ملخص قصير من مراحل تكوّن الدولة السعودية وتاريخها

تكوّنت الدولة السعودية الأولى بتحالف الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي بدأت دعوتة الإصلاحية بهدم الأشجار! والإمام محمد بن سعود. وعمل بن سعود على أن يوافق محمد بن عبد الوهاب على الضرائب السابقة المفروضة على السكان، ولكنه رفض وعد ابن سعود بأنّ غنائمه من الغزوات والجهاد ستكون أكبر من هذه الضريبة، وقد أثبت عبد الوهاب ذكاءه في هذا الجانب.

بعد أولى غزوات الدرعيين على جيرانهم ونهبهم ، وزعت الغنائم، الخمس لابن سعود، والباقي للجند، ثلث للمشاة وثلثان للخيالة.

محمد بن عبد الوهاب والسيطرة على العيينة

كانت العيينة تحت أمرة عثمان بن معمر نصيرة للدرعيين، وارتبط بعض أمرائها بعلاقة نسب مع آل سعود، وفيما يتضح أنها مؤامرة تمّ اتهام أمير العيينة بأنه أجرى اتصالات سرية مع حاكم الإحساء، وأعدّ العدّة للخيانة، فقتل على يد أهل العيينة من أتباع محمد بن عبد الوهاب في حزيران 1750، وانتقل الحكم إلى قريبه مشاري بن إبراهيم بن معمر القريب من الدرعية، وبعد عشر سنوات، نحّى محمد بن عبد الوهاب مشاري، وأسكنه في الدرعية مع عائلته، وعيّن حاكماً غيره، وأمر عبد الوهاب بتدمير قصر آل معمر لدى وصوله العيينة، وهكذا تتضح خطط محمد بن عبد الوهاب للاستيلاء على العيينة.

لكن سليمان بن عبد الوهاب تمرّد على تعاليم أخيه محمد بن عبد الوهاب وسيطر على حريملاء.

في 1750 و1753، حاولت إمارات منفوحة وحريملاء وضرمى التي كانت بين المناصرين للدولة السعودية، ولكن قادتها أطلقوا حراكاً انفصالياً عن الدرعية. ومن العجيب أنّ من شجع الانتفاضة في حريملاء هو سليمان بن عبد الوهاب، شقيق محمد بن عبد الوهاب، أبو الحركة الوهابية فأرسل إلى أنحاء نجد رسائل تشجب تعاليم أخيه، وانطلق تمرّد في العينية ضدّ بن سعود وحليفه محمد بن عبد الوهاب بقيادة سليمان، إلا أنّ عبد العزيز تمكن من الاستيلاء على حريملاء بالقوة وهزمت قوات سليمان المتمرّدة عام 1755، وفرّ سليمان بن عبد الوهاب إلى سدير.

الصراع مع الجيران

كان حاكم الرياض دهام بن دواس المنافس الرئيسي للسعوديين، وكانا يتبادلان الغزوات بشكل مستمرّ، وقد ناصر دهام كلّ من قبائل واحات الوشم وسدير وثادق وحريملاء. وفي تلك الفترة ظهر الإحسائيون من جديد في أواخر 1750، بقيادة عريعر بن دجين، ولكنهم لم يوفقوا.

حملة محمد علي والي مصر

في 1811 قاد محمد علي والي مصر أيام الخلافة العثمانية حملة على الجزيرة العربية، بسبب الحملات التي قام بها آل سعود ضدّ الحجاج والتي أقلقت الباب العالي، واعتبر سليم الثالث ومحمود الثاني أنّ تعاظم قوة الدولة السعودية الأولى وحلفائها تهديد خطير لسيادتهما، فأرسلت محمد علي في 1811 لشنّ حملة على الجزيرة العربية، «لأنّ باشاوات الدولة العثمانية في بغداد ودمشق وجدة لم يقوموا بالمهمة على الوجه المطلوب.

تبنى محمد علي الفكرة لا سيما أنّ الحجاج المصريين كانوا قد تكبّدوا خسائر كبيرة من جراء ضعف حركة الحجاج وما يتصل بها من تجارة، فعيّن محمد علي إبنه طوسون باشا قائداً للجيش، وكان شاباً عمره 16 عاماً وكان تعداد الجيش بين 8 و10 آلاف مقاتل.

في 1811 تشرين الأول سيطر المصريون على ميناء ينبع وحوّلوه إلى قاعدة انطلاق للعمليات الحربية، ولكن الظروف المصاحبة الصعبة وانتشار الأمراض وهجمات القبائل جعلت القوات المصرية في وضع سيّئ، وفي كانون الثاني 1812 تقدّمت القوات المصرية نحو المدينة، فهزمت أمام السعوديين وحلفائهم، وكانت بقيادة هادي بن قرملة في وادي الصفراء فرجعت بقايا القوات المصرية إلى ينبع.

في تشرين الثاني 1812 تقدّم المصريون ليسيطروا على المدينة، وفي كانون الثاني 1813 سيطروا على مكة والطائف وجدة، وفتحوا عملياً بذلك منطقة الحجاز، ولكن الأوضاع للقوات المصرية كانت سيئة.

في أيلول 1813 قرّر محمد علي أن يقود شخصياً الجيش المصري في الجزيرة العربية، فنزل في جدة مع إمدادات جديدة وعمل على توطيد المواقع المصرية في الحجاز، فعزل شريف مكة ولم يبخل بالأموال على شيوخ البدو، ولكن محاولاته بالتوغل في أعماق الجزيرة باءت بالفشل.

وفي أيار 1814 توفي الأمير سعود وخلفه عبد الله بن سعود الذي قاد المقاومة في الشمال. وفي واحة تربة في الجنوب تجمّعت قوات موالية كبيرة مسيطرة على الطريق بين نجد واليمن، واستخدمت كنقطة للعمليات الحربية في جنوب البلاد.

نشط محمد علي في جنوب الحجاز وعسير واستطاع في 20 كانون الثاني 1815 هزيمة السعوديين شرق الطائف، قرب بسل، وهزموا قوة تقدّر بـ30 ألف مقاتل بقيادة فيصل بن سعود شقيق عبد الله. وسيطر المصريون على تربة ثم بيشة. ولكن في أيار 1815 غادر محمد علي الجزيرة.

في الشمال خاض طوسون باشا قتالا شرساً ضدّ قوات عبد الله بن سعود الكبيرة والتي حشدت من أنحاء نجد والإحساء وعمان، وفي ربيع 1815 ألحق طوسون بقوات عبد الله عدداً من الهزائم، وأرغم عبد الله على عقد معاهدة صلح تركت بموجبها نجد والقصيم بقبضة السعوديين ودخلت الحجاز تحت الإدارة المصرية وتعهّد عبد الله أن يعتبر نفسه تابعاً للسلطان التركي واعداً الخضوع للوالي المصري في المدينة، وتعهّد بتأمين سلامة الحجّ وتعهّد بالذهاب إلى اسطنبول والمثول أمام السلطان في حال تمّ استدعاءه وإعادة كنوز مكة التي نهبها. فوضع طوسون حاميات في مدن الحجاز الرئيسية وعاد إلى مصر منهياً المرحلة الأولى من الحرب.

حملة ابراهيم باشا

كانت شروط الصلح مهينة لعبد الله، وبذلك بدأ التحضير لتمرّد آخر، كما أنّ السلطان ومحمد علي اعتبر أنّ عبد الله لم يلتزم بما وعد به، لا سيما السفر إلى اسطنبول وإرجاع كنوز مكة التي نهبها عبد الله بن سعود. فاستؤنفت الحرب عام 1816 بإرسال جيش مصري بقيادة أكبر أبناء محمد علي وهو إبراهيم باشا برفقة مدرّبين عسكريين فرنسيين ووحدة خاصة للألغام. فحاصرت قوات إبراهيم خلال سنتين أهم مراكز القصيم ونجد واحداً تلو الآخر بقسوة فاستولى المصريون على الرس وبريدة وعنيزة في عام 1817، وأنحدروا إلى نجد عام 1818 حاولوا الاستيلاء على شقراء عاصمة إمارة الوشم ولكنهم وجدوا مقاومة كبيرة من جيش الوشم بقيادة أمير الوشم وشقراء الأمير الشيخ حمد بن يحي بن غيهب، ولم يجد الجيش التركي والمصري وسيلة سوى عقد الصلح مع أهالي شقراء مقابل عدم دعم الدرعية فوافق أهل شقراء والوشم على ذلك باستثناء الأمير حمد الذي تنازل عن الإمارة وحكم الوشم ورحل إلى الدرعية ليشارك في الدفاع عن الدولة العربية السعودية.

وفي 6 نيسان اقترب الأتراك والمصريون من الدرعية المُحكمة التحصين، وبعد خمسة أشهر من الحصار سقطت الدرعية في 15 أيلول 1818 ودمّرت المنطقه واستسلم عبد الله فأرسل إلى القاهرة ثم إلى اسطنبول حيث قطع رأسه في كانون الأول من ذات العام.

وكان أمير الوشم حمد بن يحي بن غيهب خرج من الدرعية أثناء حصارها، وبعد سقوطها لم يتمكن من العودة إلى شقراء بسبب وجود حامية تركية مصرية هناك، فسافر إلى مسقط وعمل قاضياً عند سلطان عُمان حتى قامت الدولة السعودية الثانية ليصبح من كبار مستشاري وقضاة تلك الدولة حتى توفي ودفن في الرياض.

أخضعت قوات إبراهيم القطيف والإحساء واحتفلت القوات المصرية، وفي كانون الأول 1819 عاد إبراهيم باشا مع نواة جيشه إلى القاهرة وأبقى على الحاميات المصرية في مدن نجد والحجاز.

الدولة السعودية الثانية

قامت بين عامي 1824 و1891، وكان غياب السيطرة المصرية عن المسرح السياسي في الجزيرة العربية وعدم رغبة الباب العالي العثماني إمكانية أو رغبة بتعزيز مواقعهم على ساحل الخليج العربي، كلها عوامل أدّت إلى تهيئة الظروف لنشوء دولة سعودية على مساحة محدودة.

نشأت الدولة السعودية الجديدة على مساحة من الأراضي أقلّ من أراضي إمارة الدرعية، لعب فيصل بن تركي الدور الأعظم في إنشائها بمساعدة عبدالله العلي الرشيد أول حكام إمارة الرشيد. وانتهت عام 1891 على يد محمد العبدالله الرشيد حاكم حائل. وتمّ ضمّ الرياض وسدير والوشم والخرج ووادي الدواسر إلى حائل.

الدوله السعودية الثالثة وتأسيس المملكة السعودية

أنشئت الدولة السعودية الحديثة بقيادة عبد العزيز آل سعود بجانب الشيخ مبارك الصباح في الكويت عام 1910. وقد نشأت في البدء على مساحة حول منطقة الرياض عام 1902، ففي 15 كانون الثاني 1902 سيطر عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على الرياض، وضمّ إليه الأفلاج، وفي الأعوام من 1910 إلى 1912 تمكن من ضمّ القصيم، وتبعتها الإحساء في 1913.

إمارة الرياض والحرب العالمية الأولى

عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، بعث أمير الرياض عبد العزيز بن سعود رسائل إلى الشريف حسين وسعود بن صالح في حائل والشيخ مبارك الصباح في الكويت، واقترح عليهم عقد قمة للحكام العرب للحيلولة دون جرّ العرب إلى العمليات الحربية ولتوقيع معاهدة مع الدول الكبرى لضمان تقرير المصير للدول العربية. ولكن لم تكن الآراء متوافقة آنذاك، وردّ حاكم حائل بأنه سيقاتل ضدّ الذين يقاتلون الأتراك وسيتصالح مع الذين يتصالحون معهم.

وصل نجد في تلك الفترة مبعوث السلطات العثمانية وقابل عبد العزيز في بريدة، ولكن القوات البريطانية احتلت البصرة في ذلك الحين، وفي ذات الوقت، توجه من المدينة المنورة وفد تركي آخر لاستمالة عبد العزيز إلى جانب العثمانيين، ولكن عبد العزيز تملص من تقديم الوعود قائلاً أنه عاجز عن مقاومة الإنكليز، ولكنه وعد بعدم اعتراض نقل المؤن والذخيرة إلى الجيش التركي عبر أراضيه.

بالرغم من اعتماد البريطانيين على الشريف الحسين -شريف مكه ، فإنّ أمير نجد كان مهماً بالنسبة لهم أيضاً، فمناطق نفوذه تنبسط من حدود الكويت إلى جبل شمر إلى حدود الربع الخالي، ومن الخليج إلى الحجاز، وكانوا يريدون من عبد العزيز شيئاً واحداً، ان يشلّ إضعاف العثمانيين من خلال غضاف أمير حائل الموالي للعثمانيين والذي كان يهدّد جناح الجيش البريطاني جنوب وادي الرافدين.

لما بدأت العمليات الحربية في الشرق الأوسط، استدعى المعتمد البريطاني في الخليج السير بيرسي كوكس مخبره شكسبير وأرسله إلى نجد، وبمجرد وصوله إلى الرياض أصرّ على ان يبدأ الأمير النجدي العمليات الحربية ضدّ الشمريين. وتمكن شكسبير من إجراء محادثات سياسية مع عبد العزيز آل سعود. فوضعا مسودّة معاهدة التزم بريطانيا بموجبها بضمان مواقع السعوديين في نجد والإحساء وحمايته من الهجمات العثمانية المحتملة مقابل التزامه بمساعدة الحلفاء وتعهّده «بمنح فلسطين للمساكين اليهود » ، وفي ذات الفترة وصل مبعوثون عثمانيون كانوا لا يزالون يأملون في اجتذاب الأمير إلى جانبهم.

وتختلف الروايات حول دور شكسبير في تلك العمليات، فيقال انه كان عند عبد العزيز عدة مدافع يقود بطاريتها الكابتن شكسبير، وأخرى تقول بأنّ شكسبير كان مجرّد مراقب، وحاول عبد العزيز إقناع شكسبير بالبقاء في الزلفي، ولكن شكسبير أصرّ على المشاركة، وفي أواخر كانون الثاني 1915 تصادمت قوات الطرفين في معركة جراب شمالي الزلفي، وبدأت معركة استمرت عدة أيام. وانتهت بتعادل الطرفين.

المعاهدة الأنكلو ـ نجدية

في 26 كانون الأول 1915، وقع بيرسي كوكس مع عبد العزيز آل سعود المعاهدة الأنكلو – نجدية في جزيرة دارين المقابلة للقطيف. وصادق على المعاهدة نائب ملك بريطانيا وحاكم الهند في تموز 1916. وقد تمّ إلغاء هذه المعاهدة بعد توقيع معاهدة جدة سنة 1927.

وبعد بروز حركة «الإخوان المسلمين» أعلن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود نفسه إماماً ودعا القبائل إلى دخول «دين الإخوان» في عام 1916، وأستطاع بعدها ضمّ حائل عام 1921 وإسقاط دولة آل رشيد وضمّ البلدات الشمالية كالجوف ووادي السرحان.

وخلال الحرب الحجازية استطاع عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الاستيلاء على مدن مكة والمدينة المنورة والطائف وبسقوط جدة في 5 كانون الأول 1925 بعد حصار دام نحو عام انتهت دولة الأشراف في الحجاز وأعلنت مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها.

وفي 19 أيلول 1932 صدر أمر ملكي بتوحيد البلاد تحت اسم «المملكة العربية السعودية» وذلك ابتداء من 23 أيلول.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى