هل السعودية مرشحة لتلقّي المزيد من الهزائم؟

هشام الهبيشان

يجمع ويدرك معظم الفرقاء السياسيين اليمنيين، باستثناء جماعة «الإصلاح» الاخوانية وأنصار الرئيس عبد ربه منصور هادي والمتحالفين مع السعودية، على طبيعة ومسار الحرب العدوانية التي فرضتها السعودية وحلفاؤها على الدولة اليمنية والتي تستهدف اليمن كلّ اليمن، فمعظم صنّاع القرار اليمنيين، على اختلاف توجهاتهم، يعون اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، أنّ اليمن أصبح ساحة مفتوحة لكلّ الاحتمالات التي قد تشمل، بالإضافة الى الحرب الخارجية، حرباً داخلية مدعومة من دول وقوى خارجية، وتتمثل هذه الحرب بسلسلة اغتيالات وتفجيرات وانتشار للجماعات الإرهايية، وخصوصاً أنّ المناخ العام في الداخل اليمني والمرتبط بالأحداث الإقليمية والدولية، بدأ يشير بوضوح الى أنّ اليمن أصبح عبارة عن بلد يقع على فوهة بركان قد تنفجر نيرانه تحت ضغط الخارج لتفجر الإقليم بكامله.

ولكن هنا، وبالتحديد وعند الحديث عن الداخل اليمني، يجب التنويه الى ملاحظة مهمة وخصوصاً بعد مرور ما يزيد على عشرة أشهر من هذه الحرب العدوانية المفروضة على الدولة اليمنية، فهنا يمكننا القول إنّ اليمنيين نجحوا في استيعاب واستقراء طبيعة الحرب السعودية، وهم بالفعل أثبتوا أنهم قادرون على الردّ وما زالوا يعملون ولليوم على بناء وتجهيز إطار عام للردّ على مسار هذه الحرب العدوانية.

اليوم وعلى أرض الواقع ما زال السعوديون يستميتون في معركتهم العدوانية على اليمن، مرتكزين على قاعدة حلفهم «الخليجي»، فهم اليوم ما زالوا يفتحون وبشكل واسع معارك كبرى في الداخل اليمني، وعلى جبهات ومحاور مختلفة، مع أنّ السعوديين يعلمون جيداً ما مدى الخطورة المستقبلية وحجم التداعيات التي ستفرزها هذه المعارك، وبالأحرى يعلمون حجم الإفرازات المباشرة للانغماس السعودي في هذه المعركة، على الداخل السعودي شرقاً وجنوباً، ومع كلّ هذا وذاك قرّر السعوديون أن يخوضوا هذه المغامرة والمقامرة الجديدة، لعلهم يستطيعون أن يحققوا «انتصاراً»، حتى وإنْ كان إعلامياً أو على حساب جثث أطفال ونساء الشعب العربي اليمني، لعلّ هذا الانتصار يعطيهم جرعة أمل بعد سلسلة الهزائم المدوية التي تلقوها في أكثر من ساحة صراع إقليمي.

على الصعيد الدولي والإقليمي، تدرك القوى الإقليمية والدولية أنّ استمرار مغامرة السعوديين الأخيرة على حدودهم الجنوبية وإشعال فتيل حروب وصراعات جديدة في المنطقة، ستكون له تداعيات خطيرة على مستقبل المنطقة واستقرارها الهشّ والمضطرب، فاليوم مسار الحرب العدوانية السعودية على الدولة اليمنية بات يحمل الكثير من المفاجآت الكبرى، حول طبيعة ومسار عدوان السعودية على اليمن، وذلك لأنّ للمعركة أبعاداً مستقبلية ومرحلية، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ مرحلياً بنتائجها المستقبلية، فمسارها يخضع لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلاً، وستكون لنتائج الميدان مستقبلاً الكلمة الفصل، وفق نتائجه المنتظرة، في أيّ حديث مقبل عن تسويات للحرب السعودية على الدولة اليمنية ومعظم الملفات الإقليمية العالقة وتغيير كامل ومطلق في شروط التفاوض، فالمرحلة المقبلة من المؤكد أنها ستحمل الكثير من التكهّنات والتساؤلات حول مستقبل ونتائج كلّ ما يجري في الإقليم بمجموعه.

ختاماً، إنّ مسار الحرب العدوانية السعودية على الدولة اليمنية بعد مرور عشرة أشهر، يقودنا الى طرح سؤال رئيسي يشتقّ من نمطية وتراتبية مسار حروب الدولة السعودية في الإقليم ككلّ، وهي: ما الفائدة التي ستعود على السعودية ونظامها من تداعيات هذه الحرب الشعواء التي تشنّ اليوم على اليمن أو غيره؟ فالنظام السعودي منغمس اليوم في مجموعة أزمات افتعلها في الإقليم، بدءاً من الحرب على الدولة السورية، وليس انتهاء بانغماسه المباشر في حرب اقتصادية سياسية على روسيا وإيران، اليوم النظام السعودي يستطيع تقديم مئات المبرّرات والحجج الواهية لأسباب ومبرّرات حروبه في المنطقة على تعدّد أشكالها، ولكن الواضح اليوم أنّ كلّ الرهانات السعودية على كسب معركة واحدة من هذه المعارك والأزمات المفتعلة باءت بالفشل، فالسعوديون يدركون حقيقة هزيمتهم في ميادين عدة مؤخراً، وخصوصاً في الميدان السوري، والواضح أنهم يسيرون بمسار واضح وهو تلقي المزيد من الهزائم والانتكاسات سياسياً وعسكرياً، والأخطر اقتصادياً ومجتمعياً.

كاتب وناشط سياسي الأردن

hesham.habeshan yhoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى