تدمر تئن

نظام مارديني

من حق تدمر اليوم ان تكون حزينة وكئيبة وأسيرة، وتكاد ان تكون مختطفة بالكامل إن لم يواكبها جيشنا العظيم، ويعيد إليها بهاءها كعروسة سورية التي ترفض أن تكون احدى ضحايا البيدق الـ «داعشي» اليهودي راهناً.

لا يمكن تجاهل الدور الذي لعبته تدمر وقائدتها العظيمة زنوبيا في تاريخ المنطقة، وأيام روما الطاغية، فقد كانت واحدة من القلاع التحررية والثورية في العالم وساهمت في شكل كبير في إحياء مُثل الحرية لدى العديد من الشعوب، وكانت سوريانا في قلب هذه المعادلة.

ولكن هذا الهجوم لـ «داعش» على تدمر عشية سقوط الرمادي الأنبارية في العراق يأتي وفق خطة ممنهجة كان أطلقها الكونغرس الأميركي عبر الدعوة إلى تسليح السنّة والأكراد واعتبارهما دولتين مستقلتين في العراق، ومن ثم تراجعه عن هذه الدعوة.

وبين الدعوة والتراجع خيط رفيع من خبث الرجل الأبيض في منطقتنا، الذي دفع «داعش» الى احتلال مدينة الرمادي ثم محاولته احتلال تدمر، والاحتلال لم يتم إلا من خلال مراقبة أميركية دقيقة لهذه المنطقة الممتدة بين الأنبار وتدمر، وعلى «داعش» أن يفتح أبواب الضرورة لأميركا، ودق أوتادها حيث تريد. وكان هذا التنظيم المبرر الفاقع والفاضح لهذا التوجه، بخاصة أن هناك اتفاقاً رسمياً، بين «تل أبيب» وواشنطن لإعادة تقسيم المنطقة وفق اتفاقية سايكس بيكو جديدة، كما بشرنا بها أول من أمس، نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورطولموش، بتسليم الشرق الأوسط الوسيع أو الجديد أو الكبير لا فرق وتطويبه لـ «إسرائيل» بعد تحويله إلى ركام يستحيل نهوضه مجدداً، حيث سيتم تقسيم ركامه إلى كانتونات إثنية وعرقية.

ما أريد قوله إن «داعش» الذي جاء من مؤخرة التاريخ، يتهيأ الآن لاستكمال قتل تاريخنا الذي بدأ في نينوى وبابل وكركوك، ها هو يصل خرابه إلى بوابات تدمر الشمالية بعد ان تم تصنيعه من قبل الاستخبارات الأميركية والبريطانية و»الإسرائيلية»، من رحم «القاعدة».

هذا هو «داعش» الذي جيء به لتشويه صورة الإسلام المحمدي وتفتيت منطقتنا، ما يذكرنا بما قاله أحد المسؤولين الأميركيين قبل نحو عشر سنوات من ان الأميركيين سيخلقون لنا إسلاماً جديداً، وقد صدق في قوله وأخرج لنا المحمدية المتصهينة أسوة بالمسيحية المتصهينة ، الجديدة التي ستمثل دور حصان طروادة بالنسبة الى الغرب.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو أن هذا الـ «داعش» في بلادنا، لم يقترب من فلسطين التي تحتلها «إسرائيل» منذ 67 عاماً وشردت أهلنا منها، ولا أدري إن كان في هذا التنظيم مختصون بالعلاقات الدبلوماسية ليفتحوا ملف إقامة سفارتهم في «تل ابيب» كما فتحت لهم مستشفيات الكيان الصهيوني في الجولان السوري المحتل. أم أن رعاتهم في واشنطن ولندن و»تل أبيب» سيقررون التخلص منهم بعد ان استخدموا كبيادق لخدمة المشروع اليهودي في المنطقة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى