مزيد من التنسيق والهدوء قبل اللحظات الحاسمة

سعد الله الخليل

قضت زيارة الدكتور علي أكبر ولايتي مستشار الإمام علي خامنئي على آمال المراهنين الأخيرة في تغيير الموقف الإيراني حيال ما يجري في سورية، أو تخفيف دعم دمشق سياسياً واقتصادياً ضمن صفقة طهران مع القوى الكبرى حول الملف النووي بحسب ما أشيع من كلام عن تخلّي القيادة الإيرانية عن دعم سورية اقتصادياً وسياساً وعسكرياً، سخّرت قنوات صناعة الرأي العام مستثمرةً التزامن غير البريء بين استقبال الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وإيعاز الأخير لمجموعات «النصرة» بالهجوم على مدينة إدلب عبر البوابات التركية.

بعيداً عن التصريحات التي أكدت ثبات الموقف الإيراني حيال دعم سورية، وفصله عن مسار التفاوض النووي الإيراني، وهو ما قاله ولايتي صراحة، فإن الزيارة بحدّ ذاتها تحمل دلالات على رفع مستويات التنسيق عبر مكوّنات محور المقاومة بزيارة ولايتي إلى لبنان ولقائه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، قبل زيارته إلى سورية ولقائه الرئيس بشار الأسد، بالتزامن مع زيارة رستم قاسمي رئيس لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الإيرانية ـ السورية إلى دمشق، ولقائة الرئيس الأسد أيضاً، والإعلان عن دعم الاقتصاد السوري في المجال الأكبر من مجالاته الحيوية، المتمثل بقطاع الصناعة، وذلك بأربعة مليارات من الدولارات الأميركية، في مؤشر على ربط السياسة بأرض الواقع، كموقف مبدئي داعم للرئيس الأسد بغضّ النظر عن نتائج المفاوضات النووية.

كما يترجم الدعم السياسي دعماً على أرض الاقتصاد، فإن تنسيق نيران المدافع على الأرض بين بواسل الجيش السوري وأبطال المقاومة اللبنانية، ثمة ما يجاريه في السياسة. فكان التناغم في سلسلة التصريحات والمواقف بين الرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصر الله التي وصّفت صورة الحرب كما هي، وقطعت «شعرة معاوية» بوجوب تسمية الأمور بمسمّياتها من جهة مكامن الإرهاب في مملكة الرمال، أو الدور التركي المشبوه وتماهي المشروع الإخواني في المنطقة مع المشروع الصهيوني، من حيث الشكل والمضمون والأهداف والرؤى.

وليس ببعيد عن حراك دمشق ـ طهران، فإن الخط المكمّل لمحور المقاومة يتابع حراكه في موسكو نشاطاً دبلوماسياً يناقش مستقبل الحراك السياسي حيال سورية مع الموفد الأميركي، نائب وزير الخارجية المكلف بالملف السوري دانيال روبنشتاين، وعينه على ميدان القلمون، مبدياً ارتياحاً حيال ما يجري، وقاطعاً الطريق على أنقرة لاستثمار تطورات إدلب وجسر الشغور بحجز مقعد في جنيف، بإعلانه الميل نحو الاستمرار في لقاءات موسكو التشاورية بدل انعقاد طاولة جنيف، ما يعني التريّث إلى حين حرق الورقة الأردوغانية الأخيرة في مرحلة ما بعد القلمون.

تناغمٌ في الأداء على الأرض، وحراكٌ دبلوماسي اقتصادي يقطف محور المقاومة نتائجه بما يعجز خصومه على مجاراته بعد السقوط في المستنقع اليمني والذي ساهمت موسكو عبر تمرير قرار مجلس الأمن بتوريطه أكثر فأكثر. فلم يستطع التأسيس على حرب اليمن كمنطلق لشن هجماته على ما هو أبعد من الحدود اليمنية. فمن يضع قدميه على اسفنج عائم على المياه، لا يمكنه الوثب إلى الأمام خشية السقوط أكثر فأكثر.

تقتضي النزالات المصيرية واللحظات الحاسمة مزيداً من التنسيق والهدوء والتأنّي في الخطوات، وهو ما يدركه جيداً محور المقاومة ويجيد اللعب بخطة النفَس الطويل، ويدرك أيضاً حجم إرباك خصمه وتسرّعه، وهو ما يمنح خطواته قيمة مضافة تظهر تجلياتها في خواتيم الأمور.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى