اقتصاد

أزمات اقتصادية واجهت دولاً عدة في العالم

أصيبت دول عدة هذا العام بأزمات اقتصادية تسببت في بعضها باندلاع احتجاجات كبيرة وعنيفة ضد الأوضاع المتردية خلال 2019 وتقاعس الحكومات عن معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية.

ففي فرنسا استمرّت حركة «السترات الصفر» في هذا العام، حيث شرع ناشطون في جمع التوقيعات احتجاجًا على غلاء المعيشة وزيادة الضريبة على الوقود، ورفع المحتجون شعارات مناوئة للرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته في حركة استباقية لحزمة الإصلاحات التي أعلنها على ضوء «الحوار الوطني الشامل».

وفي هونغ كونغ أشعلت عوامل التنمية الاقتصادية غير المتوازنة، واللامساواة الشاسعة، وتقاعس الحكومة عن معالجة قضية الاقتصاد، غضب الشعب وفجرت احتجاجات واسعة. أدّت التنمية الاقتصادية غير المتوازنة في السنوات الأخيرة إلى تفاوت هائل في الدخل في هونغ كونغ. وبينما تتناقص الوظائف ذات الأجور المرتفعة في هذه الصناعات، تتزايد مصاعب الحياة اليومية على الناس أكثر فأكثر.

ودخلت إيطاليا هذا العام في أزمة اقتصادية كبيرة، حيث إن مديونيتها تتجاوز قدرتها الفعلية على السداد، والقطاع المصرفي في حالة يرثى لها، والضغط شبه اليومي على المنظومة المصرفية الإيطالية في تصاعد، بطريقة بات المختصون يخشون من أن يستيقظ المجتمع الدولي يومًا ما على أصداء انهيار أحد البنوك الإيطالية، لتكون تلك هي طلقة البداية لمسار طويل من الانحدار وانهيار الاقتصاد الإيطالي والأوروبي والعالمي.

وبلغ إجمالي الدين العام الإيطالي حاليًا 2.7 تريليون دولار، وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 132.2 في المئة، ويُتوقع أن ترتفع تلك النسبة إلى 135 في المئة العام المقبل، لتصبح إيطاليا بذلك رابع دولة مدينة في العالم، بعد الولايات المتحدة واليابان والصين، والأعلى بالطبع في منطقة اليورو.

وزادت العقوبات الأميركية الصارمة على الاقتصاد الإيراني، والتي وصفت بـ «الأشد على الإطلاق»، من معدل التضخم بأسعار السلع المستوردة إلى نحو 150 في المئة. وبعد أن تم تداول الريال الإيراني بسعر 32 ألفًا مقابل الدولار الواحد في وقت الاتفاق النووي لعام 2015، تخطّى الريال هذا العام 140 ألف مقابل الدولار الواحد، وفقد الكثيرون مدخراتهم.

وازدادت حدة الأزمة الاقتصادية في تركيا خلال عام 2019، خصوصًا مع اتساع عجز الميزان التجاري، وارتفاع تكلفة واردات الطاقة بعد قرار الولايات المتحدة بإلغاء الإعفاءات الممنوحة لتركيا بمواصلة شراء النفط الإيراني إضافة إلى تدهور قيمة العملة المحلية، وصعود معدلات التضخم.

تضررت البنوك التركية بشدة من ارتفاع حجم الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها، وطلبت العديد من الشركات المدنية إعادة جدولة ديونها. كما أدى التراجع الملحوظ للاقتصاد التركي إلى إثارة شكوك ومخاوف المستثمرين، مع توجّه تركيا نحو فرض ضريبة 0.1 في المئة على تعاملات العملات الأجنبية في خطوة ربما تزيد من إيراداتها.

ودخل الاقتصاد الأرجنتيني هذا العام في أزمة عميقة وسط ارتفاع ملحوظ في معدل التضخم، وزيادة كبيرة في معدل الفقر بين المواطنين بلغت 33 في المئة من إجمالي عدد سكان البلاد المقدر بـ45 مليون نسمة، وارتفاع الديون إلى 325 مليار دولار.

وشهد البيزو الأرجنتيني هبوطًا حادًا، تزامن مع إشارة وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني إلى إنها تتوقع أن ينكمش اقتصاد الأرجنتين بنسبة 2.5 في المئة في 2019، انخفاضًا من تقدير سابق بلغ 1.7 في المئة. مضيفة أنها تتوقع أن يرتفع الدين الحكومي للأرجنتين بنحو 95 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2019.

أما البرازيل فشهدت موجة واسعة النطاق من الاحتجاجات الشعبية، اعتراضًا على إصلاح نظام المعاشات التقاعدية. وانكمش أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية بنسبة 0.2 في المئة في الربع الأول من عام 2019، وخفض البنك المركزي البرازيلي أسعار الفائدة، في ما تقوم حكومة الرئيس جايير بولسونارو بتقديم مدفوعات نقدية للعمال في محاولة لتحفيز النمو.

وواجهت المكسيك خلال عام 2019 مشكلة اقتصادية مرشحة للتفاقم بعد أن انكمش الاقتصاد أشهر عدة على التوالي، ما عكس تأرجحه على حافة الركود في ظل ضغوط أميركية على الحكومة المكسيكية بسبب أزمة الجدار الحدودي بين البلدين.

خفض الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الإنفاق الحكومي وتوقفت الشركات عن الاستثمار خوفًا من مخاطر الحرب التجارية، كما أُلغيت خطط العديد من المشروعات القومية، بينها تشييد مطار جديد بقيمة 13 مليار دولار، إلا أن تلك الإجراءات لم تكن كافية، حيث يواصل الإنتاج الصناعي تراجعه وسط انخفاض إنتاج البترول الخام، وتراجع ثقة المستهلك.

أظهرت بيانات النصف الأول من عام 2019 أن نشاط البناء يقف عند أدنى مستوى في 13 عامًا، كما أن معدل تدشين الوظائف انخفض بنسبة 39 في المئة في الفترة نفسها.وفي تشيلي اندلعت الأزمة الأخيرة رفضاً لعدم المساواة الاقتصادية الشديدة، فضلاً عن النظام التعليمي والرعاية الصحية باهظة الثمن، مقارنة بالمعاشات التي يراها الكثيرون غير كافية. وانفجر الغضب الاجتماعي في تشيلي وتجسّد بتظاهرات عنيفة وعمليات نهب، بعد إعلان زيادة نسبتها 3,75 في المئة على رسوم مترو سانتياغو. واتسعت الحركة التي يتّسم المشاركون فيها بالتنوّع ولا قادة واضحين لها، يُغذيها الاستياء من الوضع الاجتماعي والتفاوت في هذا البلد الذين يضمّ 18 مليون نسمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى