ماذا يقول المغتربون السوريون: الوحدة الوطنية أرسخ مما يتوقَّعون

تامر يوسف بلبيسي

جمعتنا هذا الأسبوع مع عدد من الأصدقاء من فاعليات محافظة درعا زيارةُ تهنئة لأهلنا في الساحل السوري بمناسبة ذكرى الحركة التصحيحية المجيدة، وكانت الزيارة التي استمرت حتى نهاية الأسبوع مناسبةً لتتجمّع في العقول والقلوب مجموعة من الأفكار والانطباعات والمشاعر.

ذهبنا وفي عقولنا وقلوبنا همّة وعزيمة وإرادة، والعنوان هو كيف نسهم في تدعيم الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن ومحافظاته، رداً على الهجمة المبرمجة التي تستهدف هذه الوحدة، وباتت آخر ما تبقى مما يراهن الذين يتربّصون بسورية على الفوز بالنيل منها لتعويض كلّ خسائر حروبهم التي صمدت سورية في وجهها وفازت عليها.

ذهبنا وفي قلوبنا وعقولنا العزمُ على مخاطبة أهلنا في الساحل بما يُوصل إليهم رسالة الأخوة في الوطن التي يحملها إليهم أخوتهم في حوران، خصوصاً أنّ أعداء سورية تقصّدوا أن يربطوا بين محافظتنا درعا وبين بداية الحرب المشؤومة التي أرادت النيل من سورية، وحاولوا تقديمها كبيئة حاضنة لأعداء سورية، وأنشأوا لذلك محطات إعلامية وأنفقوا أموالاً، والهدف معلوم وهو زرع بذار الفرقة بين السوريين ودفعهم إلى التنابذ على أساس هويات وهمية تحلّ مكان هويتهم الوطنية الجامعة ليصيروا يتنادون بها ويتحدّثون عن بعضهم ويصنّفون مواقف بعضهم على أساسها.

لقد كنتُ، ومن موقع ثقتي مما زرعه القائد الخالد حافظ الأسد وأسّس عليه البناء الذي أشاده الرئيس القائد بشار الأسد سيشكل السدّ المنيع في وجه هذه المحاولات الهادفة للفتنة، ولكنني لا أخفي الشعور بمهابة المهمة التي قرّرنا وزملائي أننا سنواصلها لتشمل كلّ المحافظات السورية، لأنّ هذه هي مهمتنا وهذا هو واجبنا، ولهذا كانت الثقة وكان التهيّؤ لملاقاة العقبات، كما كان الفرح والقلق معاً يغمران القلوب والمشاعر.

كانت تحضرنا ونحن في الطريق سِيَرُ أسر الشهداء وصور بطولات هؤلاء الشهداء، وكنا نرى الذين قاتلوا وصمدوا واستُشهدوا تمرّ صورهم أمام عيوننا ونبتسم لهم، وفي آذاننا أصوات العزم والحزم على مواصلة الطريق تنبعث من صرخات أمهات الشهداء وآبائهم وأبنائهم وبناتهم وزوجاتهم.

لقد كانت الزيارة في حصيلتها وبأيامها المتواصلة، فرصة لنعيد اكتشاف وطن النجوم وشعب المعجزات، ونجدّد الثقة في أنفسنا ونتعرّف من جديد على عظمة ما زرعه القائد الخالد من مناعة تواجه مخاطر عقود وقرون، وما بناه الرئيس القائد من مصادر قوة وصمود، حقائق نحتاج اكتشافها من موقع الثقة بوجودها والحاجة، لأن تضيء لنا الطريق أمام حجم ما يجري وما يخطط كي يجري لبلدنا.

الابتسامة الأولى كانت بحجم ما وجدناه من حرارة الترحيب وحرارة اللقاء وحرارة الدموع التي جمعتنا على ضريح القائد الخالد، والكلام الوطني والقومي الذي جمعنا في توصيف ما صنعه لنا وبنا، لنعرف أنّ ما جئنا من أجله محقّق ولا يحتاج وجودَنا إلا لنشهد على وجود هذه القيم السامية التي تجمعنا ونلتقي عليها، بقامات عظماء أسّسوا ورعوا أعظم بنيان لنا ولأبنائنا وللأحفاد.

اللقاء الذي لا يُنسى كان ما جمعنا بأسر الشهداء نستمدّ منهم المعنويات والروح والعزيمة، والعزاء، فمثلما لم يكن ثمة حاجة لجهد نبذله في تعزيز وحدتنا الوطنية نكتشف كم أننا كنّا بحاجة لهذه الزيارة لنستمدّ المعنويات ونشعر بالتعزية ببركة دماء شهدائنا وعظيم تضحياتهم.

لقد زرنا الساحل مراراً قبل الأزمة، ونحن نقصد أماكن السياحة وجمال الطبيعة لندخل الفرح إلى قلوبنا وقلوب مَن معنا، وها نحن نزور الساحل اليوم، فنشعر بفرح لم نعرفه يوماً، فرح الاكتشاف أننا في وطن يصمُد دهراً في وجه العاتيات اسمه سورية.

مغترب عربي سوري في الكويت

رئيس مجلس إدارة قناة «زنوبيا» الفضائية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى