خلوة خالية الوفاض … و6 تشرين الأول يسبق الإسقاط الزمني؟

هتاف دهّام

جلسات متتالية لهيئة الحوار الوطني في 6 و7 و8 تشرين الأول حدّدها رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس عقب الجلسة الثالثة. أهمية هذا التوقيت هي في الإسقاط الزمني، إذ تأتي هذه الاجتماعات عقب اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقبل حراك الشارع العوني في 11 تشرين الأول عشية إحالة قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز الى التقاعد في 15 منه.

وعليه ستسود لعبة تقاذف التعطيل ومسؤوليتها مع فراغ العناوين السياسية الكبرى من أيّ إمكانية تقدّم، ويبدو أننا سنرى في هذه اللحظة الراهنة إدارة تكتيكية لكلّ طرف من استخدام العناوين لخدمة التكتيك من دون إحداث خرق طبيعي للمشهد على الأقلّ الى ما بعد عطلة عيد الأضحى وظهور نتائج نيويورك وكيفية التعاطي مع الأحداث في المنطقة. وفي الانتظار يريد رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون أن يوفر وحزب الله فرصاً إيجابية لحلول موضوعية للأزمات العالقة، في المقابل هناك من يقارب الأمور من خلال القوالب الجامدة والمعزوفات نفسها لأن لا نية لديه لتفهّم صعوبات اللحظة الحالية ويريد أن يدفع بخصمه ليجعله أمام الحائط. يدرك العماد عون أنّ وجوده في الحوار على الأقلّ شكلاً يمثل مناورة تضيّق الخناق على الخصم وإنْ كان لن يتردّد بالخروج من الحوار اذا بقي هذا الحوار يدور في حلقة مفرغة.

لا يريد الجنرال عون بالتفاهم مع حليفه حزب الله ان يظهر بمظهر المعطل والمعرقل الأول للحوار. فحضر أمس الجلسة الثالثة منه، والتي أعقبتها خلوة ضمّته إلى الرئيس بري، رئيس الحكومة تمام سلام، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة، وفيما شارك في الخلوة المعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل والنائب علي فياض، بقي النائبان غازي العريضي وابراهيم كنعان في المكتب المجاور لمكتب الرئيس بري. طرح رئيس المجلس في الخلوة سلة متكاملة بدءاً من الاتفاق على ترقية العمداء وشرعنة المجلس العسكري بكلّ أعضائه بما فيه حلّ مشكلة العميد شامل روكز والانتقال الى تحصين الحكومة وآلية عملها وصولاً الى فتح أبواب المجلس النيابي أمام تشريع الضرورة، أيّده النائب وليد جنبلاط من دون تحفظ ووافق الجنرال عون على الطرح، فيما اعترض عليه السنيورة الذي سجل ملاحظات من كلّ حدب وصوب، وتوقف عند آلية عمل مجلس الوزراء وصلاحية رئيس الحكومة من دون أن يبدي أيّ حلحلة على نحو شكّل انقلاباً على الآلية المعمول بها حالياً. ما جعل هذه الخلوة خالية الوفاض، لا سيما بعدما أعقبها إعلان نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل رفضه تسوية الترقيات.

ويعتبر مقبل وفق ما علمت «البناء» أنّ الأولوية في الترقية تأتي كالآتي:

أولاً: نائب رئيس الأركان في شؤون التخطيط العميد مارون حتي من دورة 1980.

ثانياً: قائد الحرس الجمهوري العميد وليد الغفري الذي يشترط الرئيس ميشال سليمان تسميته .

ثالثاً: قائد منطقة الجنوب العميد فرنسوا شاهين.

رابعاً: قائد منطقة البقاع العميد البير كرم.

خامساً: قائد مقرّ عام الجيش العميد جورج كيوان.

سادساً: مدير الأفراد العميد كلود حايك.

سابعاً: رئيس فرع مخابرات الجيش العميد ريشار حلو.

ويشير مقبل إلى «أنّ هؤلاء رقيوا الى رتبة عميد قبل العميد روكز الذي يحتلّ المرتبة 20 بين الضباط الموارنة والـ50 بين كلّ الضباط برتبة عميد من كافة الطوائف.

وإذا كان تكثيف الجلسات الشهر المقبل قد حمل بوادر إيجابية ان الحوار لم ينعَ بعد، فإنّ جلسة أمس التي لم تختلف نتائجها المعلنة عن الجلستين السابقتين، سجل فيها العماد عون طابة في مرمى 14 آذار. لم ينحصر النقاش بالبند الرئاسي إنما توسّع ليشمل البنود كافة لا سيما القانون الانتخابي. وذكر الرئيس بري بمطالبته الحضور في الجلسة الماضية تقديم اقتراحات عملية محدّدة، وإشارته الى انّ اتفاق الدوحة مكننا من انتخاب رئيس وإقرار قانون انتخابي وتشكيل حكومة، داعياً إلى حلّ شامل يبدأ برئاسة الجمهورية وإقرار قانون انتخابي وتشكيل حكومة. وقال: «لم نعد في حاجة الى الدعوة الى فتح دورة استثنائية، لأنّ العقد التشريعي العادي اقترب موعده». وأضاف: «لم نعد قادرين على تجاوز النسبية»، مشيراً الى «الاقتراحات التي قدّمتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والاقتراحات الأخرى لقوانين الانتخاب التي نوقشت في لجنة التواصل من بينها اقتراحه القانون المختلط القائم على النسبية والأكثري، الا انّ ذلك لا يعني أن نغفل عن الموضوع الأساس انتخاب الرئيس».

ودعا رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان إلى أن يبقى الحوار قراراً سيادياً من دون أن يستجيب لأيّ دعوة لعقده في الخارج. وتساءل هل هناك احترام كامل لمبادئ الدستور؟ وما هو الموقف من تطبيق مواد الدستور غير المطبقة؟

وأعاد رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل التذكير باقتراحه السابق أن علينا الاتفاق على اسم رئيس أو نذهب الى المجلس لانتخاب من يمكن انتخابه. ورفض الجميّل أيّ تعديل دستوري أو قواعد جديدة في غياب رئيس الجمهورية، لافتاً إلى «أنّ الرئيس هو الضمانة المؤسساتية للمسيحيين. ولا يستطيع أحد أن يدّعي القيام بهذا الدور. وطالب بجلسات متتالية للحوار وللحكومة بعد عودة الرئيس سلام من نيويورك.

ورفض وزير الاتصالات بطرس حرب أيّ تعديل للدستور تحت أيّ مسمّى وطالب بانتخاب رئيس وبتكثيف الجلسات وبإيقاف حملات التهييج الإعلامي ضدّ بعضنا، واعتبر أنّ الدوحة تجاوزت الدستور. علّق بري على حرب: «بالعراقي بيقولو زين بسّ عملياً كيف منصرف كلامك»؟ وأعاد وزير السياحة ميشال فرعون التذكير بضرورة الاتفاق على سلة متكاملة في غضون ثلاثة أشهر ومعالجة موضوع اللاجئين، ودعا الى حياد لبنان والاتفاق على برنامج لتجاوز أزمة الثقة بين اللبنانيين. واعتبر جنبلاط «أنّ النقاش الدائر هو دستوري في حين أنّ الخلاف سياسي وعلينا أن نتفق أو نذهب إلى الخليج الفارسي أو سوتشي أو جزر سيشل، لكن الأساس أن يحصل هذا من دون حدث أمني كما حصل في السابق. واعتبر أنّ حياد لبنان مستحيل فإما أن نكون مع «إسرائيل» أو نكون ضدّها. وأشار إلى أنه لم يعد يتحدّث عن سورية، لذلك دعونا نتحدّث عن قانون الانتخاب والجنسية للخروج بتوصيات.

واعتبر رعد «أنّ الأزمة عميقة ومتشعّبة وأنّ الشغور الرئاسي ليس سبباً للأزمة انما هو كشف الأزمة. وقال هناك منفذان للحلّ: المنفذ الأول يكون عبر التفاهم على اسم الرئيس ويمكن أن نصل إلى هذا الأمر عبر طاولة الحوار أو ننتظر ألف عام، والمنفذ الثاني يكون من خلال الاتفاق على قانون انتخاب وعلى مبادئ قانون الانتخاب ونترك التفاصيل للجان. ودعا الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان إلى قانون انتخابي على أساس النسبية يعطي تمثيلاً صحيحاً.

ودعا رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية الى تحديد مواصفات الرئيس قبل الاسم. وقال كلّ طرف يرفض القانون الانتخابي الذي يطرحه الآخر، لذلك يجب الاتفاق على المبدأ قبل القانون ولنبدأ خطوة خطوة نحدّد فيها: هل نريد قانوناً نسبياً أم لا؟ ونحدّد مواصفات الرئيس.

ودعا رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان إلى الاتفاق على جدول أعمال واضح ومحدّد كسلة واحدة، على أن يتمّ التركيز على انتخاب الرئيس كأولوية وقانون الانتخاب، والى الاتفاق على مواصفات الرئيس. وتحدّث عن المعايير التي يعتبرها الحزب أساسية في اختيار الرئيس. وفي هذا المحور فصّل حردان هذه المعايير من أهمية أن يكون الرئيس القادم عازماً على ممارسة صلاحياته خصوصاً لجهة حماية الدستور وتطبيقه بكلّ مندرجاته وبخاصة الشق الإصلاحي منه. وعدّد البنود الإصلاحية التي على الرئيس القادم أن يسهر على تنفيذها بالتعاون مع الحكومة وهي تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية وانتخاب مجلس نيابي من خارج القيد الطائفي وتأليف مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف كافة وتحقيق الإنماء المتوازن باعتباره ركيزة للاستقرار واللامركزية الإدارية.

وتحدّث حردان عن المعايير الأخرى التي يجب أن تتوافر في رئيس الجمهورية وهي:

1 ـ أن يكون حريصاً على إقامة أفضل العلاقات مع محيطه العربي انسجاماً مع ما جاء في مقدّمة الدستور بأنّ لبنان عربي الهوية والانتماء.

2 ـ أن يكون سيادياً بامتياز أيّ أن يكون حاسماً لجهة اعتبار «إسرائيل» عدواً للبنان وأن لا سبيل لردّ خطرها إلا بتعزيز ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

3 ـ أن يكون قوياً وقادراً على التواصل مع جميع القوى السياسية وفتح نوافذ الحوار في ما بينها.

4 ـ أن يكون حريصاً على تمتين أواصر الوحدة بين اللبنانيين ومؤمناً بوحدة الشعب ووحدة الأرض.

وفي قانون الانتخاب، قال حردان: «جرّبنا كلّ القوانين وكان أن نتجت منها أزمات لأنّ الطائفية هي علّة العلل»، ودعا الى قانون انتخابي نسبي يوحد اللبنانيين وتكون نتائجه جهة تحكم وجهة تعارض. وتناول حردان أهمية احتكام الجميع الى مرجعية الطائف ووثيقة الوفاق الوطني وتقدّم باقتراح أن يصدر عن هيئة الحوار موقف واحد في موضوع التسليم بمرجعية الطائف وتنفيذ بنوده كافة.

وأشار عون إلى الاجتماع الذي عقده النواب الموارنة في بكركي والذي اتفقوا فيه على قانونين: الأرثوذكسي والنسبية على أساس 15 دائرة». ولفت إلى «أنّ هذا الطرح يطرحه باسمه ويدعو إلى تبنّيه». وتابع: «إني أدعو إلى قانون انتخابي جديد تجري الانتخابات النيابية على أساسه حيث يتمّ انتخاب مجلس نيابي ينتخب رئيساً للجمهورية». وشدّد على «أنّ الأزمة ولدت مع قانون الانتخاب وليس مع الشغور الرئاسي لذلك يجب البدء من قانون الانتخاب». فسأله الجميّل: «هل تريد ذلك قبل الانتخابات الرئاسية من الشعب أم بعدها»؟ واعتبر حرب «أنّ موقف الجنرال هو تسويف يؤجّل الانتخابات الرئاسية»، وقال نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري من جهته: الموارنة هم من اتفقوا على ذلك وليس جميع المسيحيين»، ليتدخل بري محاولاً قطع النقاش لئلا يتطوّر إلى جدال فإشكال قائلاً: «الانتخابات الرئاسية هي مفتاح الحل ومدخل البنود الأخرى، إنّ موقف الجنرال عون يعتبر متقدّماً ومتطوّراً وهو موقف إيجابي يُبنى عليه».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى