أسر الشهداء ـ مقال بعدة تواقيع ـ حوار اقتصادي ـ رئاسة مؤجلة ـ تعدّدية سياسية

ناصر قنديل

– تسنّى لي المشاركة على مدى يومين بفعاليات تكريم أسر الشهداء في طرطوس واللاذقية، ولا أستطيع كتمان شدة تأثري بمستوى المعنويات العالية التي لمستها من الآباء والأمهات والزوجات والأبناء، ومثلها الافتخار بشهادة من سقطوا على طريق حماية قرار سورية المستقلّ والمقاوم، والأهم درجة الحرارة في العاطفة المتدفقة تجاه المقاومة وسيدها والجيش، وتتويجاً درجة الوعي السياسي لدى أشدّ الناس بساطة لمعادلة رسمتها أم شهيد وهي تقول لي: لقد سمعتك تقول إنّ الوفاء لتضحيات الشهداء هو الثبات على خياراتهم التي استشهدوا من أجلها، وأنا أقول لك سأحمل دم ابني الشهيد ورقة يوم الانتخابات لأضع اسم الرئيس بشار الأسد، ليعرف العالم أنهم لا يحاربون الرئيس بل الشعب كله وراء الرئيس في الدفاع عن كرامة سورية.

– تقدّم «البناء» تجربة جديدة في الكتابة الصحافية قريباً تحت عنوان نافذة بمفاتيح متعدّدة، هي كناية عن تجارب كتابية لعدد من الكتاب من سياسيين وإعلاميين بصيغة ثنائي أو ثلاثي أو رباعي، لمعالجة فكرة واحدة من زوايا مختلفة، وأشارك شخصياً بهذه التجربة مع أصدقاء وزملاء من لبنان وسورية وفلسطين ومصر وتونس والمغرب واليمن وليبيا والعراق وسواها من بلادنا العربية ومغترباتنا، آملاً من كلّ الراغبين في المشاركة اقتراح مواضيعهم ومراسلتي على بريدي الإلكتروني.

– الحوار الاقتصادي الذي يتابعه حلقات جديدة الوزير فادي عبّود على صفحات «البناء»، هو واحدة من البوابات التي تتطلع «البناء» ليكون عنواناً من عناوين دورها، آملة ان ينخرط في هذا النقاش الهام والمصيري كلّ المعنيين في القطاعات الاقتصادية والنقابية، لنخرج من العموميات إلى محاولة صياغة برنامج اقتصادي اجتماعي عبر التفاعل والحوار والاختلاف والبحث عن المشتركات، وهذه المشاركة ستكون موضع ترحيب واعتزاز لدى أسرة «البناء».

– الرئاسة اللبنانية تحت ضغط الأدرينالين الداخلي، والاختبارات الخارجية هي لاستخدامه لضغط السقوف الداخلية للأطراف المحلية، لبلوغ أبعد مدى ممكن في تدوير الزوايا وجوجلة الخيارات، تمهيداً للحظة فتح التفاوض الجدي المرتبط توقيته بروزنامة لا صلة لها بلبنان.

– الكلام الذي يصدر عن المرشحين ماهر الحجار وحسان النوري لرئاسة الجمهورية في سورية، والذي تفتتحه «البناء» بحوار مع المرشح حسان النوري، وما يظهر من مستوى جديتهما في الدفاع عن نظرتهما للترشيح وعن أفكارهما، يؤكد وجود معركة انتخابية في سورية لن تتحوّل إلى منافسة بسبب الفوارق الكبيرة شعبياً، لكنها موجودة بوضوح سياسياً، وقد يستخفّ الكثيرون من الموالين والمعارضين على السواء بما قد نقوله عن علامات وجودها، كدليل على تحقّق تعدّدية سياسية في سورية، فالمرشحان يؤكدان تمسكهما بذات ثوابت الرئيس بشار الأسد وتحالفاته ومضمون حربه، لكنهما يقدمان كلّ في مجال مقاربة لملف تأسيسي سياسياً، يتضمّن علامات كافية لتأكيد تحول الاستحقاق الرئاسي إلى مناسبة لتكريس التعددية السياسية.

– داخل جسم الموالاة والمعارضة في سورية استخفاف بالحديث عن الانتخابات كمحطة تتعدّى مجرّد تبرير الحسم الدستوري، الذي يحتاج إلى تكريس الولاية الجديدة للرئيس الأسد إلى وجود مرشحين، بينما الإنصات لما يبديه المرشح الحجار في الشأن الاجتماعي وفي قضية الحريات وفهم عناصر تشكل الاحتجاج بسبب أساليب عمل السلطات خلال العقود الماضية، وتمسكه بمفهوم يساري في مقاربته لمسألتي الحرية والعدالة، كذلك من يستمع للمرشح النوري في مناقشته للسياسات الاقتصادية وأسلوب عمل الإدارة وتفشي الفساد ومدرسته الليبرالية في طرح الحلول، سيكتشف أنّ المرشحيْن يشكلان منبريْن أوسع مدى مما شكلته الأحزاب القديمة والجديدة في مجال التعددية السياسية، التي يبشران كليهما بأنهما يدركان جيداً ضآلة حظوظهما الانتخابية، بقدر ما يدركان أنها البداية لبناء كتلة على يمين وأخرى على يسار الحكومات، من تحت سقف الخيارات التي يمثلها الرئيس الأسد تمهيداً للعبة سياسية تتسع لهذه التعددية.

– ما يبدو مدعاة تساؤل هو إصرار بعض الوطنيين على رفض الاعتراف بهذه التعددية، إلا إذا جسّدها من يخرجون عن وطنيتهم ويمثلون مشاريع أجنبية، ولا يزالون يتعاملون مع التعددية كعلامة ضعف وليس كمصدر قوة ونجاح لخيارات وإدارة الرئيس الأسد، وإنكارها هنا تعبير عن الاعتقاد بأنّ وجودها انتقاص من مصادر القوة والنجاح، خلافاً للحقيقة التي تقوم على تحدّ، محوره هو هل يمكن توفير بيئة سياسية تعددية تحت ذات السقف الوطني والقومي لسورية؟ والجواب بالنفي هو جواب المعارضة التي تعيد النظر بالخيارات الوطنية والقومية، وتربط التعددية بتغيير الثوابت والتحالفات، وتنكر من هنا على المرشحين ما يرمزون إليه من معاني التعددية، فهل يجوز أن يصبّ بعض الوطنيين الماء في طاحونة الغرب والتابعين له من المعارضين السوريين؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى