لافروف وكيري يبحثان هاتفياً ضرورة تحريك محادثات جنيف

كثف الجيش السوري والفصائل المنضوية تحت رايته عمليات العسكرية خلال الأسابيع الماضية، وأحرز تقدماً واضحاًعلى مختلف الجبهات التي شهدت حراكاً عسكرياً نشطاً. العمليات العسكرية امتدت من حلب وادلب واللاذقية شمالاً ومناطق دير الزور والريف الشرقي، في ظل انطلاق عمليات عسكرية واسعة استهدفت مناطق الزارة والحصن في ريف حمص ويبرود في القلمون، وصولاً للريف الجنوبي في درعا والقنيطرة مع إعطاء أولوية واضحة لمحيط العاصمة دمشق وتحديداً غوطته الشرقية.


العمليات العسكرية جاءت في وقت قلّ فيه الحراك الدبلوماسي المعلن فيما يخص الأزمة السورية من دون حسم موعد الجولة الثالثة من مفاوضات «جنيف2» بشكل رسمي رغم بعض التسريبات التي أشارت الى احتمال انعقادها في النصف الثاني من شهر آذار. ووفق تأكيد مصادر دبلوماسية وجود اتصالات دائمة بين موسكو وواشنطن بخصوص سورية رغم الأزمة الأوكرانية، بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري في اتصال هاتفي أمس الوضع في سورية.

وقالت الخارجية الروسية في بيان أن «وزيري خارجية البلدين أعربا خلال الاتصال الذي جرى اليوم بمبادرة من الجانب الأمريكي عن رأي موحد بضرورة تحريك المحادثات المباشرة بين أطراف الأزمة السورية في جنيف».

وشهدت عاصمة الشمال حلب انجازات عسكرية تمثلت بتقدم كبير لوحدات من الجيش السوري وسيطرتها على بعض الكتل والشوارع داخل المدينة الصناعية بعد أحكامها السيطرة على قرية الشيخ نجار الملاصقة لها، وسط تقدم لوحدات اخرى وسيطرتها على تلة المجبل الاستراتيجية والتي تفصلها عن سجن حلب المركزي المحاصر اقل من كيلومترين. اضافة لعمليات مكثفة لوحدات من الجيش في أحياء حلب وتركيزها على أحياء المدينة القديمة، وعمليات مباغته في الريفين الشرقي والشمالي للمدينة تتركز في عربيد وكويرس ورسم العبود وعزان وتل جبين وشمال الباب وعندان وشرقي حريتان وبيانون.

النشاط العسكري في الشمال واكبه عمليات واسعة للجيش السوري في جنوب البلاد تركزت في ريف مدينة القنيطرة الذي يشهد اشتباكات عنيفة مع المسلحين في مناطق متاخمة للجولان المحتل واحياناً في قرى ملاصقة للشريط الحدودي، حيث أعلن أمس عن إزالة الجيش السوري حقل ألغام كان قد زرعه في أعقاب حرب 1973، وتأتي هذه الخطوة بعد قيام جيش كيان العدو بتفكيك الغام في الجولان المحتل، اعتبرتها مصادرعسكرية سورية تمهيداً لتدخل محتمل.

هذه الرسالة التي وجهها الجيش السوري لعدوه لم تكن الأولى، فكمين بحيرة العتيبة في الغوطة الشرقية لدمشق منذ يومين والذي حصد أكثر من 200 قتيل للمسلحين، اتّبعه أمس بكمين آخر في منطقة قريبة على أحد الطرق الفرعية بين الغوطة والقلمون، أسفر عن قتل 20 مسلحاً، وسط عمليات متنقلة تستهدف مناطق جوبر وزملكا والمليحة وداريا وحرستا وخان السيح والقدم وعدرا العمالية ودوما، في وقت يكثر فيه الحديث عن اقتراب معركة كبيرة ستشهدها دمشق انطلاقاً من الحدود الجنوبية مروراً بالغوطة.

سلسلة الانجازات مستمرة بعمليتين للجيش في القلمون والزارة وبانتهائهما ستغلق الحدود اللبنانية بشكل كامل أمام أي إمداد للمسلحين بالعتاد والعديد، وسط تقدم للجيش في محيط يبرود واستهدافه بالأمس بثلاث غارات جوية مرتفعات خربة يونين ومنطقة المصلحة والتي تربط فليطة السورية بعرسال اللبنانية، مع بدء تقدم لوحدات المشاة في الجيش واستهدافها لمسلحين في مزارع ريما وطريق أبو فاروق ومنطقة رأس الشارع والطريق العريض والقرينة وبالقرب من معمل خلف في يبرود ومناطق فليطة والسحل، وسط قصف مدفعي وجوي مركز.

وفي منطقة الحصن انجز الجيش السوري طوقه حول قرى الزارة والشويهد والحصن والحصرجية وقطع خطوط الامداد من لبنان الى ريف تلكلخ، وسط قصف مركز يستهدف تجمعات المسلحين وتحصيناتهم في المنطقة وعمليات تقدم وقضم مدروسة تتم ببطء تجنباً للخسائر نتيجة لطبيعة هذه المنطقة الوعرة.

يأتي ذلك في وقت ينفذ الجيش عمليات في دير الزور في قرى المريعية ومحيط المطار ومناطق ريف الرقة والحسكة وريف اللاذقية الشمالي ومنطقة مورك في ريف حماه.

العمليات العسكرية تستمر بالتوازي مع تسوية أوضاع الكثير من المسلحين الذين فضلوا رمي السلاح وتسوية اوضاعهم وفتح مناطق وجودهم امام دخول الجيش السوري والمساعدات بعد طرد الأجانب منها. تسويات شملت مناطق ومسلحين في بيت سحم، يلدا، ببيلا، داريا، جديدة عرطوز، مضايا، الزبداني، مخيم اليرموك وغيرها الكثير في ريف دمشق ومناطق اخرى من سورية.

التطورات الميدانية، جاءت في وقت تعمل فيه دمشق على نقل مخزونها من المواد الكيماوية الى ميناء اللاذقية ليصار الى تدميره بحسب الاتفاق مع الأمم المتحدة ومنظمة حظر انتشار الاسلحة الكيماوية.

وقد ذكر تقرير أممي قدم لمجلس الأمن الدولي، أن القوافل السورية التي تنقل المواد الكيماوية الى ميناء اللاذقية لإخراجها من البلاد وإتلافها لاحقا، تعرضت لمحاولتي اعتداء نهاية الشهر الماضي.

ونقل التقرير الصادر عن البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية عن السلطات السورية أن الهجومين وقعا يوم 27 كانون الثاني، مشيراً أن السلطات السورية أبلغت البعثة أيضاً بأن العمليات القتالية المستمرة في البلاد، جعلت اثنين من المواقع الكيماوية غير قابلة للوصول اليها خلال الجزء الأكبر من الفترة التي يتعلق بها التقرير والتي تمتد بين 23 كانون الثاني وحتى 22 شباط. وذكر التقرير أن ذلك أدى الى تأجيل إتلاف ما تبقى من مخزون مادة «إيزوبوبانول» التي تعتبر عنصراً أساساً لإنتاج غاز السارين.

الى ذلك أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نيسيركي أن البعثة المشتركة والأمم المتحدة تدرسان اقتراح الحكومة السورية بازالة أسلحتها الكيماوية خلال 100 يوم بعد أن انتهت المدة القديمة التي كانت مقررة في 5 شباط.

من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دمشق إلى تكثيف جهودها للتخلص من ترسانتها الكيماوية بحلول 30 حزيران المقبل. وجاء في رسالة وجهها بان الى مجلس الأمن الدولي، بالتزامن مع إحالة التقرير الشهري للبعثة المشتركة «في الوقت الذي تم فيه تحقيق تقدم على الرغم من الظروف الصعبة، يتعين على الجمهورية العربية السورية أن تكثف جهودها من أجل تدمير برنامجها الخاص بالأسلحة الكيماوية بالكامل بحلول 30 حزيران عام 2014». وتابع بان أنه ينتظر أن تؤكد دمشق على التزاماتها بشأن نقل جميع المواد السامة من المواقع المتبقية، الى ميناء اللاذقية، من أجل إخراجها من البلاد وإتلافها لاحقاً.

ويشير التقرير أنه تم خلال هذه الفترة شحن 4.5 من المواد الكيميائية الأكثر خطورة على متن سفن دنماركية ونرويجية. كما قام السوريون بتدمير جزء من المواد السامة بأنفسهم، وبذلك تخلصت دمشق، خلال الفترة المذكورة، من 17.2 من مخزونها الكيماوي.

وكانت دمشق قد قدمت جدولاً زمنياً جديداً لعملية التخلص من الأسلحة الكيماوية، ينص على نقل جميع المواد المتبقية باستثناء المواد المخزنة في المواقع التي لا يتسنى الوصول اليها، بحلول 13 نيسان المقبل. وتخطط السلطات السورية لإتمام عملية نقل المواد السامة الى الخارج بحلول 27 نيسان المقبل، إذا سمحت بذلك الظروف الأمنية.

ويأتي ذلك في وقت أعلن قائد القوات الأميركية في أوروبا الجنرال فيليب بريدلاف أن المحادثات بين حلف الناتو وروسيا بشأن تشكيل بعثة مشتركة لتأمين عملية إتلاف الاسلحة الكيماوية السورية، تتقدم على الرغم من تنامي التوتر في العلاقات بين الطرفين بسبب الأزمة الأوكرانية.

وأوضح بريدلاف أن المحادثات تجري في إطار مجلس «روسيا – الناتو» وتتركز على احتمال إجراء عملية بحرية مشتركة في البحر المتوسط لحماية سفينة الشحن الأميركية «كيب راي» التي من المقرر أن يتم إتلاف المواد الكيماوية على متنها. مضيفاً أن حلف الناتو سيرحب بالمساهمة الروسية في العملية التي قد تستغرق 90 يوماً وفق تقديرات المسؤولين الأميركيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى