية إضرابها العام الشامل في القطاع التربوي الرسمي والإدارات العامة اعتراضاً على تقرير اللجنة النيابية حول سلسلة الرتب والرواتب والذي خفض أرقام السلسلة بما يزيد على الثلث وألغى درجات المعلمين وحقوق أخرى للأساتذة والموظفين.

وفي هذا الإطار دافع عضو كتلة «القوات اللبنانية» جورج عدوان باسم اللجنة النيابية عن التشحيل الذي أدخلته اللجنة على أرقام السلسلة. لكن عدوان بدا متناقضاً في دفاعه عن التقرير حيث برر التخفيضات في السلسلة من جهة، واعترف بأن وقف الهدر في المرفأ أو بالكهرباء يكفي لتمويل السلسلة، كما اعترف عدوان بأن اللجنة حرصت على عدم أخذ الإيرادات من الطبقات الميسورة، ما يشير بوضوح إلى أن اللجنة تعاطت برغبة مسبقة بعدم إعطاء المعلمين والأساتذة حقوقهم في مقابل إعفاء أصحاب الرساميل والريوع العقارية والمصرفية من دفع حد أدنى من الضرائب على أرباحهم.

وقد جددت هيئة التنسيق في بيان أمس تمسكها بزيادة الـ 121 في المئة على أساس جداول سلاسل الرواتب المقررة. ورفضت ما يقوله بعض النواب وهي بذلك ردت بصورة غير مباشرة على عدوان حول تسييس السلسلة وقالت: «إن الهيئة بعيدة كل البعد عن الانقسامات السياسية وكانت وستبقى في الموقع النقابي المستقل». وأعلنت عن يوم الغضب في 14 الجاري من خلال التظاهرة المركزية من أمام جمعية المصارف إلى المجلس النيابي.

اتصالات نيابية لتجاوز الخلافات

وقبل أيام من انعقاد الجلسة النيابية العامة المقررة يوم الأربعاء المقبل لبحث السلسلة والسعي لإقرارها نشطت الاتصالات بين بعض الكتل النيابية في سبيل تجاوز الخلافات بين الكتل، خصوصاً التي ينتمي إليها أعضاء اللجنة النيابية وكتلتي التحرير والتنمية والوفاء للمقاومة، لا سيما أن هناك وجهات نظر متباينة من أرقامها وبعض بنود تمويلها.

لقاء خليل ـ عدوان

وعلم في هذا الإطار أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحرك لعقد اجتماع بين وزير المال علي حسن خليل ورئيس اللجنة النيابية النائب جورج عدوان، وقد حدد موعد الاجتماع يوم الاثنين المقبل للتشاور في موضوع السلسلة والملاحظات التي وضعها الرئيس بري ووزارة المال على بنود السلسلة. وأشارت مصادر نيابية في كتلة التحرير إلى أن هذه الاتصالات والاجتماع المقرر يوم الاثنين تستهدف تذليل العقبات وتقريب مواقف الكتل من بنود السلسلة حتى يتمكن مجلس النواب من إقرارها يوم الأربعاء المقبل. ورجحت المصادر إدخال العديد من التعديلات على بعض الاقتراحات التي أعدتها اللجنة النيابية لكي يمكن تجاوز التباينات بين الكتل، بالتالي الأخذ بمعظم مطالب هيئة التنسيق النقابية، لأن في ذلك خدمة للاستقرار الداخلي ودفع الهيئة لوقف تصعيدها، خصوصاً عدم مقاطعة الامتحانات الرسمية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى