قراءة في مؤشرات المشهد الوطني السوري

د. سليم حربا

يبدو أنّ بعض الأنظمة والدول والمجموعات الإرهابية تعيش خارج الزمن وسياقه، وما زالت تجترّ مصطلحاتها وتتعامل بخطابها ومواقفها بمبدأ عنزة ولو طارت، وربما لم تقرأ، ونحن أمة اقرأ، ولم تع بعمى بصيرتها أنّ الوقائع التي تغيّرت وتبدّلت بعد أربع سنوات ونصف السنة من المواجهة والصمود السوري وخطاب العدوان والإخوان المسلمين والإرهاب الذي كان، أصبح مدعاة سخرية ونكتة يضحك عليها ومنها السوريون.

أربع سنوات ونصف السنة والمشهد الوطني يقول إنّ ميزان الميدان العسكري راجح تحت أقدام الجيش العربي السوري الذي يحقق الإنجازات تحريراً وتطهيراً في طول البلاد وعرضها، من الحسكة إلى تدمر وليس انتهاءً بالزبداني، على رغم ما حصل موقتاً في محيط القريتين، أو الكرّ والفرّ في ريف إدلب الغربي، والإرهاب يتلقى ضربات قاصمة لعموده الفقري البشري والمادي والنفسي والمعنوي، ولهذا راح الإرهاب يهاجر وينتثر ويفرّ ويضرب خبط عشواء في كل حدب وصوب، ولم يستثن حتى داعميه في الشرق والغرب.

وقد لا يكون آخر هسترياه وطبعه تفجير أبها في السعودية، والسعودية التي تحتاج إلى معجزة للخروج من مستنقع عدوانها على اليمن المجهول المسار والمصير والآفاق، والأردن الذي يدور حول نفسه على ما تبقى من زوابع عاصفة الجنوب التي اندحرت لتأخذ معها ما تبقى من إرهابيي تنظيم القاعدة وأحلامهم بإقامة إمارة الأردن الداعشية، والكيان «الإسرائيلي» الذي بات مردوعاً ومرعوباً من اشتداد وقوة المقاومة ومحورها بما فيها المقاومة الشعبية في الجولان وانهيار أحلامه بإقامة المناطق العازلة والجدران الخبيثة، وتركيا التي غرقت في أوحال وبرك دعمها للإرهاب لن تنتشلها مسرحيات أردوغان الهزلية بمحاربة داعش لتصفية دماء الأكراد، وأميركا التي تعرف وبدأت تعترف بأنها عاجزةً عن هزيمة داعش بحلفها الاستعراضي، وأعجز من أن تحوّل فانتازيا المعارضة المعتدلة إلى حقيقة، فقد أصبحت تستثمر في طواحين الهواء، والمناطق العازلة وطرحها من قبل أطراف العدوان إنما يزيدها عزلةً عن الواقع.

الدولة السورية بجيشها تطحن الإرهاب كلّ الإرهاب أينما وُجد وهذا قرار لا رجعة فيه والشعب السوري يزداد صموداً وتلاحماً مع جيشه وقيادته وها هي أفواج السوريين التي تخلفت عن الالتحاق بخدمة العلم والوطن لأسباب متعددة تتسابق للالتحاق بالجيش العربي السوري بعد العفو الرئاسي لنيل شرف المشاركة الوطنية بمحاربة الإرهاب ودحره، وها هي منصات الواقعية السياسية والاستراتيجية تعطي إشارات لعميان البصر والبصيرة من الثبات الاستراتيجي الروسي والإيراني والصيني وغيرها بدعم الدولة السورية في مواجهة الإرهاب كأولوية، وها هو الوزن النوعي الإيراني بدأ يُترجم بعد اتفاق إيران النووي مع الدول الست، وها هي طائرة الوزير وليد المعلم في طهران ومسقط وطهران ثانية تعبّد المهبط لترسم طريق خلاص لمن تورطوا وفقدوا بوصلتهم ورشدهم ليعودوا إلى الصراط المستقيم بعدما أوصلتهم أميركا إلى منتصف البئر وقطعت الحبال بهم، إنه المشهد الوطني والإقليمي والدولي الذي اشتدّ لينفرج، وها هي المؤشرات تعطي مبشرات وعلى من يريد أن يقرأ ويستوعب ويسمع ويرى ويعي ويعتبر أن يقرأ المشهد بالعربي السوري وليس بأية لغة أخرى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى