وفد الديبلوماسية الشعبية الروسية يتابع زيارته إلى سورية بدعوة من حردان ويطلع على أوضاع حمص وما حلّ بها بفعل الإرهاب ويؤكد مواصلة دعم الشعب السوري

واصل وفد الديبلوماسية الشعبية الروسية الذي يزور سورية ولبنان، بدعوة من رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان جولاته على المناطق السورية، فبعد زيارة منطقة الحصن، زار مدينة حمص، وكانت بداية الجولة في دارة منفذ عام حمص العميد نهاد سمعان في حضور أعضاء هيئة المنفذية وبعض مسؤولي الوحدات.

المنفذ العام

وألقى المنفذ العام العميد نهاد سمعان كلمة رحّب في مستهلها بالوفد الزائر، واستعرض فيها تاريخ العلاقات السورية ـ الروسية، مشدّداً على أهمية هذه العلاقات التي ترسخت وتترسخ على مرّ الأيام.

وقال المنفذ العام: برغم الدمار الهائل الذي حلّ بمدينة حمص جراء الحرب الإرهابية التي تشنّ على سوريا، ما زالت هذه المدينة تحتضن الكثير من الشواهد والوثائق التي تشير إلى عمق العلاقة بين الشعبين الروسي والسوري.

وأشار العميد نهاد سمعان إلى محطات ومفاصل تاريخية تشارَك السوريون والروس في صنعها منذ مئات السنين، وهي محطات ومفاصل مؤثرة وحيوية في تاريخ شعبينا، ومنها معمودية الروس عام 988 م في عهد الأمير فلاديمير، وكان أهمّ المساهمين فيها القديس ميخائيل السوري تلميذ البطريرك الأنطاكي يوحنا الخامس.

أضاف: في العام 1586 زار البطريرك الأنطاكي يواكيم بلاد الروس، وأيد القيصر غودونوف في تحويل الكنيسة الروسية إلى بطريركية، وترجم هذا السعي في العام 1589 حين انتخب يعقوب أول بطريرك على الروس وأصبح كرسي موسكو وعموم روسيا الخامس بين الكراسي الأرثوذكسية، وشارك في التنصيب البطريرك الأنطاكي يواكيم ضو، وكان الروس أوفياء للشعب السوري. وفي العام 1774، وبعد حرب الروس والعثمانيين وقّعت معاهدة كوجوك قينارجه، والتي نصّت على حماية مسيحيّي الشرق، وتلتها في 1784 معاهدة القسطنطينية ثم معاهدة ياسي، وهي معاهدات تصبّ في المضمون ذاته، واغلبها الزمت العثمانيين بضرورة احترام حقوق الشرائح الاجتماعية.

وتابع المنفذ العام قائلاً: لقد حرصت روسيا دائماً على تطوير العلاقات المشتركة، ففي العام 1848 أعطى الروس كنيسة الصعود قرب الكرملين والأراضي الملحقة بها للكنيسة الأنطاكية، ثم جرى إحداث أمطوش للكنيسة الأنطاكية في موسكو، على أن تكون وارداته للأنطاكيين في الأراضي الروسية، وما زال هذا الأمطوش عامراً حتى اليوم برعاية بطريركية موسكو وعموم روسيا، وهو بمثابة السفارة بين الدول تسهّل وتسرّع التواصل في ما بينها.

وذكّر بأنّ الضغوط التي مارسها الروس على السلطنة العثمانية أدّت في النتيجة إلى حصول الأرثوذكس على أبسط حقوقهم، وأصبح بإمكانهم قرع الأجراس ودفن الموتى في النهار والقيام بالصلوات في مواعيدها وممارسة شعائرهم.

وأشار إلى أنه في العام 1882 تأسّست في روسيا الجمعية الإمبراطورية الروسية الفلسطينية، وقد قامت هذه الجمعية التي ترأسها الأمير سيرجيوس شقيق القيصر آنذاك بأعمال جليلة ساهمت في تغيير وتطوير حياة أهل المنطقة، فأسّست دارَيْن للمعلمين واحدة للذكور في الناصرة، والأخرى للإناث في بيت جالا، وتخرّج منهما الكثير من أعلام الفكر ورواد التعليم في المنطقة الذين انتشروا في كلّ أنحاء سورية ينيرون الطريق أمام أبناء أمتهم. وبلغ عدد المدارس التي تموِّلها روسيا جزئياً أو كلياً في سورية عام 1902 87 مدرسة ومن بينها مدرسة حمص التي أصبحت في ما بعد الكلية الأرثوذكسية للذكور ومدرسة البنات، وهاتان المدرستان لا تزالان تؤديان دورهما في التعليم إلى أن دمرتهما المجموعات الارهابية المتطرفة.

وإذ ساهمت روسيا في تعليم السوريين في الجامعات الروسية وفي طباعة الكتب العربية، فإنّ سورية شكلت الصدر الرحب، فاستقبلت الضباط من الجيش الأبيض وقد عاشوا في سورية حتى وفاتهم، ونذكر منهم نيكولا نوفاكوفيتش القائد في البحرية القيصرية الروسية والكولونيل أرياني بيتروفيتش، ولا تزال تربة حمص تحتضن أضرحتهم حتى يومنا هذا.

وقال: إنّ العلاقة بين الشعبين الروسي والسوري متجذرة، وهذه العلاقة الممتازة والدعم المتواصل أعطت ثمارها في حرب تشرين 1973، حيث كان الروس أحد أسباب انتصارنا الباهر على اليهود، فقد فعل السلاح الروسي فعله، لا سيما صواريخ سام. وقد تمّ إعفاء سوريا من 73 في المئة من ديونها لروسيا في العام 2005.

كما أنّ الموقف الروسي المساند لسورية في مجلس الأمن من خلال الفيتوات المتكررة، ومواصلة الدعم على مختلف المستويات، تثلج صدور السوريين جميعاً، وتؤكد لكلّ مواطن سوري أن لنا ظهراً نستند إليه، وسنداً عظيماً لن يتركنا فريسة سهلة لليهود ومن يتحكّمون بسلوكهم.

الوفد الروسي

وشكر الوفد الروسي، من جهته، الحزب السوري القومي الاجتماعي على الدعوة وحفاوة الاستقبال، والعرض المسهب حول تاريخ العلاقات المشتركة، مؤكداً أنّ الوفد سينقل إلى المعنيّين في بلاده هذه الحقائق التاريخية ومشاهداته للدمار الذي حلّ في حمص خصوصاً وسورية عموماً، وأهمية لعب دور من أجل الدفاع عن سورية في مواجهة الحرب الإرهابية التي تتعرّض لها.

كما قلد الوفد العميد نهاد سمعان ميدالية روسية.

أجراس قرعت للمرة الأولى في سورية

بعد ذلك زار الوفد الروسي يرافقه المنفذ العام وأعضاء هيئة المنفذية الأماكن التي فيها أجراس قدّمتها روسيا في نهاية القرن التاسع عشر، وهي الأجراس التي قرعت للمرة الأولى في سورية بعد انقطاع دام أكثر من الف عام.

كنيسة الأربعين

وزار الوفد كنيسة الأربعين في حمص حيث شاهد حامل الأيقونات المقدم من الجمعية الإمبراطورية الروسية ــ الفلسطينية عام 1898.

مدرستا البنات والذكور الروسيتين

كما تفقد الوفد مدرسة البنات الروسية التي تأسّست في العام 1899، وقد تمّ بعد ترميم هذه المدرسة بعد أن دمرها الإرهاب، وأصبحت جاهزة لاستقبال الطالبات.

وزار أيضاً مدرسة الذكور التي تأسّست في العام 1911، وشاهد حجم الدمار الذي لحق بها، وقد أكد أعضاء الوفد عزمهم على إعادة ترميم هذه المدرسة لتعود جاهزة لاستقبال الطلاب.

مدافن روسية

وزار الوفد مدافن روسية تضمّ أضرحة ضباط ومواطنين روس اختاروا سورية لتكون ملاذهم، واستمع الوفد إلى شرح حول حياة هؤلاء في سورية ودورهم وحضورهم.

لقاء المحافظ

وزار الوفد الروسي يرافقه المنفذ العام وأعضاء هيئة المنفذية مقرّ محافظة حمص حيث كان في استقبالهم المحافظ طلال البرازي وجرى خلال اللقاء استعراض للأوضاع، وأعرب الوفد الروسي عن تضامنه مع سوريا في مواجهة الإرهاب الذي يدمّر البشر والحجر، مؤكداً أنّ مشاهد الدمار تؤكد أنّ حرباً كونية إرهابية تشنّ على سورية، وأثنى على صمود السوريين في مواجهة هذه الحرب الإرهابية.

وشدّد الوفد على أنّ السوريين يستحقون الحياة الحرة الكريمة، وعلى العالم المتورّط في دعم الإرهاب أن يوقف عدوانه على هذا الشعب الأبي.

وأكد المحافظ، من جهته، أنّ الجهود تبذل من أجل إعادة إعمار وترميم ما دمّره الإرهاب، وأنّ إرادة السوريين هي التي ستنتصر على الإرهاب، مثنياً على موقف روسيا دولة وقيادة وشعباً، والتي لا تدّخر وسعاً من أجل مساعدة سورية والقضايا العادلة.

وفي ختام زيارة الوفد إلى مدينة حمص أولم المطران جاورجيوس أبو زخم على شرف الوفد الروسي في مطعم البستان في حمص القديمة.

أعضاء الوفد

يُذكر أنّ الوفد الروسي يضمّ إلى رئيس الوفد الدكتور ليونيد ايساييف مستشار مجلس الدوما الروسي لشؤون العلاقات مع العالم العربي وموجّه قسم الدراسات والبحوث السياسية في جامعة البحوث الوطنية ، كلاً من:

البروفيسور اندريه كوراتايف مستشار إدارة الرئيس فلاديمير بوتن ورئيس مجلس التعاون في أكاديمية العلوم الروسية .

البرفسور فيكتور فلاديمير وفيتش باراباش عميد كلية الآداب في جامعة الصداقة بين الشعوب الحكومية .

البروفيسور يوهان بيكمان أستاذ التاريخ في جامعة هلسينكي .

الدكتورة اليسا شيشكينا باحثة في مدرسة الاقتصاد العليا وجامعة البحوث الوطنية مختصة في الاقتصاد السياسي للدول والحكومات .

الدكتور وائل جنيد رئيس مجلس إدارة الجالية العربية السورية في روسيا .

الدكتور نواف ابراهيم رئيس صندوق الوطن لدعم وإحياء تطوير الإرث الثقافي

ريان أرسين اليكسندر وفيتش نائب أول لرئيس صندوق دعم إحياء وتطوير الإرث الثقافي «الوطن» .

الدكتور فايز حوالة مسؤول العلاقات الخارجية في إدارة الجالية السورية في روسيا .

الدكتور وائل قطريب نائب رئيس صندوق دعم إحياء وتطوير الإرث الثقافي «الوطن» .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى