الأبعاد الهامة لمعركة القلمون

حميدي العبدالله

قلّل الإعلام المرتبط بالحرب على سورية والمعادي لحزب الله من أهمية الانتصارات والمكاسب التي حققها الجيش السوري ومجاهدو حزب الله في منطقة القلمون. علماً أنّ تحرير التلال والجبال التي كانت خاضعة لسيطرة «جبهة النصرة» والتنظيمات الأخرى، كشفت عن حقيقة أنّ الجماعات المصنّفة إرهابية من قبل الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، ومن حكومات المنطقة، وتحديداً حكومة المملكة العربية السعودية، كانت تسيطر على مناطق واسعة من الأراضي اللبنانية، ليس في جرود عرسال وحدها التي لا تزال خاضعة لسيطرة «داعش» و«النصرة» والتنظيمات الأخرى، بل أيضاً في مناطق أخرى لبنانية تمتدّ على مساحة واسعة جداً. لكن على الرغم من التقليل من أهمية ما حققه الجيش السوري ومجاهدو المقاومة، إلا أنّ ذلك يعني أنّ ما تحقق له أبعاد وتداعيات على جانب كبير من الأهمية، ومن أبرز هذه الأبعاد والتداعيات:

أولاً، انعدام القدرة على القيام بأعمال تسلل عبر الأراضي السورية إلى داخل لبنان لشنّ عمليات إرهابية، على غرار العمليات التي تعرّض لها لبنان، ولا سيما الضاحية الجنوبية لبيروت عندما كانت الجماعات الإرهابية تسيطر بشكل كامل على منطقة القلمون، حيث شكلت هذه المنطقة قاعدة لتفخيخ السيارات وشنّ الهجمات، بل قضت على أيّ أمل بالانطلاق من هذه القاعدة لتوسيع نطاق سيطرة الجماعات الإرهابية على جزء من الأراضي اللبنانية ليكون ذلك بمثابة شريط لملاذ آمن وقاعدة عمل استراتيجية لاستمرار حرب الاستنزاف داخل سورية. وقوّضت أيّ احتمال أن تقدّم الجماعات الإرهابية أيّ دعم لمثيلاتها داخل لبنان، وبات حديث الشيخ سالم الرافعي الذي هدّد الجيش ولبنان بالمسلحين السوريين مجرّد لغو لا طائل منه، وتهديد لا يأخذه أحد على محمل الجدّ، ولو لم يتحقق في القلمون في المعركة الأخيرة ما تحقق لما كان ذلك.

ثانياً، سقط رهان الكيان الصهيوني ومن خلفه رهانات أطراف أخرى على تحوّل هذه المنطقة إلى قاعدة راسخة لاستنزاف حزب الله، من خلال القصف على البلدات التي تشكل معاقل له، ومن خلال الهجمات على مواقعه المنتشرة على طول الحدود لحماية هذه البلدات، الأمر الذي من شأنه أن يصرف جهده عن الاستعداد في مواجهة الكيان الصهيوني على الحدود الجنوبية، أو الإسهام في معارك الجيش السوري على امتداد الأراضي السورية في مواجهة الإرهابيين.

ثالثاً، من شأن هذه المكاسب والانتصارات أن تعجّل في تطهير كامل مناطق الحدود السورية اللبنانية من وجود الجماعات المسلحة، ولا سيما في الشريط الذي يضمّ مدينة الزبداني وبلدات سرغايا ومضايا، إضافة إلى حصر المسلحين في مدينة عرسال وجرودها، ومن شأن ذلك أن يقلّص الأعباء الملقاة على عاتق الجيش السوري من أجل حماية مدن القلمون التي تمّ تحريرها في ربيع عام 2014، وبعد إنجاز معركة القلمون يستطيع الجيش السوري توجيه القوات التي كانت مولجة بحماية القرى والبلدات والطرق والحدود مع لبنان وفي منطقة القلمون التي يقدّر بأن تكون هذه القوات بالآلاف وليس بالمئات، لتعزيز جبهات أخرى، وتوفير شروط الانتصار على الجماعات المسلحة في تلك الجبهات.

لكل هذه الأسباب، فإنّ نتائج معركة القلمون الثانية، نتائج لا تقلّ أهمية عن نتائج معركة القلمون الأولى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى