الجيش السوري يحارب «داعش» وأميركا

حيدر مصطفى

مفارقة غريبة في أحداث الأيام الماضية، مسرح العمليات البادية السورية، من تدمر الى شرق البلاد. هزيمة كبرى مُني بها «داعش» في تدمر ومحيطها. حضارة زنوبيا كانت مهددة بالدمار، والدول التي تجاهر بحربها لـ «داعش» صمتت مجدداً. لتعلن بعد يقينها بهزيمة «داعش» بأن الجيش السوري والنظام السوري ليسا جزءاً من الحرب على «الدولة الإسلامية» المزعومة.

في تدمر كانت المساعي لقيادات «داعش» تهدف إلى فتح بوابة جديدة الى العمق السوري، حمص تحديداً. السيطرة على المزيد من حقول النفط كحقل آراك والالتفاف على موقعة جبل الشاعر التي لطالما هزمت بها بمواجهة الجيش السوري. وتدمير إرث حضاري عمره آلاف السنين.

النشطاء تداولوا معلومات تقول إن اقتراب «داعش» من تدمر المدينة، هو بسبب نقل الجيش السوري لوحدات عسكرية عديدة من تلك الجبهة للمؤازرة في إدلب. الأمر الذي مكن مقاتلي التنظيم التقدم في صحراء لا شك في أنهم يختبرون القتال بها جيداً. وبعيداً من التحليل في صحة هذا الكلام. فإن المعلومات الميدانية تؤكد أن حجم القوات المتواجدة في إدلب ومحيطها يكفي للجم تقدم المسلحين والبدء بعمليات موضعية. الأمر المفاجئ والذي بدد صحة كلام النشطاء، هو ما أفادت به مصادر خاصة عن إرسال الجيش السوري تعزيزات ضخمة جداً منذ بدء معركة تدمر وتمكنها خلال يومين من قلب الموازين في صحراء البادية. بالتوازي مع المواجهات العنيفة التي خاضها الجيش السوري مع مقاتلي «داعش» في تدمر ومحيطها.

أمر الرئيس الاميركي باراك اوباما بتنفيذ عملية عسكرية انغماسية شرق سورية، الهدف منها، قتل المدعو أبو سياف أبرز قياديي «داعش» المختصين في الشأن المالي والنفطي. واشنطن أعلنت على لسان وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر أن العملية نفذتها مروحيات عسكرية تابعة للجيش الاميركي قامت بإنزال وحدات مقاتلة تمكنت من قتل ابو سياف واعتقال زوجته وقتل واعتقال عدد من العناصر.

وأكدت واشنطن ايضاً أنها لم تُعلم الدولة السورية بقرار العملية، وشددت على أن النظام السوري لم ولن يكون جزءاً من عملية مواجهة تنظيم «داعش»، وبالتالي تنفي التنسيق معه في الوقت الحالي وفي المستقبل.

المفارقة الأولى تكمن في عدم قدرة واشنطن على الاعتراف بأن عملية إنهاء وجود تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» لا تكتمل إلا بالتنسيق مع الدولة السورية والجيش السوري. المفارقة الثانية هو التساؤل الذي يلف عملية الإنزال، فلماذا لم تكن العملية كسابقاتها من خلال غارة تقصف موقع ابو سياف، بل اختيار الإنزال وقتل المدعو نفسه لا اعتقاله. بالتالي فإن التساؤل الأكبر لماذا «وزير النفط» لدى «داعش» تحديداً؟

قد لا توجد أية روابط واقعية بين عملية الانزال الاميركية شرق سورية وبين عملية حماية تدمر من قبل الجيش السوري وسط البلاد. وبين اعلان واشنطن عدم التنسيق مع الدولة السورية في الوقت الحالي أو في المستقبل، وفي كلامها تصعيد واضح تجاه النظام السوري، خصوصاً الإعلان في شكل واضح عن اتخاذ قرار العملية من قبل الرئيس اوباما وهو أمر غير مسبوق في الحرب الاميركية المزعومة ضد «داعش».

رسالة واشنطن الى دمشق قد تترجم في هذا القول: «يمكننا تخطي الخطوط الحمر وإنزال قواتنا على الاراضي السورية لتنفيذ أي عملية تصب في مصلحة الولايات المتحدة، من دون الرجوع إليكم لأنكم لستم جزءاً من الحرب ضد «داعش».

ورسالة دمشق كانت في صباح اليوم التالي الإعلان عن نسف مخطط «داعش» في تدمر، وتمكن الجيش السوري من تأمين محيط المدينة، وتكبيد التنظيم عشرات القتلى حسب تأكيد المصادر السورية. مثبتاً مجدداً أنه المرجعية الوحيدة في داخل الاراضي السورية لمواجهة «داعش» وباقي التنظيمات الإرهابية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى