ماذا يريد المغتربون السوريون: معارضة وطنية تنافس انتخابياً

تامر يوسف بلبيسي

سمع السوريون المقيمون والمغتربون وشاهدوا ما عرف بمؤتمر للمعارضة خارج سورية، وربما تكون للمقيمين أحكامهم، وللمغتربين بحكم تمسّكهم باحترام مواقف الدول التي تستضيفهم أحكام مختلفة، فيبتعدون عن محاكمة سياسات الدول ومواقفها، ويسعون إلى تفادي الدخول في توجيه الاتهامات لها، ويكتفون بمناق شة من يعتبرونهم أخوتهم من السوريين، ولو خالفوهم الرأي ليسألوهم ويسائلوهم، هل هم على طريق يخدم الوطن سورية، وهل ما يقومون به بشارة خير أم نذير شؤم على بلدهم الحبيب.

اليوم غير الأمس ولم يعد أحد في العالم يطيق سماع شيء عن أولوية تتقدّم على مكافحة الإرهاب، الذي يفتك بالسوريين وأرزاقهم، بماضيهم ومستقبل أجيالهم، حتى بات مصدراً لقلق الخارج فكيف بالسوريين؟ ومستغرَب أن تغيب هذه الأولوية نصاً وروحاً عن الذين اجتمعوا وأرادوا أن يكسبوا ثقة السوريين، فإذا كان هذا يعنيهم فما قالوه لم يعد يعني السوريين إلا كتعبير عن طغيان الأحقاد على مواقف بعض السوريين بمعزل عن مصلحة سورية التي يُفترض أنهم بِاسمها يجتمعون، والغريب العجيب أن يجد بعض التنظيمات الإرهابية مكاناً له في مقاعد هذه المعارضة، فيما السوريون يذوقون المرّ من أيدي مسلحيها، فتلبس ثوب الوداعة والسياسة في هذا الجمع.

بعد سنوات من المرارات والمعاناة والتشرّد والخراب والموت واللجوء، كان السوريون، مقيمين ومغتربين، يتوقعون صحوة وطنية تقيم مراجعة تكاشف بها أبناء البلد قيادات هذا الجمع، وتقول: لقد تورّطنا في مسار ظننّاه سيوصل بلدنا إلى إصلاح وتغيير، وإذ بنا نأخذ سورية إلى حيث تصير ساحة للتدخلات الخارجية ومسرحاً للتنظيمات الإرهابية، ويفقد بلدنا الآلاف من بنيه، وما عمّره الآباء والأجداد، وما ادّخروه، وتتفتت بنية النسيج الوطني وتنهض الغرائز والعصبيات على حساب الهوية الجامعة، وآن الأوان لنتوحّد ونطوي الصفحة ونمدّ أيدينا لبعضنا البعض في حوار صادق يقوم على الوحدة في الحرب على الإرهاب والدعوة لإغلاق الحدود، والتمهيد لحياة وطنية نتشارك فيها الحلو والمرّ، ونستعيد صفاء هويتنا لا تنازعها هويات فرعية مناطقية وعرقية ودينية وطائفية، ونعيد الاعتبار لأولوية استرداد جولاننا الحبيب، ونقيم للحياة الوطنية معياراً ينطلق من صناديق الاقتراع، نحتكم في كلّ خلاف إليها، ونترك للشعب الكلمة الفصل حولها.

لم نسمع كلمة واحدة من هذا كله، وسمعنا لغة التحدّي التي جرّبها أهلها طوال سنوات مضت وجرّب السوريون نتائجها وبالاً وخراباً.

لم نسمع شجاعة القول بتحمّل المسؤولية ولو بجزء يسير عما جرى ومما جرى بسورية ولسورية.

لم نسمع لغة مدّ اليد والدعوة لطيّ الصفحة والتعاهد على الاحتكام لإرادة الشعب ورفض التدخلات الخارجية.

لم نسمع كلمة عن مشاركة السوريين خوفهم وقلقهم من تجذّر الإرهاب، والعالم كله صار يشاركهم هذا القلق وذاك الخوف، وأول التعبيرات تنقية الصفوف وتنظيفها من مفرداته.

لم نسمع شجاعة الثقة بالشعب والاستعداد للاحتكام لمشيئته، عبر صناديق الاقتراع ليقول ماذا ومَن يريد.

يريد السوريون المقيمون والمغتربون، وربما هذا ما يريده المغتربون أكثر، أن تكون لديهم معارضة وطنية تغني حياة سورية، وترتضي دائماً الحلول السياسية والسلمية وتقبل التنافس أمام صناديق الاقتراع، ولا تبحث عن مكان لتعقد مؤتمرها خارج سورية، معارضة تملك شجاعة إلقاء السلاح والتوحّد وراء الجيش الوطني في حرب يشهد له بها العدو والصديق في وجه الإرهاب.

مغترب عربي سوري في الكويت

رئيس مجلس إدارة قناة «زنوبيا» الفضائية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى