الحوار الإيراني ـ السعودي ليس لبنانياً واليمن أولوية

كتب المحرر السياسي

في أول جلسات مجلس الوزراء بعد شغور منصب رئيس الجمهورية واستعصاء انتخاب رئيس جديد، بدأت مشاكل إدارة الفراغ تظهر وجود نوايا لوضع اليد على الرئاسة من تيار المستقبل، في محاولة نقل بعض صلاحيات الرئيس إلى رئيس الحكومة وليس إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، مما تسبّب بمشادة بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، وفتح الباب لفرضية مقاطعة وزارية لجلسات مجلس الوزراء من التيار الوطني الحر، ومقابلها مواصلة نواب الرابع عشر من آذار لمقاطعة الجلسات التشريعية لمجلس النواب، ليصير الفراغ معمّماً بصورة تهدّد استقرار أداء مؤسسات الدولة، وتحوّل الشغور الرئاسي إلى فراغ دستوري ومؤسساتي.

وعلى رغم ما قالته مصادر التيار الوطني الحر عن مهلة شهرين للحوار مع تيار المستقبل، ورفضها للمبادرة التي دعا خلالها المرشح سمير جعجع أمام وفد المؤسسات المارونية، بوضع سحب ترشيحه مقابل سحب ترشيح العماد ميشال عون، فقالت: العماد عون غير مرشح ويدير حواراً مع تيار المستقبل للتوصل إلى مفهوم توافقي للرئاسة، وعندما يصل هذا الحوار إلى نتيجة من نوع اعتماد العماد عون كمرشح توافقي، سيكون للعماد عون كامل الجرأة لإعلان ترشحه.

في قلب هذا التجاذب والفراغ الضاغط يبدو الانفجار الاجتماعي والانفجار التربوي المصاحب له الأشدّ ضغطاً، ويبدو استحقاق الجلسة النيابية في السابع من حزيران حاسماً، فقد قال رئيس هيئة التنسيق النقابية حنا غريب لـ«البناء» إنّ مصير المشاركة أو المقاطعة للامتحانات الرسمية، سيتقرّر في ضوء مواقف المعنيين في الدولة من خلال المساعي التي يقوم بها وزير التربية الياس بو صعب.

الفراغ والغموض يزدادان ضباباً إقليمياً ودولياً، في ظلّ تصاعد الخلاف الروسي ـ الأميركي حول أوكرانيا، وفي ظلّ ما قالته مصادر متابعة للاتصالات السعودية ـ الإيرانية عن عدم تناول هذه الاتصالات للوضع في لبنان، وعن كون اليمن المتفجر هو الأولوية التي تتصدر اهتمام الطرفين لما له من تأثير على توازنات الخليج، الذي يشكل البيئة الإقليمية للعلاقات بين طهران والرياض.

وفد المؤسسات المارونية

تراجعت الاتصالات إلى أدنى مستوياتها واقتصر الأمر على الجولة التي يقوم بها الوفد المشترك للمؤسسات المارونية على القيادات المسيحية، وكل ذلك وسط إجماع سياسي بأن البلاد دخلت مرحلة من الانتظار وتقطيع الوقت قد تستمر لأشهر عدة طالما أن التوافق الداخلي متعذر والظروف الخارجية لم تنضج، بل هي تحتاج إلى مزيد من الانتظار إلى حين حصول التوافق الإقليمي حيال الملفات الساخنة الكبرى.

وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح مستمر في موقفه بعدم إفساح المجال أمام شخصية يتفق عليها لتبوؤ منصب رئيس الجمهورية، وهو ينتظر الجواب الشافي من الرئيس سعد الحريري وبعد شهرين لكل حادث حديث.

خطة 14 آذار حول الانتخابات

وبحسب مصادر سياسية متابعة فإن بوادر الخطة التي لجأ إليها فريق 14 آذار منذ تشكيل حكومة تمام سلام تتظهر تدريجياً، حيث أكدت المعطيات حول ما طرحه رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمام وفد المؤسسات المارونية حقيقة ما يريده هذا الفريق من خلال ما سمي بالاقتراح الذي أبلغه للوفد ومضمونه انسحابه ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون تمهيداً للتوافق على اسم ثالث. وتقول المصادر إن الجزء الأول من خطة 14 آذار سقطت مع سقوط محاولات التمديد لرئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، وأوضحت أن هذا الفريق وضع اللبنانيين قبل انتهاء ولاية سليمان أمام خيارين «أحلاهما مُر» الأول أن يتم التمديد لسليمان والثاني أخذ البلاد نحو الفراغ، واليوم مع سقوط التمديد جاء دور الجزء الثاني من الخطة والهادفة إلى إبعاد العماد عون عن الترشح للانتخابات الرئاسية، وتحديداً ابعاده عن أن يكون مرشحاً توافقياً بين أكثرية الكتل النيابية. وتوضح المصادر أن لجوء «تيار المستقبلـ« إلى وضع الكرة بموضوع دعم ترشيح عون في ملعب مسيحيي 14 آذار أريد منه إيصال رسالة للعماد عون أن لا إمكان للسير به كمرشح توافقي. فرئيس «القوات» لن يمشي برئيس تكتل التغيير والإصلاح تحت أي ظرف من الظروف وهو ما يعني رفضاً مقنعاً من قبل «المستقبلـ«.

في هذا الوقت، يبقى السؤال الآخر هل تؤدي المزايدات إلى تعطيل مؤسسة مجلس الوزراء بعد تعطيل مجلس النواب، خصوصاً أن هناك وزراء من 14 آذار بدأوا يتحدثون عن وضع ضوابط لعمل الحكومة وحتى تلويح البعض بالمقاطعة على غرار جلسات التشريع للمجلس النيابي وهو الأمر الذي دفع رئيس الحكومة تمام سلام إلى إبداء المخاوف من حصول ذلك في مستهل جلسة مجلس الوزراء الأولى عصر أمس بعد حصول الفراغ في رئاسة الجمهورية، في حين قال وزير الخارجية جبران باسيل أن وزراء تكتل التغيير والإصلاح جاؤوا اليوم ليس للبحث من جدول الأعمال بل في السياسة ما يوحي باحتمال انسحاب الفراغ إلى مجلس الوزراء.

مطالب التغيير والإصلاح لحضور الجلسات المقبلة

وأمس عاش لبنان أول اختبار بعد الشغور الرئاسي مع انعقاد أول جلسة لمجلس الوزراء برئاسة الرئيس تمام سلام في السراي الحكومية، والذي انتقلت اليه مجتمعاً صلاحيات رئيس الجمهورية، من دون البحث في أي جدول أعمال.

وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن النقاش الذي دام أربع ساعات دار حول المادة 62 من الدستور وكيفية إدارة عمل مجلس الوزراء في ظل الشغور القائم في رئاسة الجمهورية. وأكدت المصادر ان سجالاً حصل بين وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس الحكومة حول صلاحيات رئيس الجمهورية وكيفية الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء لجهة أن لا تكون محصورة فقط بالرئيس سلام بل بالتشاور مع جميع الوزراء، وانتهى الجدال من دون الأخذ برأي باسيل. ورأت المصادر في طرح باسيل تحضير الأسباب لإمكانية اتخاذ موقف من مجلس الوزراء لجهة عدم حضور الجلسات من قبل وزراء التغيير والإصلاح في مرحلة مقبلة.

وأكدت المصادر الوزارية أن المجتمعين توافقوا على ان تحضير جدول الاعمال يتم بالتوافق بين الوزراء وأن إقرار المشاريع سيتم التوافق بدل التصويت إلا في حالات الضرورة الاستثنائية. وأشارت إلى ان التوقيع على المراسيم سيكون موضع بحث في اجتماع مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل.

وعلمت «البناء» أن وزير العمل سجعان قزي طرح موضوع الانتخابات السورية في لبنان لجهة أخذ تدابير مشددة عند صدور نتائج الانتخابات الرئاسية لكي لا يتكرر المشهد، قائلاً يحق للسوريين انتخاب الرئيس الذي يريدونه، فحق الاقتراع شيء ديمقراطي لكن خلق حالة من التظاهرة السياسية شيء آخر. أيّده بذلك وزير السياحة ميشال فرعون، فيما لم يعلق وزراء 8 آذار على الأمر.

وأوضح أن مجلس الوزراء يجتمع بعد ظهر يوم الثلاثاء المقبل لاستكمال البحث في كيفية استخدام صلاحيات رئاسة الجمهورية.

البركان الاجتماعي

بموازاة ذلك سيعيش لبنان تحت وطأة البركان الاجتماعي مع اطلاق هيئة التنسيق النقابية أسلحتها بوجه حيتان المال، في ظل عدم اكتراث ولا مبالاة الكتل السياسية لمطالبهم المحقة، ومتعاقدو الجامعة اللبنانية الذين دعوا إلى مقاطعة امتحانات الجامعة إلى حين إقرار التفرغ في الجامعة وتعيين العمداء. ولن يركد البركان إلا بتقديم موعد الجلسة التشريعية المقررة في العاشر من حزيران إلى ما قبل الخامس منه وإقرار السلسلة وبت ملف التفرغ في مجلس الوزراء بعيداً عن الحسابات السياسية.

التعاقد الوظيفي بدل السلسلة

وأكد رئيس هيئة التنسيق النقابية حنا غريب لـ«البناء» أن مصير الامتحانات الرسمية التي تبدأ في 7 حزيران المقبل مرهون بموقف السياسيين من إقرار سلسلة الرتب والرواتب، لافتاً إلى أن الهيئة تجري الاتصالات مع المسؤولين عبر الوزير المختص الياس بوصعب.

وشدد على أن مشروع اللجنة النيابية برئاسة النائب جورج عدوان، ضرب كل الزيادة على المعاشات، فهم يريدون التعاقد الوظيفي ولا يريدون السلسلة، لتنظيم البازار السياسي المفتوح. واعتبر أن السياسيين يعمدون إلى نقل لبنان من دولة الرعاية الاجتماعية إلى دولة المحاصصة والخصخصة، لقد ضربوا الكهرباء والمستشفيات الحكومية والتعليم الرسمي، واليوم يضربون التعليم الوطني، لأنهم يريدون تحويل البلد إلى شركة.

ودعا إلى إقرار تحويل سلاسل رواتب جميع العاملين في القطاع العام على أساس زيادة 121 في المئة مع مفعول رجعي انطلاقاً من الاتفاق مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وأسوة بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية، فنحن نريد أن تأخذ كل القطاعات حقها فالغلاء المعيشي يتناول الجميع.

الطريق مسهلة لإنجاز التفرغ ومجلس الجامعة

ووعد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب بعد لقائه رئيس الحكومة أنه في أول جلسة لمجلس الوزراء تكون قائمة وفيها جدول أعمال مشاركين فيه، فإن الطريق ستكون سالكة للسير بملفي مجلس الجامعة والتفرغ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى