كيف تستقيم حرب على الإرهاب إذا استُثنيت «إسرائيل»؟

جمال محسن العفلق

بالعودة الى إعلان السعودية تحالف قيل إنه ضمّ نحو 34 دولة لمحاربة الإرهاب ومواجهة تهديدات محتملة، طبعاً ليست «إسرائيل» من ضمن تلك التهديدات، وقصة «إسرائيل» لا تحتاج إلى تعريف أو شرح، فاحتلال فلسطين بوعد من حكومة صاحبة الجلال والمنسوب الى بلفور اقترب عمره من المئة عام. وما زلنا نقاتل ومن حقنا أن نستمرّ في القتال، فقضايا الأوطان لا تسقط بالتقادم.

فالإرهاب كما جاء تعريفه في الجنائية الدولية هو: استخدام القوة أو التهديد بها من أجل إحداث تغيير سياسي، أو هو القتل المتعمَّد والمنظم للمدنيين أو تهديدهم به لخلق جو من الرعب والإهانة للأشخاص الأبرياء من أجل كسب سياسي، أو هو الاستخدام غير القانوني للعنف ضدّ الأشخاص والممتلكات لإجبار المدنيين أو حكومتهم للإذعان لأهداف سياسية، أو هو، باختصار، استخدام غير شرعي ولا مبرَّر للقوة ضدّ المدنيين الأبرياء من أجل تحقيق أهداف سياسية.

أما المرصد العربي للتطرف والإرهاب فقد حدّد مفهوماً مشابهاً للإرهاب وقسّمه إلى مجموعات منها الإرهاب الدولي وعرّفه بأنه هو الإرهاب الذي تمارسه دولة أو أكثر عن طريق تسخير الإمكانيات الدبلوماسية أو العسكرية لتحقيق هدف سياسي أو الاستيلاء على مكتسبات أو غيرها من البلدان، ويتخذ هذا الإرهاب أشكالاً عديدة مثل الضغط الدبلوماسي أو الحصار الاقتصادي واستخدام القوة العسكرية أو استخدام جماعات إرهابية منظمة لتعمل على ترويع المدنيين وتدمير البنى التحتية.

ومن خلال ما سبق من حقنا السؤال هنا هل السعودية أعلنت عن هذا التحالف لمحاربة الإرهاب بالفعل؟ أم أنها تريد تشريع الإرهاب في المنطقة؟

فمنذ بداية الحرب على سورية قبل أكثر من أربع سنوات كان الإعلام المعادي للشعب السوري يروّج بكلّ إمكانياته لحرب طائفية، وكان استخدام العبارات الطائفية هو المسيطر على ما سمّي حينها بالربيع العربي، وطالما حاول الإعلام تصوير الحالة السورية على أنها حرب مذهبية بين طائفتين أو أكثر، ومنذ بداية الأحداث رُفعت شعارات طائفية كثيرة استهدفت الجميع من دون استثناء من أطياف الشعب السوري، والهدف منها كان إعطاء النزاع في سورية بُعداً طائفياً ومذهبياً، وذلك لتبرير أيّ تدخل بحجة حماية هذا الطرف أو ذاك.

وإذا ما تابعنا من هم الذين انضمّوا إلى هذا التحالف سنجد تركيا والأردن وجزءاً من لبنان ممثلاً برئيس الحكومة الذي رحب بتحالف تُجمع الأوساط السياسية على تسميته بـ»التحالف السني» مع الأسف.

فمن سيحارب هذا التحالف؟ إذا كنا اتفقنا على أنّ «إسرائيل» ليست من ضمن التهديدات المحتملة بالنسبة إليه، وتركيا التي اعتدت على العراق وأرسلت قوات الى الموصل هي من ضمن التحالف، وكذلك دورها في دعم «داعش» والمنظمات الإرهابية الأخرى في سورية لا يحتاج الى أدلة كثيرة، فهو مكشوف ومثبت بالأدلة والبراهين. إذاً هذا التحالف ليس إسلاميا بالمعنى الحرفي إنما هو تحالف عسكري بغطاء مذهبي الهدف منه محاربة من يختلف معه. وفرض واقع جديد على المنطقة يزيد من تقسيمها وشرذمتها.

وكما قلنا سابقاً، وهذا ليس باختراع ولا بدعة إذا ما تمّ وقف تمويل الإرهاب فإنّ القضاء عليه أمر ممكن وسهل، ولكن من يدير الحرب على شعوب المنطقة لا يريد لهذه الحرب أن تتوقف، ففي الوقت الذي يدّعي العالم أنه يريد محاربة الإرهاب نجد الولايات المتحده ترسل سلاحاً لمن تسميهم الأشرار الطيبين في سورية، وترحيب أميركا بهذا التحالف يدلّ على نجاح فريق العمل على مشروع «الشرق الأوسط الجديد» بإقناع السعودية ودول أخرى لعمل هذا التحالف الذي جاء بعد حرب فاشلة على اليمن وخسارة الإرهاب الكثير في سورية بعد الضربات الروسية الموجعة.

وبالعودة لتعريف الإرهاب نجد أنّ سورية تتعرّض للإرهاب الدولي المنظم، وكلّ ما يحدث في سورية من جرائم ضدّ الإنسانية وتهجير قسري كما حدث في العراق للكثير من الأقليات يثبت أنّ سورية وجيشها يحاربان الإرهاب الدولي المنظم، ومن يقتل من السوريين ليس من مذهب أو دين واحد إنما شهداء سورية من كلّ المذاهب والأديان، أقلية كانت أم أكثرية، وهذا بحدّ ذاته يثبت أنّ الهدف من دعم ما يُسمّى معارضة سورية وجلبها الى الرياض والطلب منها التوقيع على بيان غير متزن وغير واضح يهدف فقط الى تلميع صورة الجماعات الإرهابية واستخدام هؤلاء الأشخاص والذين أطلق عليهم اسم «معارضة» خطأ في تنفيذ المشروع الأميركي الصهيوني لإعادة رسم خريطة سايكس بيكو من جديد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى