مجازر في غزة… ورعب في تل أبيب… والقاهرة للوساطة

كتب المحرر السياسي

القبة الحديدية تتقدّم على كلّ ما عداها في تقييم حرب غزة، فالعدوان يدخل الأسبوع الثاني باستخدام آلة الدمار غير المحدودة القدرة لهدم البيوت فوق رؤوس الآمنين، وفي ليلة السبت الأحد وحدها كانت الحصيلة قرابة الخمسين شهيداً ومئة وخمسين جريحاً، لكن مستقبل الحرب لا تقرّره الدماء النازفة، بل المعادلات التي تنشئها، دماء غزة قالت وهي تنزف إنّ الصمود قدر والمقاومة خيار، بينما الدماء المنحبسة عن النزف في كيان الاحتلال فقالت: القبة الحديدية فاشلة، والاقتصاد في شلل، وكلّ الكيان تحت نيران المقاومة، والكلام العالي السقوف لا توجد لدى قادة «إسرائيل» القوة التي تجعله قابلاً للتحقيق.

الرعب يسيطر على تل أبيب كلما زعقت صفارات الإنذار، وتساقطت الصواريخ، والمعادلة الجديدة بعد حرب تموز 2006، هي أنّ ما ظنه الأميركيون والإسرائيليون الدواء الشافي للتعامل مع حروب الصواريخ عبر الاستثمار على القبة الحديدية، وكادوا يتورّطون بحرب مع إيران أو سورية أو المقاومة في لبنان استناداً إلى مناورات تجريبها، جاءت الحرب لتقول إنّ المليارات التي أنفقت عليها والرهانات التي انطلقت من تقدير فاعليتها، بلا قيمة.

عادت «إسرائيل» مع حرب صواريخ غزة إلى الكآبة والإحباط اللذين سيطرا عشية نهاية حرب تموز في 14 آب 2006، وعاد المستوى العسكري فيها للتحدث عن الاجتياح البري كاستحالة إذا كان المقصود كلّ قطاع غزة، وليتواضع في تطلعاته لما أسماه ميني اجتياح، ثمّ يكتفي بمشاغبة القشرة الخارجية لغزة، ويقوم بإنزالات وعمليات تقرّب فاشلة في بيت لهيا وبيت حانون.

في نهاية الأسبوع الأول بدأ صنّاع القرار في الكيان يتقبّلون السعي إلى وقف النار وفقاً لسيناريو تفاهم القاهرة 2012، وبدت فصائل المقاومة متمسكة بتفاهم يصحّح الخلل الذي كان وراء العودة إلى مربّع الحرب، فيما القاهرة تتلقى الإشارات من عواصم عربية وغربية للاستعداد لدور الوساطة مرة أخرى.

التعطيل ساري المفعول حتى إشعار آخر

وفي موازاة العدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة، لم تفلح كلّ الأخطار التي تحدق بالبلاد خارجياً وداخلياً من تراجع فريق 14 آذار عن منطق تعطيل المؤسسات من انتخابات رئاسة الجمهورية إلى مجلسي النواب والوزراء، وانتهاء بالقضايا الملحة التي تطاول أكثرية الشعب اللبناني بحياته وأمنه وأموره الحياتية.

«إسرائيل» تستغلّ قصف الصواريخ مجدداً

وبينما يستمرّ التعطيل داخلياً عمد كيان العدو «الإسرائيلي» للمرة الثانية خلال ساعات إلى استغلال إطلاق ثلاثة صواريخ مشبوهة ليل أول من أمس تجاه فلسطين المحتلة، من منطقة رأس العين جنوب صور فقامت بقصف المنطقة وخراج عدد من قرى الناقورة بحوالى 30 قذيفة.

وكان أطلق قبيل منتصف ليل أول من أمس وما بعده ثلاثة صواريخ من منطقة رأس العين جنوب صور باتجاه فلسطين المحتلة، سقطوا بالقرب من مستعمرة نهاريا، وعلى الأثر لجأت قوات الاحتلال «الإسرائيلي» إلى قصف خراج عدد من بلدات منطقة صور، خصوصاً سهل القليلة وأطراف زبقين ومنطقة الضبعة بين طير حرفا وشمع والعزية.

وبعد إطلاق الصواريخ قامت القوى الأمنية اللبنانية بضرب طوق أمني حول المنطقة التي أطلقت منها الصواريخ، وتمكنت ظهر أمس من العثور على منصات حديدية مكان إطلاق الصواريخ في حين نفى عضو القيادة السياسية لحركة حماس في لبنان جهاد طه ما تناقلته وسائل الإعلام عن تبني الحركة إطلاق الصواريخ، مؤكداً أن «العمل العسكري لكتائب القسام محصور داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة». وقال: «إننا نحترم السيادة اللبنانية ونستغرب زجّ كتائب القسام بهذا الأمر».

إحراج للمقاومة

واعتبر مصدر مطلع أن لا قيمة عسكرية لهذه الصواريخ سوى التنفيس عن «إسرائيل»، وأكد أنّ هناك من يحاول إحراج المقاومة في لبنان لاستدراجها إلى تفجير جبهة الجنوب لا سيما أنّ أحد الناشطين في حركة حماس قال إنّ الحلّ في غزة يتوقف على فتح كلّ الجبهات، مشيراً إلى أنّ هذا الاحتمال غير قابل للتحقيق، فالمقاومة تعلم كيف تقاتل ومتى.

إجراءات أمنية تحسّباً لعمليات إرهابية

وفي السياق الأمني، فقد علمت «البناء» من مصادر أمنية أن الأجهزة الأمنية قامت خلال الساعات الماضية بسلسلة إجراءات استثنائية إضافية تحسباً لأي عمليات إرهابية محتملة سواء باتجاه سجن رومية أو باتجاه السعي لخطف عدد من العناصر التابعة لأحد الأجهزة الأمنية، بغية مبادلتها مع الموقوفين المتطرفين في السّجن في ظل استحالة القيام بأي عمل إرهابي ضد سجن رومية.

محاكمة موقوفي عبرا غداً

وأمس عاد الهدوء إلى طرابلس، حيث أعيد فتح كلّ الطرقات عند مستديرة أبو علي ليل السبت – الأحد بعدما أقفلها المعتصمون منذ الأربعاء الماضي للمطالبة بالإفراج عن الموقوفين من باب التبانة، بعد مفاوضات أجراها وزير العدل اللواء أشرف ريفي وعدد من المشايخ لفك الاعتصام، حيث تمنى ريفي على أهالي الموقوفين في طرابلس ألا يكونوا أدوات بيد من يحاول إعادة المدينة الى دائرة العنف والأزمات.

في مقابل ذلك، يحاول الإرهابي أحمد الأسير تحريك ساحة عبرا مع بدء المحكمة العسكرية الدائمة غداً برئاسة العميد الركن الطيار العميد خليل ابراهيم، النظر في ملف أحداث عبرا الموقوف فيه 65 شخصاً تقريباً. وستجرى الجلسة بحضور جميع الموقوفين، وهي مخصصة ستكمال إجراءات التبليغ بالنسبة إلى الملاحقين غيابياً في هذا الملف بينهم الأسير.

وسبقت ذلك إطلالة للأسير في فيديو عبر «يوتيوب»، هاجم فيه تيار المستقبل والرئيس سعد الدين الحريري. وقال: «يجب كشف الأوراق بخاصة عندما تستباح الدماء مثل ما حصل في عبرا ومثلما يحدث في لبنان وسورية بغطاء من بعض التيارات المحسوبة على السنّة والتي تتمثل بتيار المستقبل تحديداً».

… و«المستقبل» لن يُساجل مع الأسير

ورفضت مصادر مقربة من عضو كتلة المستقبل النائبة بهية الحريري التعليق لـ«البناء» على ما قاله الأسير، مكتفية بالقول: «إنّ معالجة ما حصل تستدعي التصرف على قاعدة عدم الردّ والدخول في سجالات معه، فالموضوع حساس ودقيق، ويجب العمل بصمت في ما يتعلق بقضية موقوفي عبرا». وألمحت المصادر إلى إمكانية أن يصدر بيان رسمي عن تيار المستقبل في هذا الصدد.

إطلاق نار باتجاه القوة الأمنية الفلسطينية

وفي عين الحلوة، تعرّضت القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة لإطلاق نار من جانب شبان من آل أبو طربوش على خلفية اعتقال خالد أبو طربوش الذي كان أطلق أعيرة نارية في الهواء على خلفية خلاف مع أشخاص من آل سرحان في منطقة المجمع في بستان القدس، فسارعت القوّة إلى الردّ على مطلقي النار بالرصاص، فلاذوا بالفرار.

من جهة أخرى، أكد السفير السعودي لدى لبنان علي عواض عسيري أنه تمّ تسليم جثمان انتحاري فندق «دي روي» في منطقة الروشة علي ابراهيم الثويني إلى أهله عبر إمارة منطقة القصيم، حيث دُفن الجمعة الماضي. وأوضح عسيري أنّ الانتحاري الثاني المعتقل لدى السلطات اللبنانية عبدالرحمن الشنيفي بصحة جيدة وأنّ السفارة تتابع حالته الصحية وإجراءات محاكمته.

بري: لبنان ليس بمنأى عن المخاطر

وعلى خلفية ما يحصل في لبنان والمنطقة قال رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء أمس: «إن وضع لبنان أفضل من غيره في المنطقة، لكنه لاحظ أنه ليس بمنأى عما يحصل والمخاطر قائمة، ويجب العمل لتفادي أي ارتدادات سلبية لأنّ المخاطر لا تطاول فريقاً أو طائفة بل تطاول كلّ اللبنانيين.

كذلك يكثف الرئيس بري من مشاوراته واتصالاته لعقد جلسة تشريعية يوم الخميس المقبل للبحث في البنود الثلاثة العالقة، سلسلة الرتب والرواتب، ورواتب موظفي القطاع العام وإصدار سندات اليوروبوند.

وأكدت مصادر نيابية في جبهة النضال الوطني الوطني لـ«البناء» أنّ الحوار بين 8 آذار و14 آذار عبر حركة أمل وتيار المستقبل المتمثل بلقاءات الوزير علي حسن خليل مع السيد نادر الحريري تصبّ في خانة تذليل العقد والصعوبات التي تحول دون عقد جلسة لمجلس النواب، لا سيما أنّ هناك ملفات حياتية يجب مناقشتها، وتحتاج إلى إعادة تحريك المؤسسات. ولفتت المصادر إلى أن لا شيء نهائياً، فالاتفاق على سلسلة الرتب والرواتب لم يبصر النور بعد، وتيار المستقبل يبدي استعداده للذهاب إلى الجلسة للبت في الأمور الضرورية كـاليوروبوند.

ما يجري في مجلس الوزراء نوع من المقايضة

في غضون ذلك، أكد وزير البيئة محمد المشنوق لـ«البناء» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام لن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء إلا في حال التوافق حول القضايا المطروحة، فالمجلس ينعقد بصيغة التوافق، وإذا لم يحصل التفاهم بين الكتل السياسية حول البنود الخلافية فلن تعقد الجلسة، لا سيما أنّ عدم الاتفاق على ملفي التفرّغ والعمداء سينعكس عدم اتفاق على بنود أخرى كالتعيينات والتوظيفات، لأن ما يجري هو نوع من المقايضة غير الصحيحة.

وإذ توقع أن تنشط الاتصالات مطلع هذا الأسبوع، أكد المشنوق أنّ العقدة هي عند الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يعتبر أنّ الدكتور بيار يارد يجب أن يبقى في منصبه في كلية الطب.

لا حلحلة في ملف الجامعة إلا ببقاء يارد عميداً لكلية الطب

وأكد النائب علاء الدين ترو لـ«البناء» أنّ موقف الحزب التقدمي الاشتراكي في ما يتعلق بالعميد يارد لما يتمتع به من كفاءة هو مبدئي. وقال: «يارد عميد بالوكالة لماذا لا يتمّ تثبيته مثل العمداء الذين سيتمّ تعيينهم، وعندما تنتهي ولايته بعد 11 شهراً يتمّ تعيين آخر مكانه». ورأى أن لا حلحلة في ملف الجامعة إلا عند الاتفاق على بقاء الدكتور يارد عميداً لكلية الطب.

هيئة التنسيق في ضيافة جنبلاط اليوم

في موازاة ذلك، تتابع هيئة التنسيق النقابية جولتها على رؤساء الكتل السياسية، وتلتقي اليوم عصراً رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط في كليمنصو بعدما زارت رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون أول من أمس، ورئيس المجلس النيابي الأسبوع الفائت، على أن تلتقي رئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة في الأيام القليلة المقبلة.

… وتعتصم الأربعاء

وقال نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض لـ«البناء» إنّ الهيئة «ستنفذ الأربعاء المقبل عند الحادية عشرة صباحاً اعتصاماً أمام وزارة التربية»، لافتاً إلى أن «الانتهاء من الاعتصامات والذهاب إلى تصحيح الامتحانات يتطلب تحقيق مطالب المعلمين». وشدد على أنّ «إقرار السلسلة من شأنه أن يساهم في تحقيق أمان داخلي».

وأشار محفوض إلى أن قيام الهيئة بجولة على المسؤولين كان بناء على طلب وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب لمساعدته في حلّ ملف السلسلة، لافتاً إلى أنّ هيئة التنسيق «لن تتنازل عن أيّ حق من حقوقها التي كان من المفترض أن تأخذها منذ ثلاث سنوات». وإذ اعتبر أنّ وزير التربية لا يتحمّل مسؤولية عدم إقرار السلسلة، أشار محفوض إلى أنّ «مخاطبته ليخاطب هو السياسيين باعتباره الوزير المعني بالملف لا الوزير المسؤول عن التقاعس في الوصول إلى حلّ للملف».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى