حكومة العالم الخفية: إسقاط روسيا وإيران…!

محمد صادق الحسيني

في بلدة تيلفس بوشين في جبال الألب النمسوية تداعى ما بين الخميس والأحد من الأسبوع الماضي – كما سرّبت بعض وسائل الإعلام العالمية مثل «روسيا اليوم» و«باري ماتش» – ما يقارب الـ 131 اسماً من الأسماء المشهورة في عالم السياسة والفكر والأعمال الغربيين، وبينهم رموز كبار من حلف الأطلسي ورجال الاستخبارات العالمية والعاملين في دوائر صناعة الرأي العام العالمي وآخرين من كبريات الشركات العالمية المؤثرة في المعلوماتية والإعلام مثل «بي بي سي» و«غوغل»، بالإضافة إلى كبريات المصارف والمؤسسات المالية وشخصيات سياسية مؤثرة أو يعد لها لتلعب دوراً مؤثراً في المستقبل مثل ألان جوبيه رئيس وزراء فرنسا السابق المرشح للرئاسة الفرنسية، وبيدرو شانتيس الأمين العام للحزب الاشتراكي الاسباني الذي يرجح أن يؤتى به رئيساً لوزراء هذا البلد على سبيل المثال لا الحصر.

إنه نادي «بيلدلبرغ» الذي يحكم العالم بقراراته السرّية والممنوعة عن العرب والروس والصينيين والإيرانيين، والذي يجتمع سنوياً ليقرر مصير العالم نيابة عن أكثر من ثلثي سكان البشرية.

إنه أقرب ما يكون إلى القمة العالمية أو الحكومة الكونية السرية التي تخطط لكيفية التصرف بحركة الأحداث والوقائع السياسية والاقتصادية والثقافية والتجارية والمالية ولكن من باب الأمن والمعلوماتية والاستخبارات.

قد يبدو من باب الخيال غياب تغطية إعلامية دولية عن تجمع مثل هذا يعتبر واحداً من أكبر التجمعات السنوية لصناع القرار في العالم، والذين يؤثرون عليه على المدى البعيد. هذا ما يحدث بالفعل في حادث أشبه بالمؤامرة. إنها أشغال اجتماع نادي «بيلدلبرغ « الأخطر.

ويعود تأسيس هذا النادي إلى عام 1954 من القرن الماضي، عندما اجتمع سياسيون ومفكرون في فندق بيلدلبرغ في ويستبربيك الهولندية بدعوة من الأمير بيرنهار لتدارس أوضاع العالم بعد الحرب العالمية الثانية والعمل على توجيه السياسة الدولية والتقليل من العداء الأميركي وسط أوروبا. وكان النادي سرياً للغاية أشبه بوكالة الأمن القومي التي كانت تعمل منذ الخمسينات ولم تعترف واشنطن بوجودها حتى التسعينات إبان فترة الرئيس بيل كلينتون حيث صدر كتاب يفضح فيه هذا المؤتمر السري العالمي الخطير.

في العام 2011 كان الاجتماع في إحدى البلدات السويسرية وفي أجواء متكتمة جداً قيل إن موضوع تفجير سورية من الداخل كان واحداً من أبرز مناقشات المؤتمر.

في هذا العام وكما ورد في تسريبات لبعض المتابعين لهذا المؤتمر «الشيطاني» المريب فقد وضعت كل من إيران وروسيا وترميا على لائحة أبرز الموضوعات التي سيتم مناقشتها واتخاذ الخطط والاستراتيجيات الملائمة في شأنها.

وبحسب قائمة المدعوين الذين تسربت أسماءهم فان ستة من الأتراك الموالين للغرب تماماً قد تمت دعوتهم كما تمت دعوة واحد من أبرز الميالين للغرب من المعارضين الأشداء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما لم يتم التأكد بعد في ما إذا تمت دعوة إيرانيين من المتعاونين مع المؤسسات الغربية من المقيمين في أوروبا أو أميركا أم لا.

لكن ما يخشى منه فعلاً هو أن تكون إيران فعلاً على أجندة هذا المؤتمر الخطير من زاوية السعي الدؤوب الذي يجري على قدم وساق وفق أنباء وتقارير متواترة بأن شيئاً ما جللاً يحضر لهذا البلد بعد انتهاء موسم الصيف وبدء الخريف المقبل.

طبعاً إضافة إلى روسيا وتركيا كما سبق وذكر، ذلك أن الغرب الذي يبدو أنه خسر كبريات معاركه في البلاد العربية ابتداء من بوابات الشام وصولاً إلى باب المندب، ربما بدأ يزداد في الاعتقاد بأن المعركة الأساس صار ينبغي الشروع بها في المساحات الكبرى للجغرافيا السياسية في العالم حيث تكمن منابع القوة والنفوذ والمشروعات التي يمكن أن تشكل خطراً تنافسياً على الاستكبار العالمي.

فتركيا باتت قاب قوسين أو أدنى من حريق محتمل يطيح بكل ما أنجزته النيوليبرالية الاقتصادية العالمية التي أتت بحزب العدالة والتنمية ونفخت باقتصاد زائف قائم على رساميل مستأجرة من الغرب.

هذا فيما تشكل كل من روسيا وإيران عائقاً حقيقياً أمام طموحات الغرب للسيطرة على منابع الطاقة والتجارة الدوليين.

طبعاً هذا بالإضافة إلى تزايد نفوذ كل من العاصمتين الإيرانية والروسية في الإقليم العربي ككل وغرب آسيا خصوصاً.

المتابعون والقارئون لنمط تخطيط مثل هذه المؤتمرات وبعد الأخذ في الاعتبار لتصريحات القيادتين الإيرانية والروسية المنوهة بوجود خطر انتقال حروب الفوضى الخلاقة أو الحرب بالوكالة إلى حدودها يدفع إلى الاعتقاد بأن غيلان الغرب إنما تخطط لنوع من الحروب الداخلية في هذين البلدين تحاول من خلالها إغراق الساحتين الروسية والإيرانية بحرب استنزاف بعيدة المدى في إطار خطة شاملة وممنهجة لنقل قوافل الإرهاب المتنقلة هذه المرة شرقاً، بعد أن افتضح أمر مخططاتها الكونية وفشلت فشلاً ذريعاً في توظيف منظماتها وأدواتها الإرهابية والتكفيرية في غرب آسيا العربية من سورية إلى اليمن.

فسورية وكما بات معروفاً ومهما طال الزمن على استنزافها لن يستطيع الغرب وأدواته الرجعية الإقليمية والمحلية تركيعها أو إسقاط نظامها بعد أن نجحت جبهة المقاومة في استيعاب الضربة الاستراتيجية.

فيما العراق وعلى رغم العبث الأميركي به يبدو عليه أنه يتجه نحو التعافي من مرض تفشي الإرهاب في هيكليته الحكومية – الدولة- وكذلك في مجتمعه – انظر إلى تزايد نفوذ ومحبوبية الحشد الشعبي – والقادم يوحي بتحولات أكثر جذرية لمصلحة جبهة المقاومة.

أما اليمن فانه يظهر وعلى رغم بوادر احتماليات إدامة الحرب المفروضة عليه من جانب تحالف الرياض بأشكال وصور مختلفة، فإن العلائم والإشارات الصادرة من قلب الحدث تؤكد بلا أي شك أو ترديد، أن السعودية ستخرج من هذه الورطة باعتبارها الخاسر الأكبر، ما يعني نهاية عصر البترو دولار والهيمنة السلفية الوهابية على المسرح الخليجي كله وليس اليمن فحسب، بعد أن سقطت هيبة وصورة «مملكة الخير» السعودية في المستنقع اليمني أياً كانت نتائج الحرب الحالية.

مجموع ما ذكر أعلاه يجعل من الأميركيين الذين يقودون مثل هذه الحكومات السرية العالمية أن يتوجهوا في شكل أكثر جدية نحو كل من طهران وموسكو استراتيجياً من أجل استكمال مشروعهم المعادي لاستقلال الشعوب والأمم المقاومة للأحادية الاستعمارية، ولكن هذه المرة على مستوى أوسع وأكثر خطورة.

إنها الحرب العالمية الثالثة التي يحاولون إشعالها منذ سنين انطلاقاً من ساحات القتال المدفوعة الثمن بمال عرب الخليج ودماء المسلمين في بلادنا، والتي تكبر احتمالات اندلاعها على المستوى الدولي مع كل يوم يمر كما يقول جورج سوروس في آخر مطالعة له حول شكل الصراعات الدولية المحتملة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى