من السويداء إلى الجبل… الفتنة لم تمرّ

يوسف الصايغ

ما أن أُعلِن عن اغتيال الشيخ وحيد البلعوس بسيارة مفخّخة في السويداء، حتى سارع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط إلى الحديث عن «ساعة الفرز» في جبل العرب. موقف «البيك» أتى مغايراً لموقفه بعد ارتكاب «جبهة النصرة» الإرهابية المجزرة الوحشية بحق أبناء بلدة قلب لوزة في ريف إدلب قبل أشهر، إذ اعتبر جنبلاط الجريمة آنذاك «حادثة فردية»، داعياً إلى ضبط النفس والتهدئة.

موقف جنبلاط من اغتيال البلعوس ترافق مع حملة تحريض في مناطق الجبل، لا سيما في عاليه والشوف والمتن، خصوصاً في الأوساط الدينية التي تدور في فلك الحزب التقدمي الاشتراكي. وفي هذا الإطار، جاءت مواقف جنبلاط التصعيدية خلال المهرجان التأبيني الذي دعا اليه تحت عنوان «الوفاء لشهداء الكرامة»، والذي أقيم في دار الطائفة الدرزية في بيروت، حيث اقتصرت المشاركة على عناصر الاشتراكي ورجال الدين المؤيدين لجنبلاط، بعد فشل مساعي رئيس «التقدمي» لإقامة المهرجان في مقام السيد عبد الله التنوخي في بلدة عبيه بسبب معارضة شريحة واسعة من رجال الدين لاستغلال المناسبة وتوظيفها لإطلاق مواقف سياسية تصبّ في خدمة فريق سياسي معيّن.

في المقابل، وعلى ضفة الفريق السياسي المناهض لجنبلاط، لم تصدر أيّ مواقف متشنّجة إزاء حملة التحريض. لا بل تمّ العمل على استيعاب «الهمروجة الجنبلاطية»، منعاً لأيّ فتنة يمكن أن تقع نتيجة الخطاب التحريضي الذي رُوّج له بعد اغتيال الشيخ البلعوس. وبالتالي، يمكن القول إنّ المخطط المرسوم من وراء اغتيال البلعوس فشل، ليس فقط في السويداء وجبل العرب حيث سارعت القيادات الروحية إلى تطويق ذيول الأحداث التي شهدتها المدينة بعد عملية الاغتيال، إنما فشلت أيضاً في استدراج منطقة جبل لبنان إلى مغامرة غير محسوبة النتائج.

الأعور

عضو كتلة التغيير والإصلاح النائب فادي الأعور رأى في تصريح إلى «البناء» أنّ النائب جنبلاط ينطلق في خطابه وحركته السياسية منذ بدء الأزمة في سورية من نقطة محورية وهي إسقاط النظام، وكلّ ما يقوم به يأتي في هذا السياق، لكنه لم يحقق أيّاً من طموحاته.

كما لفت إلى أنّ جنبلاط فشل في أن يستثمر قضية اغتيال الشيخ البلعوس الذي كان جزءاً من الحالة الشعبية الرافضة للتكفيريين والإرهاب، وهو على عكس ما يُشاع، لم يكن منضوياً في لواء المعارضة، وربما استفاد في مسألة التمويل للدفاع عن الدروز في قراهم، لكنه من الموقّعين على الوثيقة التي تمّ الاتفاق عليها في السويداء والتي تؤكد أن لا بديل عن الدولة السورية. ومن هنا، يمكن القول أنّ اغتيال الشيخ البلعوس جاء من قبل القوى التكفيرية، كما أنّ أسلوب تفجير الأبرياء يحمل بصمات «داعش» و«النصرة» التي تقوم ـ مدعومة بالمال السعودي ـ بالانتقام من المدنيين عبر هذا الأسلوب الإجرامي.

وإذ يلفت النائب الأعور إلى أنّ جنبلاط حرّ في مواقفه السياسية التي يتخذها، يؤكد أنّ الأخير لا يملك حرية أخذ الناس في الجبل رهينة مواقفه السياسية، وجعلهم في موقع تجاذب نتيجة آرائه. ويلفت إلى أنّ جنبلاط ومنذ عام 2009 يغرّد خارج السرب، وهو يضع نفسه خارج فريقَي 8 و14 آذار، كما أنه يكون تارة مع العروبة وتارة أخرى ضدّها، وهذا ما يعكس بوضوح ازدواجية مواقفه.

وعلى صعيد الموقف الديني للطائفة الدرزية، يؤكد الأعور أنّه موقف موحّد سواء في سورية أو في لبنان. وكلّ محاولات جنبلاط للاستثمار السياسي في الأوساط الدينية فشلت، وما نراه من مواقف لبعض رجال الدين ممّن يعتبرون من صُلب العصب الجنبلاطي التاريخي، لكنه لا يعبّر عن موقف ديني رسمي.

أمّا في خصوص موقف القوى السياسية المناهضة لجنبلاط في الجبل والتزامها التهدئة، فيؤكد الأعور أنّ التهدئة مطلوبة في هذا التوقيت الحساس، «ونحن كنا وما زلنا من دعاة التهدئة وحفظ أمن الجبل، ولكن المطلوب أن يلتزم جنبلاط التهدئة وألّا يرفع سقف الخطاب التحريضي».

العسراوي

المندوب السياسي لجبل لبنان الجنوبي في الحزب السوري القومي الاجتماعي حسام العسراوي لفت في حديث إلى «البناء» إلى أنّ النائب وليد جنبلاط فشل في استثمار جريمة اغتيال الشيخ البلعوس في السويداء ضمن مشروعه المعادي للدولة السورية، ومحاولة التحريض لانسلاخ المحافظة عن جسد الكيان الشامي. ما يعتبر خدمة جلية للمشروع التدميري والتقسيمي الهادف إلى شرذمة المحافظات السورية وتقطيع أوصالها بهدف خلق واقع ديمغرافي جديد يتوافق والمشروع اليهودي الساعي إلى إيجاد مبرّر للكيان الغاصب في فلسطين المحتلة، من خلال ما يُسمّى بـ«الربيع العربي».

وأضاف: اللافت أنّ تغريدات جنبلاط التحريضية بُعيْد وقوع الاغتيال وحديثه عما أسماه «ساعة الفرز»، جاءت متوافقة ومؤيدة لموجة العنف التي شهدتها المحافظة لكن سرعان ما تمّ تطويقها، بفضل مواقف المرجعيات الدينية الرزينة والتي نوجه لها التحية لإدراكها مبكراً حجم المؤامرة المحاكة للسويداء عبر جريمة اغتيال الشيخ البلعوس، وعدد من المواطنين، وعملوا على سحب فتيل الفتنة.

كما لفت العسراوي إلى أنّ الموقف التصعيدي من جنبلاط بدأ منذ مقتل المنشّق خلدون زين الدين، إذ سارع إلى الدعوة لإقامة صلاة الغائب عنه في عاليه. وبعد التفجيرات الأخيرة صوّب جنبلاط أصابع الاتهام إلى النظام. بينما في قلب لوزة، حيث المجرم معروف ويتمثل بـ«جبهة النصرة»، كانت مواقفه تدعو إلى التهدئة والسكون. كما لم تتمّ الدعوة إلى إقامة صلاة الغائب عن أرواح الشهداء الأبرياء. وهل أنّ ذلك مرتبط بالهجوم الإرهابي الذي أعقب المجزرة على مطار الثعلة الذي بقي صامداً بفعل الصمود والتضحيات، حيث كان للحزب السوري القومي الاجتماعي دور بارز تعمّد بدماء شهيديه فيصل الأطرش ورشوان مشرف في معركة الدفاع عن المطار.

يضيف العسراوي: إلى جانب التصعيد الذي قام به جنبلاط على جبهة السويداء، كانت واضحة أيضاً محاولة التحريض داخل الشارع الدرزي ورجال الدين على صعيد منطقة جبل لبنان التي بقيت هادئة، ولم تنجرّ إلى الفتنة التي أراد أن يورّط بها أبناء طائفة الموحدين من الذين لا يوافقونه وجهة نظره. وهنا نسأل عن الهدف من محاولات استفزازنا، لكننا أفشلنا هذه الخطة عبر التأكيد والعمل على حفظ الأمن والهدوء في الجبل، لأننا نأخذ على عاتقنا مسألة الحفاظ على السلم الأهلي في الجبل وباقي مناطق الكيان اللبناني، كما كنّا رأس حربة في مواجهة الاجتياح والعدوان والحروب الانعزالية. فنحن لم تتبدّل قناعاتنا وبندقيتنا لم تخطئ بوصلتها، وبالتالي نحن قادرون من جهتنا كقوى وطنية وقومية أن نقيم مهرجانات التكريم للشهداء الذين يرتقون في السويداء وفي باقي المناطق دفاعاً عن الشام ووحدتها في مواجهة مشاريع التقسيم وقوى الإرهاب.

وتابع: نحن اليوم في الشام نؤكد وحدة المعركة والمصير القومي من خلال تواجدنا في خندق واحد مع الجيش السوري وحزب الله في صدّ المشروع الإرهابي التكفيري التدميري الساعي إلى إعادة رسم الخريطة في أمتنا المقسّمة بفعل اتفاقية سايكس ـ بيكو. ومن هنا نأخذ على النائب جنبلاط مواقفه، ونسأل عن الجهات التي يعمل على دعمها وأين تتجلى مصلحة الموحّدين في ظلّ وجود الوحش التكفيري في الشام. إذا كان فعلاً يعمل على حفظ الطائفة ومصالحه.

وختاماً، دعا العسراوي إلى التروّي والهدوء، وعدم جرّ الشارع إلى الانفعالات وردود الفعل التي يمكن أن تؤدّي إلى نتائج لا تحمد عقباها.

حمادة

من جهته يؤكد د. سليم حمادة، مستشار رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، في تصريح إلى «البناء»، أنه لا بدّ من الاعتراف بأنّ اغتيال الشيخ وحيد البلعوس وضع لحظة وقوعه المكوّن السوري المهمّ أيّ الدروز في جبل العرب في حالة من الارتياب وبعض التأرجح في الظن، وعلى رأس قائمة التساؤلات من قتل الشيخ وحيد؟

ويتابع حمادة: المسار التاريخي للاغتيالات عموماً يدلّ إلى أنّ لكلّ الاغتيالات التي حصلت هدفاً سياسياً. والمستفيد من هذا الاغتيال إنما هو المسؤول الأول عنه، فما هي إفادة النظام السوري من القيام باغتيال في جبل العرب الموالي بشكل تامّ له، وما مصلحة الدولة السورية في بث الفرقة في منطقة موالية لها؟

ويضيف: الدروز في سورية جزء لا يتجزأ من المكوّن الشعبي الوطني، وليسوا في أيّ حالة طائفية تسعى إلى إيجاد حيّز لها خارج منظومة الدولة السورية.

كما يشير إلى أنّ هذا الموضوع أثار جدلاً في مناطق عاليه وحاصبيا والشوف والمتن، حيث هناك تواجد للقوى التي تدعم الدولة في سورية وتلك المعارضة لها، وأخذ التباين سقفاً خطيراً من وجهة نظر البعض، ظناً منهم بأنه سينعكس انقساماً مُريباً، وهذا ما لم يحصل لعدة أسباب وهي:

أولاً: الفتنة لم تحصل أساساً في جبل العرب حتى تتدحرج إلى جبل لبنان.

ثانياً: الانقسام في الموقف في جبل لبنان ليس جديداً، وما حصل من تباين حول اغتيال الشيخ البلعوس يندرج في إطار هذا الانقسام الذي قد يواجه أحداثاً عدة، لن تكون قضية الشيخ البلعوس آخرها.

ثالثاً: نسبة الوعي الذي أنتجه الاتفاق الأخلاقي بين النائبين وليد جنبلاط وطلال أرسلان والقوى السياسية من الأحزاب الوطنية في الجبل، على قاعدة إبقاء المواقف في إطارها السياسي والإعلامي، هذا الاتفاق أرخى بظلاله على ترسيخ الاستقرار في الجبل، مهما كبرت الأزمات وانعكاساتها على الداخل اللبناني.

رابعاً: كلّ التحقيقات التي قامت بها الأجهزة الأمنية السورية في قضية اغتيال الشيخ البلعوس جاءت بحقائق عن عملية الاغتيال وأغلقت الباب أمام معارضي النظام بألا يتمادوا في الاتهام من دون قرائن قانونية تؤكدها.

وختم حمادة مشيراً إلى أنّ الأسباب الآنف ذكرها لعبت دوراً أساسياً في استيعاب الأزمة، وإقفالها من حيث المفاعيل على هذا الحجم من الارتدادات.

جنبلاط

بدوره، يُبدي أمين الإعلام في حزب التوحيد العربي رشيد جنبلاط في تصريح إلى «البناء»، أسفه للمواقف التي صدرت عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بعد عملية اغتيال الشيخ البلعوس. لافتاً إلى أنّ «أهل مكة أدرى بشعابها»، وأهل السويداء هم أصحاب القرار وهم موحّدون في وجه من يريد القضاء على وطنهم من أياد غريبة وليسوا من أبناء الوطن.

كما يؤكد رفض الشعارات المُهينة ضدّ دولة شقيقة والتي رفعها الفريق الآخر، «لكننا نؤكد تمسكنا بوحدة الجبل والسلم الأهلي فيه، وهذه التصرفات التي شهدناها على خلفية اغتيال الشيخ البلعوس لا تعدو كونها حالة عابرة لن نردّ عليها، لأننا بذلك نقدّم خدمة لمشروع الفتنة الذي يريده البعض عبر طروحاتهم الاستفزازية. ولكننا حريصون على وحدة سورية ولبنان، وأمن الجبل خط أحمر بالنسبة إلينا».

ويلفت جنبلاط إلى الشهداء الذين سقطوا في مجزرة قلب لوزة، إضافة إلى الآلاف من أبناء محافظة السويداء الذين استشهدوا في صفوف الجيش السوري دفاعاً عن وطنهم. إذ لم يَدعُ جنبلاط إلى أيّ حفل تأبين لهم أسوة بما حصل مع اغتيال الشيخ وحيد البلعوس. ويلفت إلى أنّ الشيخ «أبو فهد» سقط له في جبل الشيخ 13 شهيداً ضمن مجموعة كانت تقاتل هناك في مواجهة القوى التكفيرية من «داعش» و«النصرة» وغيرهما. ويسأل: هل يمكن أن يتنقل مسلحو الشيخ البلعوس من جبل العرب إلى جبل الشيخ وهي منطقة خاضعة لسيطرة الجيش السوري لو كانوا فعلاً ضدّه؟

ويدرج أمين الإعلام في حزب التوحيد العربي جريمة اغتيال الشيخ البلعوس ورفاقه في سياق الانتقام من دروهم في مواجهة قوى الإرهاب والتكفير. لافتاً إلى أنّ مواقف الشيخ أبي فهد من النظام كانت تندرج في سياق «النقد البنّاء». والقائد الكبير سلطان باشا الأطرش كان يرفع رسائل الانتقاد للدولة السورية في حقبته، من دون أن يدعو إلى حمل السلاح في وجهها، وهذا الأمر مشروع أسوة بما نقوم نحن به من انتقاد للأحزاب الحليفة لنا ضمن محور المقاومة، من دون أن يعني ذلك أننا بتنا في المحور الأميركي المُعادي للمقاومة.

ويلفت جنبلاط إلى أنّ مواقف مشايخ العقل الثلاثة في السويداء كانت موحدة في رفض الفتنة، كما أنّ الشيخ ركان الأطرش، وهو الأب الروحي للشيخ البلعوس، كان واضحاً لجهة الدعوة إلى التهدئة وعدم التعرّض لهيبة الدولة. ويضيف جنبلاط: «لا يحق لأيّ زعيم أو أيّ رجل سياسي أن يحلّل دم هذا أو ذاك، لأن ذلك مُخالف لتعاليمنا الدينية وقيمنا ومبادئنا». ويلفت إلى أنّ الدروز ليس لديهم أيّ مشروع لإقامة دولة مستقلة، لأنهم يؤمنون بأنّ هذه الحياة ممرّ وليست مستقراً، وبالتالي هم شعب في قلب الوطن، وهذا ما عبّر عنه أهالي الجولان الذين أكدوا تمسكهم بهويتهم الوطنية السورية، رافضين محاولات العدو للتغرير بهم وسلخهم عن وطنهم الأم سورية.

ويختم جنبلاط مؤكداً أنّ الدروز في سورية ملتزمون بالخط الوطني ضمن نسيج الدولة السورية، ويدعمون جيشهم ويرفضون أيّ محاولة للمساس به أو التعرّض له. وأنّ محاولات بثّ الفتنة لم تنجح من حيث التوقيت والشكل. وأنّ السويداء لن تكون مدخلاً لمرور الإرهاب إلى الشام.

جريمة اغتيال البلعوس… واعترافات أبو ترابة

بعد أربع وعشرين ساعة على اغتيال الشيخ البلعوس، بثّ التلفزيون الرسمي السوري مقابلة مع موقوف لدى الأجهزة الأمنية السورية يدعى وافد أبو ترابة، حيث أدلى الأخير بسلسلة اعترافات حول مسؤوليته عن التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا محافظة السويداء، وسقط على إثرهما عددٌ كبير من الشهداء والجرحى، من بينهم الشيخ وحيد البلعوس.

وبحسب أبي ترابة، فإنّ عملية اغتيال البلعوس، وما تلاها من تفجير عبوة ناسفة أمام مشفى السويداء الوطني مستهدفاً عائلات ضحايا التفجير الأول، الذين توافدوا إلى المشفى لتفقّد أقاربهم، تمّت بتكليف من «رئيس المجلس العسكري في السويداء» التابع لـ«الجيش الحرّ» العقيد المنشقّ مروان الحمد، والمحسوب على غرفة العمليات الأردنية المعروفة بـ«الموك».

وذكر أبو ترابة أنّ معاونيه في تنفيذ التفجيرين هم: أبو مزيد سليم، أبو محمود، ورامي الحسين الملقّب بأبي مصعب، وحمد الصحناوي، وذلك بالتنسيق مع وليد الرفاعي، أحد قادة الكتائب المسلحة في المعارضة السورية في بلدة أم ولد، غرب السويداء. وقال أبو ترابة إنّ مروان الحمد وعده بأن يعيّنه خلفاً للبلعوس، بعد اغتياله.

وسرد أبو ترابة تفاصيل عملية الاغتيال، وكيف بدأ التحضير لها قبل أشهر، مؤكّداً أنه في الأيام العشرة السابقة حُدّد طريق السويداء ـ الجبل لاستهداف موكب البلعوس، بعد دراسة طرقات أخرى كطريق بلدة شقّا، إلا أنه تمّ اختيار طريق الجبل لبُعده عن المناطق السكنية، وأنّ التحضير النهائي حصل قبل ثلاثة أيام من التفجير، بعدما تسلّم أبو مصعب المتفجرات من الرفاعي من بلدة الأصلحة.

الموقف الديني موحّد ومنسجم

على رغم التحريض الذي يمارسه النائب وليد جنبلاط، أتى موقف المرجعيات الدينية في لبنان منسجماً مع موقف المرجعيات الدينية في جبل الدروز. وتجلى ذلك في رفض مشايخ لبنان منح الغطاء لإقامة موقف عزاء للبلعوس في مقام السيد عبد الله التنوخي في بلدة عبيه رافضين استغلال المناسبة لإطلاق مواقف تحريضية ضدّ القيادة السورية. كما أبدت الأوساط الروحية امتعاضها من بيان المجلس المذهبي الدرزي الذي يرأسة شيخ العقل نعيم حسن الذي يدور في فلك جنبلاط.

وبعد اغتيال الشيخ البلعوس، دعت الرئاسة الروحية للموحّدين الدروز في سورية التي تضمّ مشيخات العقل الثلاث أهالي السويداء إلى الحفاظ على الممتلكات العامة ومؤسسات الدولة. كما قام مشايخ العقل بمساعٍ حثيثة لتخفيف الانفعال الذي حصل بُعيْد الاغتيال، ما أثمر عودة الهدوء والأمان إلى المدينة.

«مشايخ الكرامة» دحضوا إشاعات صفحات المعارضة

أكد «مشايخ الكرامة» أنّ موقفهم وطني، وأنهم ليسوا بحاجة إلى أحد ليمنحهم شهادات في الوطنية، وهم يدافعون عن أهلهم في محافظة السويداء. نافين أن يكون قد صدر عنهم أيّ بيان، في إشارة إلى البيان الذي عمّمته صفحات معارِضة على مواقع التواصل الاجتماعي عن طلب فرض منطقة حظر جوّي فوق السويداء وفتح طريق إلى الأردن.

وقالوا إنّ «مشايخ الكرامة» يعتبرون أبا ترابة مشبوهاً منذ زمن، ولديه ارتباطات خارجية، «ونحن لم ننته من التحقيق بعد، ولا نتّهم أيّ جهة». وأكّدوا أنّ كلّ كلام عن أيّ تخريب قام به «مشايخ الكرامة» في المؤسسات الرسمية للدولة هو عارٍ من الصحة، «ونحن التزمنا الصبر وتحلينا بالهدوء لعدم الانجرار وراء الفتنة، وعندما تتّضح الأمور سيكون لنا ردّ وموقف».

موقف «مشايخ الكرامة» جاء منسجماً مع مواقف التهدئة التي أطلقها مشايخ العقل الثلاثة، إضافة إلى الشيخ ركان الأطرش، وهو أبرز مرجعية دينية في السويداء، للتحلي بالصبر وعدم الوقوع في الفتنة، كما حرّم الأطرش المساس بمؤسسات الدولة أو التعدّي على جنود الجيش السوري أو الأفرع الأمنية، طالباً عدم الانجرار وراء الإشاعات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى