حدود تقهقر «داعش»

حميدي العبدالله

حاول المسؤولون الأميركيون والإعلام الغربي إشاعة أجواء توحي وكأنّ تنظيم «داعش» آخذ بالانحسار.

بديهي أنّ إشاعة هذا المناخ هدفه الرئيسي دفع التهمة التي تؤكد أنّ الولايات المتحدة غير جادّة أو عاجزة في حربها على «داعش».

لكن هل فعلاً تقهقر «داعش»؟

إذا كان المعيار هو التمدّد الذي بدأه «داعش» في العراق في حزيران 2014 بعد استيلائه على محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، يمكن القول إنّ «داعش» قد تراجع فعلاً في بعض المناطق، وتحديداً حيث كان للحشد الشعبي الدور الأكبر في محاربته، فغالبية محافظات صلاح الدين وديالى قد تمّ تطهيرها من تنظيم «داعش»، ولكن في محافظة نينوى لم يكن هناك تقدّم جدي ضدّ «داعش»، على الرغم من التواجد الحصري على الأرض للقوى المرتبطة بالتحالف الأميركي، والتقدّم الوحيد الذي تحقق في هذه المحافظة، تحقق في منطقة سنجار بمساعدة من أكراد سورية، وتحديداً وحدات الحماية الشعبية.

ما عدا ذلك يمكن القول، إنّ «داعش» لم يتقهقر، وحتى خسارته لمدينة الرمادي لا تعدّ تقهقراً لأنه سيطر عليها قبل أشهر وليس في حزيران عام 2014، ما عدا ذلك في سورية لا زال «داعش» يتقدّم على حساب الجماعات المسلحة الأخرى، وما خسره في مواجهة وحدات الحماية الكردية، عوّضه بالتقدّم على حساب الجماعات المسلحة الأخرى في ريف حلب الشمالي، كما أنه لا يزال يحتفظ بمواقعه في تدمر ومحيطها، وتحديداً القريتين ومهين.

هذا على مستوى سورية والعراق، أما على المستوى الإقليمي، فإنّ «داعش» يتمدّد بقوة كبيرة، فهو سيطر على مناطق واسعة من ليبيا، ولا سيما سواحل غرب ليبيا، كما أنه يحقق تقدّماً ملحوظاً في اليمن، ومستوى التأييد له في صفوف القوى السلفية المتشدّدة آخذ بالتزايد على مستوى العالم كله.

بهذا المعنى، فإنّ الادّعاءات الأميركية عن بدء تقهقر «داعش» هي ادّعاءات غير صحيحة، وهي محاولة لانتزاع انتصارات وهمية غير موجودة.

«داعش» لا يمكن القضاء عليه ووقف تمدّده إذا لم يتحقق شرطان، الشرط الأول، وقف دول المنطقة تقديم الدعم له، سواء كان هذا الدعم مالياً أو عسكرياً أو تغطية إعلامية، على غرار تلك التغطية التي تقوم بها قناة «الجزيرة» القطرية. الشرط الثاني، أن تتمّ مكافحة كافة التنظيمات المتشدّدة التي تشكل البيئة التي ترفد «داعش» بالمقاتلين، لا سيما أنّ مراكز أبحاث غربية ومنها مركز «الدين والجغرافيا السياسية» أكد «أنّ 60 من الجماعات المتمرّدة السورية الكبرى عبارة عن متطرفين إسلاميين» مؤكداً أنّ «96 ألف مقاتل يتوزعون على 16 جماعة سلفية» وما لم تتمّ محاربة كلّ هذه الجماعات ووقف الدعم عنها جميعها لن يتمّ وقف تمدّد «داعش» والقضاء عليه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى