طاولة «تشخيص مصلحة النظام» تتفق على الحكومة وتُغفل الرئاسة

هتاف دهام

أغفلت طاولة الحوار في جولتها الـ 14 ملف الرئاسة الأولى واتفقت على تفعيل عمل الحكومة، بعدما نال ملف التعيينات العسكرية حصة الأسد من النقاشات في الجلسة التي استغرقت ساعتين ونصف الساعة، وتطرّقت إلى الإجراءات الأميركية وقرار الكونغرس الأخير القاضي بفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع حزب الله.

لم تأت الجلسة الحوارية، التي أرجأها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى 17 شباط المقبل، على الملف الرئاسي، لأنّ الوقائع الرئاسية خارج الجلسة فرضت نفسها بعد لقاءي باريس ومعراب إلى درجة أنه لم يعد للجلسات الحوارية أيّ قيمة رئاسية في المدى المنظور.

لا رئيس في الوقت الحاضر، كما قال رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط عبر «تويتر» في تغريدات متواصلة طيلة جلسة الحوار التي غاب عنها بداعي المرض كحال رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، كذلك تغيّب عن الجلسة النائب ميشال المر.

ويبدو أنّ الفرصة الرئاسية معدومة في الوقت الراهن، والأمور مجمّدة وغير قابلة للحلحلة، ولذلك عزف المتحاورون عن مقاربة هذا الملف، وهو البند الأول على جدول الأعمال، لا سيما أنّ كلّ طرف لا يزال عند موقفه، وهذا ما عبّر عنه رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية عقب انتهاء الجلسة بتأكيده الاستمرار بترشحه لرئاسة الجمهورية، وأنه إذا كان هناك «خطة بـ« فيكون العماد عون «الخطة أ»، وإذا لم يوافق على «الخطة بـ« فلا نعترف بالـ»خطة أ». وسأل: «كيف سينسحب من لديه 70 صوتاً لمصلحة من لديه 40 صوتاً»، وقال للصحافيين عن لقاء معراب «اقرأ تفرح… واكملوا المثل الذي تعرفونه».

حسم فرنجية قراره بالتمسك بترشحه، وحسم دعم كتل الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط والوسطيين والمسيحيين المستقلين له، بتأكيده أنه يحظى بـ 70 صوتاً. أما رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، فغاب عن الجلسة التي لو حضرها لكان لها رونق رئاسي آخر، فهو لم يلتق فرنجية بعد لقاء معراب، وربما كنا قد سمعنا منه تصريحاً رئاسياً يؤكد فيه ضرورة توفر النصاب السياسي لجلسة انتخاب الرئيس الذي يجب أن يحظى بحيثية شعبية تمثيلية، أو ربما لما كنا سمعنا أياً من التصريحين «المردي» و«العوني»، وإنْ اختار فرنجية الجلوس أمس، في الجلسة متوسطاً الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بطرس حرب ما استدعى تعليقاً من رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان «شو مغيّرين القعدة»، فردّ السنيورة «غيرة ولا ضيقة عين»، فقال بري «يبدو أنّ هذه القعدة خطيرة». وكانت سبقت ذلك دردشة لفرنجية مع حردان وأخرى سريعة مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وخلوة على «الواقف» لمدة 20 دقيقة مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل.

قد يكون جنبلاط أكثر من أصاب في توصيف هيئة الحوار، عندما قال إنها أصبحت مثل هيئة تشخيص مصلحة النظام في إيران على قاعدة أنها تحوّلت، كما تقول مصادر نيابية شاركت في الحوار لـ«البناء»، إلى «إطار أعلى لإدارة السياسة اللبنانية، بما فيها المواضيع التي لها علاقة بمجلس الوزراء».

أظهر جنبلاط هذه المؤسسة الحوارية التي كان من أكثر الداعمين لانطلاقتها أنها مفروضة على المتحاورين في غياب المؤسسات الرسمية المعطلة، وإنْ كانت «تغريدته التويترية» قد حملت موقفاً تصعيدياً على غرار مواقف رئيس الحكومة تمام سلام والرئيسين الحريري وفؤاد السنيورة ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد عودة وزير الصحة وائل أبو فاعور من زيارته السعودية.

استهلّ رئيس المجلس النيابي الجلسة بالتذكير بالاتفاق على تفعيل الحكومة. وقال: بحثت الموضوع مع رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل وكان متجاوباً ومتفاهماً على معالجة تعيينات المجلس العسكري. وأعتقد أنّ الموضوع بات محلولاً وهناك إجماع على الكاثوليكي والشيعي وتبقى مشكلة الأرثوذكسي، لكن الأغلبية مع العميد سمير الحاج، ولذلك أتمنى على المشاركين في طاولة الحوار وبالأخصّ الشيخ سامي الجميّل والشيخ بطرس حرب الموافقة، لكي نقلّع في موضوع الحكومة.

الجميّل: لماذا لا نضع معيار الأقدمية ونُنهي هذه المشكلة.

برّي: لقد اعتمدنا المعيار القانوني وأخذنا مجموعة أسماء تقف في المقدّمة وعلينا أن نختار منها.

الجميّل: لا نستطيع المقاربة بين قائد الجيش والمجلس العسكري، قائد الجيش هو مسألة سياسية والمجلس العسكري هو قضية تقنية إدارية تقترحها قيادة الجيش.

بري: أنا أخذت موافقة الأغلبية، وبحثت الموضوع مع وزير الدفاع سمير مقبل، وعلينا أن ننتهي من هذا الأمر.

نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري: الأقدم ليس الأكفأ. هذا الكلام أوجّهه للشيخ سامي، وإلا فإنّ ذلك يلغي التعيينات. وأضاف: دولة الرئيس أنت توجّهت بسؤالك إلى الشيخ سامي والشيخ بطرس، والاثنان ليسا من الطائفة الأرثوذكسية ولم تتوجّه بكلامك إليّ أنا الأرثوذكسي، مع ثنائي على العميد الحاج.

بري: توجّهت إليهما لأنّ سامي لديه ثلاثة وزراء في الحكومة وحرب وزير في هذه الحكومة.

حرب: أنا أرفض تسييس التعيينات العسكرية.

بري: شو منغيّر القانون؟!

السنيورة: سأتحدّث في أربع نقاط:

1 ـ الموقف الذي اتخذته وزارة الخارجية في منظمة المؤتمر الإسلامي، واعتبر أنّ نظرية النأي بالنفس لا تنطبق على الموقف الذي اتخذته وزارة الخارجية. وهذا الموضوع بات يشكل مشكلة على علاقة لبنان الخارجية وبالدول العربية، وهذا الموقف له صلة بتركيبتنا وهويتنا. واعتبر أنّ هذا الموضوع أهمّ من التعيينات، مذكّراً بدولة وقفت إلى جانب صدام حسين جرى إبعاد 1000 شخص من رعاياها من الخليج في يوم واحد.

2 ـ في موضوع الوزير السابق ميشال سماحة، كيف لشخص يرفع صوت أغنية دينية في سيارته يتمّ توقيفه وإلقاء القبض عليه وتعذيبه والحكم عليه 5 سنوات. إذا استمرّت الأمور على هذا النحو فسنرى مئات الأشخاص عند داعش. نحن وقفنا إلى جانب حزب الله عندما صنّف منظمة إرهابية، يجب أن نتحسّس مشاكل بعضنا البعض ونشعر بهموم بعضنا البعض لأنّ ذلك يهدّد التضامن الوطني.

3 ـ تردّي الأوضاع المالية والاقتصادية. إنّ كلّ المؤشرات المالية خطيرة وكلّ التوظيفات في السلطة ميليشياوية وكلّ موظف يفكر كيف يخدم طائفته.

بري: متى كانت الأمور غير ما هي عليه اليوم؟

السنيورة: يتابع في النقطة الثالثة، يجب أن نضع أيدينا ببعض لنضع حداً لهذه الظواهر، فانخفاض أسعار النفط ظاهره نعمة لكن باطنه نقمة. لذلك تجب العودة إلى 5000 ليرة على سعر صفيحة البنزين لتخفيض العجز.

4 ـ العقوبات الأميركية اعتبرها شديدة الخطورة، وأذكر عندما منعني الأميركيون من السفر إلى الولايات المتحدة عندما تبرّعت بـ 500 دولار.

بري: أنت تبرّعت بمليون ليرة واتصلت بي يومذاك لأعملك واسطة مع الأميركيين.

السنيورة: الأمر يحتاج إلى حكمة. أنا أؤيد اقتراحات الرئيس بري في هذا الخصوص، علماً أنه قد لا تكون هناك نتائج، يجب أن نقلل من الكلام الذي يقوم على التهيّج.

بري: أنا أوافق على جزء كبير من الكلام وأؤيده. وفي موضوع سماحة، لا أحد مختلف مع أحد، والحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل الذي عُقد في عين التينة الاثنين تطرّق إلى هذه النقطة، وليس هناك من خلاف حول الموضوع. إنّ الجميع يشهد للقاضي طاني لطوف أنه مثل «القطار» لا يرضخ لأيّ مداخلة، داعياً إلى التعجيل في إصدار الحكم في هذه المسألة.

وبالنسبة إلى عمل مجلس الوزراء، قال بري: إذا بقينا من دون مجلس وزراء فسنقع «على رأسنا شكّ». هناك حاجة إلى انعقاد مجلس الوزراء والى انعقاد جلسات مجلس النواب. ثم تلا بري المعطيات والوقائع التي حصلت معه في إقرار المجلس النيابي للقوانين المالية بما فيها قانون تبييض الأموال الذي تبيّن أنه يقبع في أدراج المجلس منذ ثماني سنوات. ثم قال إنه أرسل رسالة إلى أوباما وكلّف وزير المال علي حسن خليل بالإعداد إلى السفر لواشنطن مع فريق من الخبراء وسيرسل لجنة نيابية من النواب ياسين جابر، روبير فاضل، ألان عون ومحمد قباني أيضاً للغاية نفسها.

الرئيس نجيب ميقاتي: هناك شاب يُدعى طارق مرعي في طرابلس تمّ توقيفه، لأنه كان يحمل خرائط لمداخل ثكنة قوى الأمن الداخلي وحُكم بالسجن 15 عاماً، فماذا نقول للناس في ملف سماحة؟

حردان: هناك تراخٍ من قبل القضاء في ما يتعلق بالعملاء.

السنيورة: لماذا لم تعلن موقفاً في خصوص فايز كرم.

حردان: هذا السؤال لا يوجَّه لي، لأنني قاتلت العملاء. أنا لا أسجل مواقف سياسية بل أدعو إلى حماية الوطن، وبعد هذه الهمروجة التي يتعرّض لها القضاء، أيّ قاضٍ سيكون على استعداد لأخذ أحكام؟ فليوضع هذا الموضوع على طاولة مجلس الوزراء.

السنيورة: الموضوع لا يرتبط بحادثة، بل هناك «ناس بسمنة وناس بزيت».

ميقاتي: هناك معايير مزدوجة في هذا الموضوع.

حردان: أنا أشدّد على ضرورة المعالجة بطريقة ثابتة بحيث لا ينقسم الرأي العام.

النائب أحمد كرامي: القاضي لطوف «قبضاي وآدمي».

حرب: وسياسياً هو أقرب إلى فريق 14 آذار.

بري: أذكر بأنّ ما صدر ليس حكماً.

السنيورة: لكنه مؤشر على طبيعة الحكم.

باسيل قدّم رؤية مطولة رداً على ما قاله السنيورة، وقال: اقتصادياً لا يبدو عرض للتطورات الاقتصادية من زاوية معينة. هناك استثنائية في الميثاقية، ندخل المجلس بسبب تعيين في قيادة الأمن الداخلي، لكن لا مشكلة في مخالفة القانون في تعيينات المجلس العسكري. لا نريد مخالفات لا في قوى الأمن الداخلي ولا في الجيش، مذكراً بأنّ مواقفه جرى تنسيقها مع الرئيس سلام وأنّ الموقف الأخير في المؤتمر الهندي والمؤتمر الإسلامي هي ذاتها. المواقف التي اعتمدتها في جامعة الدول العربية، وأنها تعكس سياسة الحكومة اللبنانية وحيث هناك إدانة للتعرّض للبعثات الدبلوماسية هذا الموقف تبنّيناه، وحيث هناك إدانة للتدخل في الشؤون العربية تبنّينا هذا الأمر، لكن ما يتعلّق بالاصطفاف السياسي أو الأحلاف أو اتخاذ موقف مما يجري في سورية أو اعتبار الذين أعدمتهم السعودية إرهابيّين أو التطرق إلى حزب الله فنحن نأينا بأنفسنا. هناك صراع سعودي ـــ إيراني، سني ـــ شيعي، هل تريدون أن نكون جزءاً من اصطفافه. وهذا الموضوع سيُبحث في مجلس الوزراء.

السنيورة: في المرة الماضية حصل خلط بين القرار والبيان ولقد أخبرتَنا أنّ القرار أتى على ذكر حزب الله، لكن تبيّن أنه لم يأتِ على ذكر حزب الله، لذلك كان عليك أن تصدر قراراً صريحاً في تأييد هذا القرار. نعم، عندما تحصل خلافات ومحاور لا ندخل فيها، لكن أن يكون هناك تضامن عربي فالمشكلة مختلفة، ولا أدري إذا كنت تعرف الخليج، إذا قال أحدهم لك أنت طيب فلا يعني أنه يوافقك الرأي، كما أنّ الكُتّاب الذين يكتبون في الصحافة الخليجية من أنفسهم يُوحى إليهم.

رعد: لا أريد أن أتحدّث في هذه المواضيع، لأنها من خارج جدول الأعمال، لديّ حديث وملاحظات على ما قاله السنيورة وسلام، لكن هذا يناقش في مجلس الوزراء. وقد أشار زميلنا النائب أسعد حردان بما يكفي في ما يتعلق بالنقاط الأخرى.

بري: إنّ التوافق في ما يتعلق بالمجلس العسكري حصل. وقد أبلغني النائب الجميّل موافقته، ويمكن للرئيس سلام أن يُعلن عن التوافق، أما الأمور بالنسبة لمجلس قيادة قوى الأمن الداخلي فهي «ماشية»، وهذا لا يحتاج إلى مجلس وزراء.

سلام: خلال يومين ننتهي من موضوع ترحيل النفايات، والعروض التي تسمعون عنها الآن تأتي من قبل رجال أعمال يفكّرون بالثراء السريع، ولماذا لم تأت هذه العروض من قبل. هذه مزايدات. علينا أن ننتهي خلال أيام ونتفضّى لمعالجة مستدامة لهذه المشكلة.

النائب غازي العريضي: ما طُرح في هذه الجلسة خطير جداً، وكلّ النقاش يفضي إلى نتيجة واحدة هي أنّ الوجع واحد والارتداد السلبي يصيب كلّ اللبنانيين.

وزير السياحة ميشال فرعون: يجب أن نعمل لبلورة موقف واحد منذ الآن في ما يتعلق بموقف الدول الخليجية والمواقف التي تتخذها الخارجية اللبنانية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى