كاميرون في بيروت بدلاً من دمشق وإعلان بدء تسخين الطبق اللبناني لحد لن يصل جثة إلى لبنان والمحكمة العسكرية أمام امتحان «الأسير»

كتب المحرر السياسي

عزلة فرنسا في الملف السوري اكتملت أمس بموقف ألماني يعلن الموافقة على التعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد لصياغة الحلّ السياسي الذي يرى الألمان أنه يستدعي شراكة تشكل حكومة الرئيس الأسد طرفها الرئيسي في مقابل أطراف المعارضة، بدعم من مكوّنات المجتمع الدولي، وبانضمام ألمانيا إلى مواقف مختلفة تصبّ بذات الاتجاه صدرت خلال أسبوع واحد من إسبانيا والنمسا وبريطانيا في أسبوع واحد، بدا أنّ اتجاهاً جارفاً يأخذ أوروبا تحت ضغط المخاوف الجدية والمتمادية للإرهاب واللاجئين وتدفقهما إذا تواصلت الحرب في سورية، وانّ الطريق الوحيد لصدّ هذا الخطر هو الانخراط في حوار بناء وجدّي مع الدولة السورية والتعاون مع مؤسساتها وفي طليعتها الجيش السوري ومؤسسة الرئاسة والرئيس بشار الأسد.

وحدهما فرنسا والسعودية تتمسّكان بالمواقف الخشبية ذاتها، لكن بصمت وتجاهل للمواقف الأوروبية المتصاعدة بتكريس تحوّل يبدو أنّ واشنطن تراقب مفاعيله وتتفاعل معها وفقاً لما يقرأه المراقبون المعنيون بحركة بريطانيا وموقف حكومتها.

اكتمال الطوق على فرنسا أوروبياً على يد ألمانيا واكبته زيارة قطع طريق على زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المقرّرة إلى بيروت، قام بها بصورة مفاجئة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وأرادت أن تطلّ من الشرفة اللبنانية على ملفي اللاجئين ومكافحة الإرهاب، تعويضاً عن زيارة لم تتمّ إلى دمشق بعد.

كاميرون الذي أطلق مواقف حول الملفين، ردّ عملياً على الترويج الفرنسي للغارات الجوية كطريق لمكافحة الإرهاب بإعلان أهمية المعارك التي يخوضها الجيش اللبناني ضدّ «داعش»، وهي معارك تقترب من مضمون ما يقوم به حزب الله والجيش السوري، وفي قضية اللاجئين ألقى الضوء على أهمية الحلّ السياسي في سورية كطريق وحيد لحلّ هذه الأزمة.

اللافت للمراقبين الديبلوماسيين كان تزامن الحراك اللبناني المتعدّد سياسياً نحو الحوار وساحات التظاهر مع الزيارات المتتالية التي بدأت تضع الدول الكبرى من خلالها الصحن اللبناني على نار حامية.

لبنانياً على رغم مواصلة العزف المنفرد للفرقاء المحليين حول كيفية التعامل مع الملفات الساخنة من دون أن تظهر نتائج توحي بجديد، سواء في قضية ترقية الضباط برتبة عميد ومن ضمنهم المرشح لقيادة الجيش العميد شامل روكز، أو في قضية النفايات، وخصوصاً في الملف الرئاسي.

حسم اللبنانيون أمس أن لا عودة لجثة العميل أنطوان لحد إلى بيروت سواء عبر تحرك الناشطين المساندين للمقاومة والأسرى في سجون الاحتلال أو من خلال تأكيدات مراجع أمنية وديبلوماسية أن لا طلب بنقل الجثة إلى لبنان وأن لا استعداد في المقابل لمنح الموافقة، بينما يمثل اليوم الموقوف أحمد الأسير أمام المحكمة العسكرية حيث سيتسنّى للبنانيين أن يطلعوا عن كثب حول مدى جدية المحاكمة في كشف المستور من حكاية دعم الإرهاب وتمويله وتغطيته داخلياً وخارجياً.

الاهتمام الأوروبي المفاجئ بملف اللاجئين يبعث على الشك

يبعث الاهتمام الأوروبي المفاجئ بملف اللاجئين السوريين على الشك، بخاصة أن الاتحاد الأوروبي الذي استقبل عشرين ألف لاجئ سوري أثار هذه القضية أضعاف ما أثارها لبنان الذي يأوي مليون ونصف سوري ويتحمل تبعات ذلك الاقتصادية والأمنية. ويبدو جلياً أن هناك قراراً غربياً باختلاق قضية النازحين، والتلاعب بهذه الورقة من أجل الضغط على الحكومة السورية.

وفيما يتحضر لبنان إلى استقبال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عقب اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشاركة رئيس الحكومة تمام سلام، رأى رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون «أن بريطانيا ستستمر في تقديم الدعم للبنان في ما خص اللاجئين السوريين وفي مواجهة خطر داعش، وأن هناك حاجة لانتخاب رئيس للجمهورية»، لافتاً إلى أن «بريطانيا تريد أن تدعم لبنان للوصول إلى توافق سياسي».

وكان كاميرون قد وصل إلى بيروت صباح أمس آتياً من لندن في طائرة خاصة مع وفد مرافق، في إطار زيارة قصيرة تفقد خلالها أحد مخيمات النازحين السوريين. وأعلن من قاعدة رياق العسكرية حيث اجتمع مع قائد الجيش العماد جان قهوجي الالتزام الصارم باستقرار لبنان لا سيما الشراكة مع الجيش من خلال برنامج التدريب والتسليح، معلناً استمرار الدعم عبر برنامج يوفر 7.5 مليون دولار هذا العام. والتقى رئيس الحكومة تمام سلام الذي أكد «أن لبنان يتحمل عبئاً هائلاً جراء أكثر من مليون نازح سوري على أراضيه، مشيراً إلى «أن مشكلة النزوح، هي ظاهرة لن تتوقف عن التمدّد إلّا بالتوصل إلى حلّ سياسي يوقف الحرب في سورية»، مؤكداً «أن بريطانيا باعتبارها إحدى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وبما لها من صداقات ووزن في العالم، قادرة على لعب دور فاعل في هذا الاتجاه».

وأشار سلام إلى أنه تم الاتفاق على أنّ نجاح عملية التصدي للإرهاب في المنطقة، يكمن في تقوية نهج الاعتدال والمعتدلين، وفي العمل من أجل إحلال سلام شامل.

دوافع الأوروبيين متعددة ومتناقضة

وشددت مصادر عليمة لـ»البناء» على «أن العنوان الرئيسي لزيارة كاميرون هو الضغط على الحكومة السورية في مرحلة المفاوضات، وتبرير عملية الفرز والانتقائية التي يمارسها الاتحاد الأوروبي، فهو يريد أن يستقبل الشباب الذين يشكلون يد عاملة رخيصة يستفيدون منها، ويضع فيتو على الآخرين لعدم تحمل عبئهم. واعتبرت المصادر «أن إظهار الاتحاد الأوروبي لإنسانيته هو لحجب دوره في الحرب على سورية والذي كان السبب في صنع ورقة اللاجئين، هذا فضلاً عن أن الأوروبيين وعلى رغم مساهمتهم مع الولايات المتحدة في صنع داعش، فإن لديهم خشية من تمدد داعش عبر اللاجئين إلى أوروبا، ولذلك فإن دوافع الأوروبيين متعددة ومتناقضة».

دعم بريطاني للحكومة

وشددت المصادر على «أن اللعبة الأوروبية مكشوفة كمناورة للاستثمار في ملف إنساني ولذلك لن تنجح أوروبا في استخدام ورقة اللاجئين بالضغط على الحكومة السورية التي تعرف طبيعة هذه الورقة وكيف صُنعت»، وأكدت أن الحل الوحيد لأزمة اللاجئين وقف العدوان.

وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة «أن كاميرون بحث ورئيس الحكومة في الصعوبات التي تعترض انتخاب الرئيس وفي ضرورة ملء الشغور الرئاسي، وشدد على الدعم السياسي للحكومة. وتناول البحث ملف النازحين حيث شرح سلام لنظيره البريطاني العبء الذي يتحمله لبنان جراء أزمة النازحين».

وبحث وقائد الجيش المساعدات العسكرية التي قدمتها بريطانيا للجيش لا سيما أبراج المراقبة التي أقيمت بإشراف بريطاني بعد أحداث عرسال ومزوّدة بكشّافات وكاميرات، واستمع إلى قهوجي عن واقع الجيش وحاجاته، وجاهزيته في التصدي للإرهاب على الحدود الشرقية.

ويمثل لبنان اليوم في مؤتمر برلمانات الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين، في بروكسيل، النائب ميشال موسى حيث سيلقي كلمة سيركز فيها على ضرورة توزيع النازحين على الدول المجاورة القادرة على استضافتهم، وضرورة حصول لبنان على المساعدات التي أقرتها المؤتمرات التي عقدت في السنوات الماضية من أجل النازحين.

لا تعارض بين حوارَيْ عين التينة وساحة النجمة

وعشية جلسة الحوار الوطني في ساحة النجمة تعقد مساء اليوم الجولة 18 من الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل. ونقل زوار الرئيس نبيه بري عنه قوله لـ»البناء» أنه «لا يتوقع أن يعطي الحوار نتائج في جلسة أو جلستين لكنه خطوة مهمة وضرورية وتحظى بترحيب إقليمي».

وأكدت مصادر في 8 آذار لـ»البناء» أن «حوار عين التينة ذو خصوصية سنية شيعية، هدفه تخفيف الاحتقان المذهبي». ولفتت إلى «أن هذا الحوار مستمر فهو لا يتعارض مع طاولة الحوار الوطني».

وأكدت مصادر تيار المستقبل لـ»البناء» «أن جلسة الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله وعلى غرار طاولة الحوار الوطني التي تلتئم غداً لا وظيفة حقيقية لها غير إعطاء بعض جرعات الأمل والمسكنات للشعب، لا سيما أن الجميع يدرك أن لا حل للملف الرئاسي في لبنان إلا بعد أن يتم التفاهم على الوضع في سورية».

لا مصلحة لأحد بالانسحاب من الحوار

ولفتت مصادر كتائبية لـ»البناء» إلى «أن لا مصلحة لأحد بالانسحاب من الحوار، لافتة إلى «أن الجلسة الحقيقية للحوار هي جلسة الغد، فجلسة الأربعاء الماضي كانت جلسة تمهيدية».

إلى ذلك، يتم اليوم إقرار هيئة الرقابة على خطة وزير الزراعة أكرم شهيب في وزارة الداخلية. وكان سبق ذلك اجتماع شهيب أمس مع الحركة البيئية وأخذ بملاحظاتها على أن يلتقي شهيب اليوم أيضاً مجموعة أخرى من الخبراء البيئيين.

وإذ اعتبرت مصادر المجتمعين لـ»البناء» «أن الأجواء كانت إيجابية»، لفتت إلى «أن وزير الزراعة سيتحاور ويتناقش مع كل البيئيين للوصول إلى حل لأزمة النفايات»، مشيرة إلى «أن شهيب أخذ موافقة جميع المكونات الحكومية في شأن خطة النفايات قبل أن يدعو رئيس الحكومة إلى الجلسة».

واكتفى وزير العمل سجعان قزي بالقول لـ»البناء» «أن الحكومة التي أقرت الخطة يجب أن تكون لديها القدرة على تنفيذها لكي تزيل النفايات»، لافتاً إلى أن اتصالات مكثفة تجرى لهذه الغاية ولا يمكن للحراك المدني أن يقرر مصير البلد»، وإلا فلينزلوا ويزيلوا النفايات من الشوارع والأحياء».

لكي لا تصبح العمالة وجهة نظر

وبعد إعلان بعض الوسائل الإعلامية عن إعادة جثة العميل أنطوان لحد لتدفن في لبنان اثر موته في باريس، ولكي لا تصبح الخيانة وجهة نظر، نفذت «الحملة الوطنية لمنع إدخال جثة العميل لحد إلى لبنان» اعتصاماً حاشداً على طريق المطار، رفضاً لإدخال جثته لدفنه في لبنان، وقالت الحملة: «إنها ترفض رفضاً قاطعاً دفن لحد داخل الأراضي اللبنانية»، وأضافت في بيان: «أنطوان لحد لم يكن عميلاً عادياً بل كان مدافعاً عن جيش الاحتلال». ورفضت الحملة خلال اعتصامها التحذيري على طريق المطار «العقوبات المخففة الصادرة عن المحاكم اللبنانية بحق العملاء»، وأكدت: «لن نسكت عن دفن أنطوان لحد في لبنان.

الأسير بعباءته البيضاء اليوم أمام المحكمة العسكرية

إلى ذلك، سيشهد محيط المحكمة العسكرية اليوم في المتحف إجراءات أمنية مشددة، حيث يمثل الإرهابي أحمد الأسير بعباءته البيضاء اليوم أمام المحكمة العسكرية الدائمة للمرة الأولى في ملف أحداث عبرا، محصناً بهيئة الدفاع عنه والتي تتألف من كل من المحامي عبد البديع عاكوم ومحمد صبلوح وأنطوان نعمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى