«عندما تُقتل المرأة مرّتين»… محاضرة لميرنا قرعوني في «اللبنانية» ـ صيدا

ضمن مؤتمر «العنف ضدّ المرأة… قراءة وانعكاسات» الذي تنظّمه كلّية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية ـ صيدا، والذي تخلّله محاضرات عدّة، إضافة إلى عرض أفلام وتنظيم معرض صور من إعداد طلاب الجامعة، قدّمت نائب رئيس جمعية «قل لا للعنف»، الإعلامية والناشطة الاجتماعية ميرنا قرعوني محتضرة بعنوان: «عندما تُقتل المرأة مرّتين».

ومما جاء في المحاضرة التي حضرها عدد كبير من الطلاب وأساتذتهم:

رلى يعقوب مواليد عام 1982 مكان السكن حلبا ـ عكار، أمّ لخمس بنات بينهن واحدة رضي، توفيت على يد زوجها بعد ضربها بشكل مبرح.

منال العاصي 33 سنة ، أمّ لفتاتين، مكان السكان طريق الجديدة ـ بيروت، فارقت الحياة بعد ساعات من ضربها وسحلها وحرقها من قبل زوجها على مرأى أربعة من أفراد عائلتها ومسمعهم.

مارغريت طنّوس 47 سنة ، لبنانية من سكان أستراليا، أمّ لولدين، توفيت على يد زوجها بعد ضربها بشكل وحشيّ.

كريستيل أبو شقرا من سكان بيروت 30 سنة ، قُتلت مسمومة بالديمول على يد زوجها، تاركة طفلها ابن السنوات الخمس.

رقيّة أسعد منذر 24 سنة ، أمّ لطفلين وحامل، من سكان منطقة برج البراجنة في ضاحية بيروت، قتلت على يد زوجها برصاصة في صدرها بعد ضرب مبرح لأنها طلبت الطلاق، احتجاجاً على ضربها المتكرّر أمام أطفالها.

مَن منّا لم يسمع بقصّة واحدة على الأقل عن امراة تتعرّض للعنف، فما حصل مع رلى ورقية وكريستيل ومنال ومارغريت، يجري يومياً خلف الكثير من الأبواب المغلقة، سواء في لبنان أو في الدول العربية كافة، نساء يصمتن عمّا يتعرضن له من عنف ومذلة وقهر وظلم.

التكتم سمة مشتركة بين عددٍ من المعنفات، لأسباب عدّة منها الخوف من المزيد من العنف، والخوف من نظرة المجتمع، وكذلك الخوف من هدم الأسرة، إذاً هو «الخوف»… السمة المشتركة لهذا الصمت المميت.

إضافة إلى الخوف، ثمة شريك آخر يطلب من المرأة السكوت، ويتمثل في البنية الثقافية والاجتماعية، التي تطلب من المرأة التستر على ما تتعرّض له من تهميش عاطفيّ وجسديّ، وانتهاكٍ لكرامتها كإنسان من خلال إقناعها بأنه من المعيب فضح «أسرار بيتها» أو أن لزوجها هذا «الحق» الحصري.

وعن تعريف العنف ضدّ المرأة قالت قرعوني: «العنف ضدّ المرأة مصطلح يستخدم عموماً للإشارة إلى أيّ أفعال عنيفة تمارَس عمداً أو استثنائياً على النساء. فيما عرّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة «العنف ضدّ النساء» بأنه أيّ اعتداء ضدّ المرأة، ومبنيّ على أساس الجنس، والذي يتسبّب بإيذاء أو ألم جسديّ، جنسي أو نفسيّ لدى المرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحرّيات، سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة.

وبحسب الاعلان العالمي لمناهضة كلّ أشكال العنف ضدّ المرأة الصادر عام 1993، فإنّ هذا العنف قد يرتكبه مهاجمون من كلا الجنسين أو أعضاء في الأسرة أو العائلة أو حتى الدولة ذاتها. وتعمل حكومات ومنظمات حول العالم من أجل مكافحة العنف ضد النساء، وذلك عبر مجموعة مختلفة من البرامج منها قرار أممي ينصّ على اتخاذ يوم 25 تشرين الثاني من كل عام، يوماً عالمياً للقضاء على العنف ضدّ النساء».

وعن أشكال العنف ضدّ المرأة قالت قرعوني: «يندرج تحت أشكال العنف الموجّه ضدّ المرأة عدد كبير ومتنوّع من الأفعال، التي تبدأ من فعل بسيط، لتنتهي في بعض الاحيان بالقضاء على حياة المرأة .

ومن هذه الأفعال: العنف الجسدي الذي يتمثل باستخدام القوة الجسدية عمداً بهدف إلحاق الإساءة والألم والأذيّة كنوع من العقاب وهو أكثر أنماط العنف شيوعاً، وغالباً ما تكون ضحاياه من النساء والأطفال داخل الأسرة، ومن الأمثلة على أشكال العنف الجسدي: الضرب بالأيدي أو استخدام بعض الأدوات الحادة، الصفع، الركل، الحرق أو الكي بالنار، رفسات بالرجل، خنق،…. إلخ، وصولاً إلى القتل .

العنف النفسي ، ويتجلّى في التقليل من أهمية المرأة ودورها من خلال السبّ والشتم والتهميش، والهجر والإهمال، والترهيب والتخويف، إضافة إلى الصوت المرتفع وتكسير أشياء وتحطيم بعض أغراض البيت كذلك فرض الآراء على الآخرين بالقوة.

العنف الجنسي، وهو أيّ فعل أو قول يمسّ كرامة المرأة ويخدش خصوصية جسدها، من تعليقات جنسية سواء في الشارع أو عبر الهاتف، أو من خلال محاولة لمس أي عضو من أعضاء جسدها من دون رغبة منها بذلك، أو إجبار المرأة على القيام بأعمال جنسية وإجبار النساء على ممارسة الدعارة، والتحرّش الجنسي في أماكن العمل أو داخل الأسرة.

العنف الاقتصادي، ويتمثل بيممارسة ضغوط اقتصادية على المرأة مثل منعها من العمل أو إجبارها على العمل، وأيضاً السيطرة على أملاكها وحقها في الإرث والسيطرة على راتبها الشهري أو حرمانها من المال أو ابتزازها مالياً لإخضاعها.

العنف السياسي، وهو عنف تمارسه السلطة الحاكمة أو الأحزاب السياسية ضدّ المرأة مثل حرمانها من التصويت وتغييب دورها السياسي أو تهميشه قصداً، لتكون السيادة في المناصب العليا في الدولة أو الحزب أو المؤسسة للرجل.

العنف الاجتماعي، ويتمثل في فرض مجموعة من القيم والتقاليد والأعراف التي تحدّ من حرية المرأة وكرامتها واستقلاليتها.

أما العنف الثقافي، فهو عنف مستند إلى الموروث الثقافي التاريخي عبر المقولات والأمثال الشعبية التي تعزّز الذكورية والتسلط على المرأة، ويعتبر العالم العربي من أكثر المجتمعات ممارسة لذلك النوع من العنف بسبب التمسك بالثقافة الشعبية النمطية.

العنف القانوني، وهو عبارة عن بنود ومواد في نصوص القوانين تدفع بإجراءات قانونية، على قاعدة التمييز عند التطبيق بين المرأة والرجل. و يظهر في اختلاف القوانين بين المرأة والرجل، في ما يتعلق بالخيانة الزوجية وحق رعاية الطفل أي قانون الحضانة بعد الطلاق، وقوانين تتعلق بأحقية المرأة بالحركة والتنقل بشكل حر.

وفي سبيل الحدّ من العنف، اعتبرت قرعوني أنّ محاربة العنف ـ كحالة إنسانية وظاهرة اجتماعية ـ عملية تحتاج إلى تضافر جهود مكوّنات المجتمع، بدءاً من التربية والتعليم والتنشئة المدنية في المدارس والجامعات، وصولاً إلى سنّ التشريعات والقوانين التي تحقق المساوة في الحقوق والواجبات وتحارب التمييز والعنف.

وإذ ركّزت على أهمية التنمية الشاملة والتمكين الإقتصادي في المجتمع، والتوعية النّسوية خصوصاً في الأرياف وفي صفوف الفئات الاجتماعية المسحوقة والمهمشة، والمهام التي تقع على عاتق مؤسسات الإعلام، والاستراتيجيات والبرامج الوقائية والعلاجية، ودور الجمعيات الأهلية، اختتمت قرعوني محاضرتها قائلةً: «المطلوب، وعي خطورة النظرة الاجتماعية إلى المرأة، والعمل على تغيير هذه النظرة، وعدم السكوت عن أيّ انتهاك تتعرّض له أيّ امرأة كي لا نقتل المرأة مرتين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى