فتحعلي: حدّة مواقف السنيورة نابعة من عُقَدِه الداخلية تجاه المسائل الإقليمية

 

هتاف دهّام

تُستأنف المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1 الثلاثاء المقبل في فیینا، وستُجرى الجولة الختامیة منها علی مستوی مساعدي وزراء الخارجیة والخبراء. ويؤكد السفير الايراني في لبنان محمد فتحعلي «أنّ المفاوضات بغية صوغ نص الاتفاق النووي النهائي جارية الآن على مستوى مساعدي وزراء الخارجية والخبراء، ويتوقع أن نصل في الموعد المحدّد إلى اتفاق في إطار معادلة «رابح رابح».

يُذكّر فتحعلي بـ«أنّ المسؤولين الإيرانيين أعلنوا صراحة أنّ محاولة الطرف المقابل وضع عراقيل سواء في ما يختصّ برفع العقوبات كافة أو بطرح شروط مبالغ فيها، فإنّ المجال يصبح حينها متاحاً أمام إيران من أجل تخصيب اليورانيوم بالمستوى الذي تريده».

لقد تمكنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال الصبر الذي تحلّت به طوال السنوات الماضية من حلّ الكثير من المشكلات التي كان يُعتقد بأنها غير قابلة للحلّ، وقضية الملف النووي الإيراني ليست استثناء، هذا ما يقوله الدبلوماسي الإيراني في لقاء إعلامي.

وبات من الواضح للقاصي والداني أنّ العملية المسمّاة «عاصفة الحزم» لم تحقق شيئاً سوى تخريب اليمن ورفع مستوى سوء الظن لدى الشعب اليمني تجاه السعودية، وأنّ استمرار العمليات العسكرية والحصار الاقتصادي، لا يخدم أمن المملكة على الإطلاق، بل إنه في المقابل يلهب حسّ الانتقام لدى الشعب اليمني الذي يفقد أبناءه ومقوّمات حياته من خلال هذا السلوك العدواني السعودي، بحسب فتحعلي.

ويبدي السفير الإيراني قلقه من التطورات اليمنية، ويعرب عن أسفه لأنّ السعودية والبلدان المنضوية ضمن التحالف العربي تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني المظلوم.

الا أنّ «عاصفة الحزم» السعودية التي أنزلت صواريخها على اليمن، لم ينجُ لبنان من شظاياها، كيلٌ من الاتهامات والتلفيقات ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية قاده تيار المستقبل بشخص رئيس الكتلة فؤاد السنيورة، والذي اعتبر أنّ تصاعد دور التدخل الإيراني والسطوة الإيرانية في المنطقة المدفوعة بنظرية تصدير الثورة المرتكزة على فكرة ولاية الفقيه العابرة للحدود السياسية والتي سعت وتسعى إلى بسط سيطرتها ونفوذها عبر شبكة من التنظيمات المسلحة والتي تساهم بدورها في تأجيج هذه الصراعات والانقسامات الداخلية وزيادة حدّة الاحتقان والتطرف، سمح بتصاعد دور الميليشيات المتطرفة التي صارت لبعضها وظيفة داخلية مدّعاة هي «حماية أهل السنّة وحقوقهم من التغوّل المذهبي الإيراني». ودعا ما سمّاها «قوى الاعتدال العربي إلى تطوير موقف عربي جماعي واضح وحازم يستعيد التوازن الاستراتيجي في المنطقة ويتصدّى للاجتياح الإيراني للدول والمجتمعات العربية، ومواجهة التطرف والإرهاب».

مواقف رئيس الكتلة الزرقاء في مجال «مكافحة المملكة العربية السعودية للإرهاب والفكر التكفيري»، لم تُثر دهشة أو استغراب السفير الإيراني الذي يجسّد الطبع الإيراني الهادئ ويوصل الرسالة التي يريدها بكلّ مهارة وذكاء، بقوله: «لم يعد أحد يأتي على ذكر ما جرى في فندق «دي روي» والعناصر الانتحارية التي احتلته، فضلاً عن ماجد الماجد ونعيم عباس وغيرهم من العناصر التكفيرية التي سفكت دماء اللبنانيين خلال الأشهر الماضية، فهؤلاء الإرهابيون إما قتلوا أو اعتقلوا. أما حديث السنيورة حول حقوق الإنسان فيمكننا أن نفهمه في شكل واضح عندما نرى أنّ عشرات الآلاف من الأبرياء في العراق وسورية ولبنان وكلّ العالم ذهبوا ضحية الفكر الوهابي الذي لا يكلّف دولة السنيورة نفسه عناء التحدّث عنه».

يدعم السفير الايراني «توجّه السنيورة حيال صون العيش المشترك ويرحّب بانضمامه إلى صفوف المعتدلين، لا سيّما أنّ دولته لطالما اشتهر بالخطابات الحادّة والطائفية»، لكنه يسأله هل «أنّ الاعتدال من وجهة نظره يتجلّى في اليمن من خلال تخريب بلد برمّته وهدم بناه التحتية ومرافقه العامة والخاصة وتدمير جسوره وطرقاته ومطاراته ومخيمات اللاجئين فيه ومستودعات المواد الغذائية، وقصف خزانات المياه وهدم البيوت وإلقاء القنابل العنقودية على رؤوس الأطفال والنساء، الأمر الذي ينتج منه للأسف آلاف الشهداء والجرحى والمصابين، ومن ثم يحرّم على هؤلاء وصول الأدوية والمستلزمات الطبية إليهم وتدمّر المطارات لكي لا تكون قادرة على استقبال المساعدات الطبية والإنسانية؟

وبحسب فتحعلي، حاول الرئيس السنيورة تغطية «السموات بالقبوات» وسعى جاهداً الى تقديم صورة متوازنة عن نفسه وعن قائد العمليات المسمّاة «عاصفة الحزم»، عاكساً من خلال «مواقفه تلك عُقَدِه الداخلية تجاه المسائل الإقليمية، بدلاً من أن يطرح الحلول الاقتصادية الناجعة للمشكلات التي يعاني منها العالم العربي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى