أولى

فشل النسخة اللبنانية
من خطة اقتحام البرلمان الجورجي…

 محمد صادق الحسيني

لبنان ليس صربيا، أيها الحمقى. ‏لبنان ليس الشيشان ولا جورجيا. ‏لبنان لن يكون إلا كما يريده الذين حرّروه بالدم

من الصهاينة والتكفيريين. ‏هذه ليست شعارات ولا غنّية لبنانية، هذه سنّة كونيةوإرادة إلهية، ولا خوف على لبنان من شرذمة من الأرذال والأوباش،من زعران السفارات والقناصل الأجنبية، قلعتنا تختلف كلياً عن القلعة الجورجية

والتاريخ لا يُعيد نفسه إلا بشكل كوميدي!

1 ـ حكم آخر وزير خارجيه سوفياتي، الجورجي الأصل ادوارد شيفارنادزه، جورجيا من عام 1992 وحتى عام 2003، حيث أطاحت به عصابات منظمة، بقيادة الأميركي الجورجي الأصل، شيكاسفيلي الذي أصبح في ما بعد رئيساً لجورجيا، ثم مطلوباً للعدالة الدولية بتهم إجرامية.

2 ـ شهدت جمهورية جورجيا، في عهد الرئيس شيفارنادزه، نوعاً من القواعد الديموقراطية، الا أنها تحوّلت، شيئاً فشيئاً، الى مزرعة للفساد والنهب والسرقه، من قبل مجموعات مقربة من الرئيس، الأمر الذي خلق غضباً شعبياً عارماً شكل أرضية خصبة للاستراتيجيين الأميركيين الذين حلموا دائماً بالاستيلاء على هذه الجمهوريه القوقازية الاستراتيجية الواقعة على سواحل البحر الأسود الشرقية.

3 ـ وفِي ظل هذا النظام الفاسد، الذي نهب القروض، التي قدمها البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وغيرهما، وانطلاقاً من توفر الظروف، لتحقيق الهدف الأميركي المشار اليه أعلاه، قامت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية بتأسيس منظمة شبابية محلية أطلق عليها اسم : Kmara باللغة الجورجية / كفاية أو كفى بالعربية.

4 ـ تم تأسيس هذه المنظمة في شهر نيسان 2004، كنسخة جورجية عن منظمة أوتبور Otpor الصربية، التي أطاحت بالرئيس الصربي الشرعي، سلوبودان ميلوسوفيتش سنة 2000. وقد بدأت حركة كمارا Kmara الجورجية بتشكيل قاعدة شعبية لشيكاسفيلي، الذي كان قد تمّ تأهيله، لسنوات عدة في جامعتي كولومبيا وجورج واشنطن في الولايات المتحده، منتصف تسعينيات القرن الماضي.

5 ـ استخدمت هذه المنظمة التكتيكات نفسها التي تستخدم في لبنان حالياً، بدءاً بالمطالبة بمحاربة الفساد مروراً بالدعوة لإسقاط الحكومة ووصولاً الى مطلب الاستيلاء على السلطة بالكامل.

6 ـ وفِي ظلّ حالة من الفوضى العامة، التي كانت تجتاح البلاد وتديرها الولايات المتحدة، من خلال شيكاسفيلي ومنظمة كمارا، جرت انتخابات تشريعية في البلاد يوم 2/11/2003. ولكن شيكاسفيلي ومنظمة كمارا اعتبرا أنها مزورة واطلقوا موجة من الاحتجاجات العارمة ضد الحكومة وضد الرئيس ادوارد شيفارنادزه.

7 ـ توّجت هذه الاحتجاجات يوم 22/11/2003 باقتحام المحتجين لمبنى البرلمان، خلال عقد الجلسة الاولى له، والاستيلاء على المبنى وإعلان إلغاء الانتخابات ونتائجها، مما دفع بالحكومة الروسية للدخول في وساطة بين المعارضة الجورجية، بزعامة شيكاسفيلي، والرئيس شيفارنادزه، حيث وصل وزير الخارجية الروسي آنذاك، ايغور ايفانوف، الى تبيليسي، بتاريخ 23/11/2003، وعقد جلسة مفاوضات بين شيفارنادزه وشيكاسفيلي انتهت بإعلان شيفارنادزه استقالته واستيلاء شيكاسفيلي على السلطة.

8 ـ أما الفارق بين الحالة الجورجية والحالة اللبنانية فتتمثل اولاً في طبيعة شخصية الرئيس اللبناني وذلك الجورجي ومن ثم في طبيعة القوى أو القاعدة الشعبية التي تؤيد الرئيس اللبناني. إضافة الى وجود مقاومة لبنانية قوية وعنيدة ولها عمق كبير في بنية الشعب اللبناني إضافة إلى وجود جبهة حليفة لها منتخبة ديموقراطياً ولديها أغلبية في البرلمان اللبناني.

كما أن للظروف الموضوعية المحيطة بالحالتين أثراً عميقاً في تحديد نتائج الصراع. اذ ان موازين القوى الإقليمية والدولية كانت خلال تلك الحقبة تميل في الواقع لصالح الولايات المتحده وعملائها بينما واقع حال المرحلة الحاليّة مختلف تماماً. فهناك تغير جوهري في موازين القوى جعل الولايات المتحدة وعملائها في الدرك الأسفل من سلم القوة والاقتدار مما جعلهم يفشلون في إحداث حالة صدمة وانهيار في بنية الدولة اللبنانية، عند بداية حركة الفوضى قبل نحو شهرين، وفي الساعات الأخيرة تسجيل فشلٍ مدوٍ آخر، ليلة 15/12/2019، حيث أخفقت القوى التي تديرها غرفة عمليات السفارة الأميركية في بيروت والموساد الإسرائيلي، في اقتحام البرلمان اللبناني والاستيلاء عليه وإعلان سقوط درة التاج في النظام البرلماني اللبناني بيدهم كما كانوا يخططون!

فترة السماح باللعب في حواشي أمن القلعة من الداخل تقترب من النهاية، ما يجعل فريق السفارات والقناصل الأجنبية مكشوف الظهر نظراً لاقتراب ساعة تداخل وتشابك إقليمي ودولي في المحلي اللبناني مما يفتح المجال واسعاً لخيارات حلف جبهة المقاومة باللجوء الى سياسات اكثر حزماً وأكثر ردعاً بوجه بقايا زمرة خاطفي الحراك اللبناني والمرجفين في المدينة من منظري الثورات الملوّنة!بعدناطيبين،قولواالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى