الأول من آذار

طانيوس جرجس الجاموس

كنت قد تردّدت عندما قرّرت أن أكتب كلمة كعادتي في كل مناسبة، خصوصاً أنّنا اليوم في الأول من آذار، عيد مولد الزعيم أنطون سعاده. وهذا التردّد يعود إلى الحالة الراهنة التي تلامس اليأس، إن كان لناحية الفكر التكفيريّ الذي يفتك بجسد هذه الأمة قتلاً وتدميراً، أو نتيجة الحالة الاقتصادية التي ترخي بثقلها على كاهل المواطن على الأصعدة كافة. فنحن القوميين أولى بالتصدّي لهذه الحالة الظلامية التي هي بعينها، منافية لفكر سعاده ولمن يتنكّب فكره وعقيدته.


هذا ما حفّزني ودفعني إلى أن أمتشق قلمي قائلاً لنفسي: إلى متى هذا التردّد؟ ولماذا تحبس كلماتك يا طانيوس؟ وأنت في حضرة عيد ولادة سعاده، ألم يأت وقتذاك حاملاً شعلة النور لهذه الأمة التي كانت غارقة في ظلمة التاريخ. وما أشبه اليوم بتلك الحقبة التي سبقت ولادته.

ألم يسأل نفسه أولاً، بعدما كبر هذا الطفل وأصبح مدركاً: «من نحن؟ وما الذي جلب على أمتي هذا الويل؟».

من هنا، انطلق بالعمل على نهضة هذه الأمة بالعلم والمعرفة، محاطاً بالرفقاء الأوائل، يضخّون روح القومية في النفوس التي لم تكن بحاجة إلّا إلى صقل بسيط، وهكذا أصبح للفكرة دستورها تحت شعار الحزب السوري القومي الاجتماعي.

هكذا تقدّم فكر سعاده النيّر مستئصلاً أدران الطائفية والعشائرية والفئوية من النفوس، مستدركاً مدى خطورتها باكراً، فلمع وانتشر في شتى بقاع سورية ودساكرها، ما سبب قلقاً لدى المستعمر والصهاينة والعربان، ومن يدور في فلكهم من الداخل، فتجمعت مصالحهم ضده. وأقدموا على قمع فكره بالقوة، وتالياً اغتياله غدراً.. وما أشبه اليوم بذلك الأمس.

نحن نأسف وبشدّة، وبكل مرارة على ما يجري ويحصل لهذه الأمة، ذلك نتيجة تلك الحقبة وذيولها التي تلت استشهاد سعاده. وما نشهده من أحداث، أرجعنا إلى مجاهل التاريخ، فهل نقف مكتوفي الأيدي؟

ختاماً، لا بدّ لنا من أن نردّد في هذه المناسبة المجيدة مأثورة سعاده: «سواء فهمونا أم أساؤوا، فهمنا فإننا نعمل للحياة ولن نتخلى عنها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى