هل ينجح بري في إنقاذ لبنان من التسوّل؟

محمد حمية

تتجه الأنظار الى المجلس النيابي، المؤسسة الأخيرة التي يعوّل عليها الجميع لإنقاذ ما تبقى من دولة في لبنان في ظلّ استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية والشلل الحكومي، ما يضاعف احتمال إحالة الحكومة الى التقاعد المبكر، وهذا ما ألمح اليه رئيس الحكومة تمام سلام أمس، بأنه إذا لم يحصل حلّ جذري لأزمة النفايات خلال أيام، فإنه سيتخذ الموقف المناسب.

من هذا المنطلق يجرى رئيس المجلس النيابي نبيه بري منذ عودته الى لبنان بعد جولة أوروبية، اتصالات مع مختلف الأطراف السياسية لتفعيل عمل المجلس النيابي والدعوة الى جلسة نيابية خلال وقت قريب لإقرار العديد من المشاريع واقتراحات القوانين الملحة والضرورية.

فهل سينجح الرئيس بري بإعادة الحياة الى المؤسسة الأم؟ وهل بات تفعيل عمل المجلس النيابي حاجة بعد قناعة جميع الأطراف بأنّ الحكومة على مشارف التقاعد؟

ترجح مصادر في كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» أنّ الرئيس بري وبعد اجتماع هيئة مكتب المجلس الثلاثاء المقبل، سيدعو الى جلسة نيابية خلال عشرة أيام بمن حضر محصورة في إطار تشريع الضرورة، وذكرت المصادر بأنّ بري دقّ جرس الإنذار في لقاء الاربعاء النيابي حيث خاطب النواب بالقول: أتوسل اليكم عقد جلسة قبل أن نتسوّل عند الآخرين.

وحذرت المصادر من أنّ احتمال وضع لبنان على اللائحة السوداء في البنك الدولي ليس مزحة، بل هو خطر جدي إذا استمرّ الشلل في المؤسسات.

وأضافت: هناك مليار دولار قروض دولية بفوائد قصيرة وطويلة الأمد بإمكان لبنان الإفادة منها في مشاريع تنموية وخدماتية منها 600 مليون دولار مخصصة لسد بسري الذي سيشرف عليه البنك الدولي ويغذي بيروت وضواحيها وصولاً الى كسروان بالمياه، لأن الحكومة لا تستطيع تغطية هذا المشروع من الموازنه العامة.

وأكدت المصادر بأنه لم يأت جواب من تكتل التغيير والإصلاح حتى الآن حيال حضور الجلسة النيابية المزمع عقدها، لكنها أكدت أن أحدا من الاطراف السياسية لا يستطيع التهرّب أو الإعتكاف عن حضورها، ولمست المصادر مرونة لدى نواب «التكتل» في لقاء الأربعاء في هذا الامر، ولفتت الى ربط حضور نواب «التكتل» الجلسة بإدراج قانوني الانتخاب واستعادة الجنسية على جدول الأعمال، وتساءلت: هل قانون الجنسية له الأولوية على القوانين المتعلقة بشؤون المواطنين الضرورية والحياتية؟ وتابعت: فقانون نقل اعتمادات مالية مثلاً لا يمكن إقراره في الحكومة في ظلّ غياب الموازنة.

وكشفت المصادر أن المخرج يتمّ العمل عليه لحضور نواب «التكتل» الجلسة هو أن يتقدّم نواب التغيير والاصلاح باقتراح قانون معجل مكرّر لاستعادة الجنسية، وعندها يطرح في الجلسة العامة على التصويت، لأنّ هذا القانون موجود في اللجان وهناك أصول واجراءات لإقراره، ولا يمكن لرئيس المجلس أن يخرقها.

ووصفت المصادر العلاقة بين الرئيس بري ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بـ«الجيدة» ما يسهّل نجاح مساعي بري بتفعيل عمل المجلس، واعتبرت أنّ العميد شامل روكز يملك الكفاءة والمناقبية ليتبوأ مراتب عليا في المؤسسة العسكرية لكن قرابته من العماد عون كانت نقمة عليه استغلها بعض الخصوم في الداخل والخارج لينسف تسوية الترقيات.

وشدّدت المصادر على أنّ جولة بري الأوروبية كانت جيدة، واستبعدت أي تسوية للملف الرئاسي في القريب العاجل وكشفت عن زيارة قريبة لبري الى روسيا ستتسم بأهمية كبيرة، لأنها جاءت بعد التدخل الروسي العسكري في سورية وبعد زيارة الرئيس بشار الأسد الى موسكو.

بعد انسداد أفق التسويات الداخلية لا سيما في الملفات الكبرى بانتظار انجلاء الوضع الإقليمي، هل تمرّر الأطراف السياسية في الداخل الوقت بالإنصراف لمعالجة أزمات المواطنين الحياتية؟ وهل ينحج توسّل بري النواب بإنقاذ لبنان من تسوّل الآخرين؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى