الوطن

اليمن على مقربة من الانتصار في جهاديّته الخامسة؟

} د. وفيق إبراهيم

تدخل الحرب السعوديةالإماراتية عامها الخامس وسط ارتباك المعتدين المهاجمين وصمود يمني يستعد للانتقال الى مرحلة شن هجمات برية وجوية وبحرية على أهداف متنوعة في مساحات تتعدّى 2 مليون كيلومتر مربع وتشمل المساحات السعودية والإماراتية ومياهها البحرية الملاصقة.

هذا ليس من فنون المبالغة للتحشيد الآتي بقدر ما يعكس نجاح اليمن المحاصر في تصنيع صواريخ مجنّحة وطائرات استطلاع وأخرى مسيّرة وقدر كبير من مختلف الاسلحة، أثارت دهشة المتابعين الذين وضعوا احتمالين اثنين: أولهما يتساءل كيف تسنى لهؤلاء اليمنيين تهريب هذا القدر الكبير من سلاح متطوّر وبلادهم محاصرة بحراً من أساطيل أميركية سعودية وإسرائيلية وجواً من الأقمار الصناعية الأميركية والرادارات السعودية، إضافة الى الأمن العماني وجيوش المرتزقة في مناطق عدن والوسط والقوات السعودية في الجزء المقابل لصعدة.

عند استبعاد هذا السؤال ينبثق تساؤل آخر يتعلق بالوسيلة التي استطاع اليمنيون المحاصرون ان يبتكروا هذه الأنواع من الاسلحة التي لها المقدرة على ترجيح كفة الحرب لمصلحة مستخدميها ومصنعيها.

يصمت السعوديون بحياء المصفوع على قفاه الذي يجد نفسه بين أميركيين يعدونه بالنصر على اليمن وإيران وسورية والعراق، مبتزين منه كل انواع الأموال الى الصفقات ولا يفعلون شيئاً حاسماً وحتى عادياً، حتى أنهم ذهبوا متوغلين في ابتزاز جديد، وذلك بتوقيع عقد اميركي مع السعودية لتصنيع صواريخ اميركية مضادة للصواريخ على أراضي المملكة بين 2020 و2030 ففرح ولي العهد محمد بن سلمان معتبراً انها فرصة لتوفير عمل لنحو 40 الف سعودي دفعة واحدة.

إن هذه الصفقة تعكس حاجة آل سعود لاستمرار الحماية الأميركية التاريخية التي تمددها هذه الصفقة عشر سنوات جديدة وتؤمن للأميركيين مزيداً من الفرص لابتزاز السعوديين ما يحقق حاجات البلدين في صفقة واحدة، خصوصاً أن حرب اليمن التي تذهب نحو هزيمة سعودية عميقة قد تؤدي الى تداعيات داخلية في المملكة وتهز استقرارها المدعوم خارجياً.

اليمن إذاً يدخل سنته الخامسة في صدّ أعنف عدوان متواصل يريد الاستحواذ عليه لهدفين: الأول أميركي على علاقة بالهيمنة الجيوبوليتيكية التي تعتبر اليمن ممراً لعشرين في المئة من تجارة العالم من خلال سيطرته على باب المندب الذي يشكل رابطاً بين مضيق هرمز وبحر عدن وقناة السويس عبر البحر الأحمر.

كما أن اليمن المتحالف مع سورية وإيران غير مقبول أميركياً وسعودياً لأنه يوسّع من وظائف حلف المقاومة من فلسطين المحتلة وسورية والعراق وإيران الى اليمن، وبالتالي شبه الجزيرة العربية أهم منطقة جيوبوليتيكية للأميركيين وكنزهم من الغاز والنفط.

ضمن هذا الاهتمام الأميركي السعودي يمكن فهم أسباب الحرب على اليمن ودواعيها، فهناك إصرار من المعتدين على إجهاض أي تكون لدور عربي لليمن في جواره المباشر، وهو طبيعي لبلد يستحق وسام الشجاعة والشرف في حرب الأربع السنوات التي أبلى فيها بلاءً حسناً، ولولا الدعم العسكري الأميركي والسياسي والاوروبي والصمت البراجماتيكي من روسيا والصين لكانت السعودية في وضع مخنوق.

بأي حال تجاوز اليمنيون هذه الاصطفافات بصلابتهم متوقعين انفجارها لتصاعد القتال على الغاز على جبهة البحر المتوسط بين المحاور الأميركية التركية الإسرائيلية اليونانية القبرصية الليبية الأوروبية والروسية.

كما أن المناورات العسكرية البحرية المشتركة بين روسيا والصين وإيران تستهدف الهيمنة الأميركية على مناطق البحر الهندي اليمن والخليج.

ضمن هذه المعطيات الاستراتيجية المترابطة مع صعود اليمنيين وتمكّنهم من صناعة أدوات حرب تخرج من الفضاء اليمني لتحارب في الفضاءات السعودية والإماراتية وأراضيهما ومياههما. فهذا يعني امتلاك التحالف بين الجيش اليمني وأنصار الله قوة هجومية كبيرة لم تعد تكتفي بالضرب والعودة، بل اصبح بمقدورها تنظيم ضربات طويلة قد تصبح اجتياحات حسب الحاجات العسكرية.

لكن الشيء الأكيد ان القوة اليمنية الجديدة اصبحت متمكنة من إلحاق تدمير كبير بالاقتصادين النفطيين في السعودية والامارات، فتصبح الأهداف في هذين البلدين تحت مرمى المسيرات والصواريخ بشكل يومي لا تكتفي بـ»أرامكو» واحدة.

وهذا الجانب يُصيب يومياً الإنتاج الوحيد الذي يؤمن الرفاه لآل سعود وزايد وعلاقتهما بالاقتصاد الغربي، كما أن الأهداف العسكرية في هذين البلدين تصبح بمرمى المسيرات والصواريخ اليمنية بشكل شبه يومي وليس موسمياً. هناك إذاً تطوّر بنيوي في السنة الخامسة للحرب على اليمن وأساسها نجاح اليمنيين في تصنيع سلاح ينقل قواتهم المسلحة من الدفاع الى الهجوم على أهداف داخل القسم المحتل من اليمن بتمكن أكبر، منتقلاً الى تنظيم هجمات في الداخلين السعودي والإماراتي، وهذا تغيير قد يؤدي الى استسلام سريع للمعتدين، دافعاً أحزاب جنوبي اليمن الى الانفتاح بجرأة على القسم الشمالي، الأمر الذي يؤدي الى تراجع الإمارات والسعودية عن إنشاء كانتونات في الجنوب، كما يخططون.

اليمن الى أين؟ ربما يجب قلب السؤال ليصبح: السعودية والإمارات الى اين؟

لا شك في أن معارك المسيّرات والصواريخ ذاهبة لتشجيع النظامين في السعودية والامارات على الفرار من المعركة الاميركية الاسرائيلية على اليمن، وإلا فإن مصيري دولتيهما متموضع على زلزال يمني صاعق.وهذايؤكدأنجهاديةالسنةالخامسةلليمنيينتتجهلصناعةإنتاجسياسياستراتيجييحرراليمن،مطلقاًآثارهالتحرريةعلىكلجزيرةالعرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى