نجاح اليمين الفنزويلي: هل حان موعد العودة إلى الحضن الأميركي؟

حميدي العبدالله

أعلنت المعارضة اليمينية في فنزويلا بعد انتصارها الكاسح أنّ هذا الفوز يمثل الخطوة الأولى باتجاه عودة اليمين الموالي للولايات المتحدة إلى الحكم من جديد في كل دول أميركا اللاتينية التي فاز فيها اليسار.

ومما لا شك فيه أنّ فوز المعارضة اليمينية في فنزويلا لا يمكن إرجاعه إلى تدخلات وضغوط غربية، بل هو نتيجة لفشل اليسار الفنزويلي في اعتماد برامج تعبّر عن مصالح غالبية الفنزويليين، ذلك أنّ تصويت غالبية الشعب الفنزويلي إلى جانب المعارضة الموالية للولايات المتحدة، يعني بوضوح أنّ هذه الغالبية باتت محبطة وغير راضية عن أداء الحكومة اليسارية الفنزويلية.

لكن هل هذا يعني أنّ شعوب بلدان أميركا اللاتينية حيث يحكم اليسار في أكثر من بلد ولا سيما في بوليفيا ونيكارغوا، إضافةً إلى كوبا، ستحذو حذو غالبية الشعب الفنزويلي؟

من السابق لأوانه الإجابة على هذا السؤال بتأكيد ما ذهبت إليه المعارضة اليمينية الفنزويلية المنتصرة في الانتخابات البرلمانية.

إنّ هزيمة اليسار الفنزويلي تعود إلى سببين أساسيين، السبب الأول، رحيل الزعيم الأبرز والأكثر شعبية لليسار الفنزويلي هوغو تشافيز بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان. وبديهي أنّ جزءاً من انتصارات اليسار الفنزويلي كانت بفضل السمات القيادية للرئيس الفنزويلي الراحل، وقدرته على التأثير على شرائح واسعة من المجتمع، واستمالة شرائح أخرى لا تحبّذ أطروحات اليسار. السبب الثاني، مكوث اليسار في الحكم أكثر من عقد ونصف، وعادةً في مثل هذه الظروف تميل غالبية الشعب إلى طلب التغيير، وهذا ما يفسّر الانتقال المتكرّر لمقاليد الحكم في الدول الغربية بين الأحزاب اليمينية والأحزاب اليسارية، يحدث هذا في فرنسا وبريطانيا وألمانيا، والدول الاسكندنافية، وطالما أنّ نمط الديمقراطية المعتمدة، وتداول السلطة القائم في فنزويلا يرتكز على الأنموذج الغربي للديمقراطية، فمن الطبيعي أن تسود التقاليد ذاتها، أيّ التناوب على السلطة بين اليمين واليسار.

لكن هذه الأسباب التي قادت إلى خسارة اليسار الفنزويلي للغالبية البرلمانية ليست بالضرورة متوفرة في بوليفيا ونيكارغوا، ففي هذه الدول لا يزال الزعيمان البارزان موراليس في بوليفيا واورتيغا في نيكارغوا على رأس الحكم في هذين البلدين، وبالتالي فإنّ قدرتهما على التأثير على شرائح واسعة من المجتمع، بفضل سماتهما التي تشبه السمات التي تمتع بها هوغو تشافيز مستمرة بقوة وتعمل في مصلحة الحصول على تأييد الغالبية، كما أنّ وجود السانديين في السلطة وكذلك أنصار موراليس في بوليفيا هو أقصر من فترة حكم اليسار الفنزويلي، ولا تزال الغالبية تريد منح حكمهما المزيد من الوقت لاختبار مدى قدرتهما على تحقيق برامجهما المعلنة، واختبار صدق الوعود التي قطعوها في حملاتهما الانتخابية التي قادت إلى فوزهما بدعم غالبية أصوات الناخبين.

فوز المعارضة اليمينية في فنزويلا لا يعني بالضرورة تحوّل أميركا اللاتينية من جديد إلى اليمين وإلى أحضان الولايات المتحدة، ومن السابق لأوانه إصدار مثل هذا الحكم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى