الوطن

دماء سليماني تجدّد شعلة الثورة الإيرانية… والثمن طرد قوات الاحتلال الأميركية

} حسن حردان

دماء الشهيد المقاوم القائد الفريق قاسم سليماني، المقدام في ميادين القتال ضدّ المحتلين والمستعمرين الصهاينة والأميركيين وأدواتهم الإرهابية، أعادت تجديد شعلة الثورة الإسلامية التحررية في الجمهورية الإسلامية الايرانية، وكأنها في بدايات أيام انتصارها المظفر على نظام الشاه، فمشهد ملايين الإيرانيين الذين نزلوا الى ساحات المدن الإيرانية، لا سيما في العاصمة طهران، لم يسبق ان شهدته من قبل إلا عندما وطأت أقدام قائد الثورة الإمام الراحل الخميني أرض مطار طهران على اثر انتصار الثورة، وكذلك يوم تشييع الإمام الخميني.. هذا يدلل على مكانة وموقع الشهيد سليماني في قلوب أبناء الشعب الإيراني، وهي مكانة لا يحصل عليها إلا القلة من القادة الذين قدّموا النموذج والقدوة في العطاء والتضحية المجانية في سبيل نصرة الحق والمستضعفين ومقاومة الاحتلال والاستعمار وتحقيق حلم ومبادئ الثورة بإبداع وأمانة، وهو ما قضى (الشهيد) حياته كلها جندياً فيها، ترعرع منذ كان شاباً في صفوف الثورة، ثم مقاتلاً دفاعاً عنها، وبعد ذلك في حرسها لحماية إنجازاتها حتى أصبح أحد أبرز قيادته وقائد فرقة القدس، تعبيراً عن التزام ثورة المستضعفين بالكفاح والنضال لتحريرها من رجس المحتلين الصهاينة، وأخيراً مقاوماً في ساحات القتال الى جانب المقاومين في العراق ولبنان وسورية وفلسطين واليمن يشدّ أزرهم ويقدّم لهم الدعم، بل ومشاركاً إلى جانب القادة المقاومين في التخطيط وقيادة المعارك التي ألحقت الهزيمة تلو الهزيمة بالعدو الصهيوني في لبنان، وبالعدو الإرهابي التكفيري في سورية والعراق، الى جانب نجاحه في إيصال السلاح وتقنية صناعته إلى المقاومين في قطاع غزة واليمن، مما أحبط أهداف ومخططات الأعداء، وأضعف من قوّتهم ونفوذهم، حتى اعترف قادة العدو الصهيوني بأنّ الشهيد سليماني نجح في تطويق كيان الاحتلال بالصواريخ، وهو ما أسهم في ردع العدوانية الصهيونية، وجعل قوة الجيش الإسرائيلي تتآكل، وتصبح في حالة عجز، وعدم قدرة على حماية الجبهة الداخلية للكيان، وأدخل قادة وجنرالات العدو في مرحلة عدم اليقين في القدرة على تحقيق النصر في ايّ حرب يقدمون عليها.. وكانت النتيجة ان أثمرت جهود ونضالات هذا القائد البطل العظيم، مع جهود القادة والمقاومين في محور المقاومة، إحباطاً لمخطط الولايات المتحدة إعادة تعويم مشروع هيمنتها الاستعمارية، وإنقاذ كيان الاحتلال من مأزقه الناتج عن هزائمه في لبنان وغزة، وتنامي قوة محور المقاومة الذي بات خطراً داهماً على وجود هذا الكيان المحتلّ لفلسطين والأراضي العربية في الجولان السوري وجنوب لبنان

إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اعتقدت انه بإقدامها على اغتيال هذا القائد المقدام سوف تطفئ جذوة المقاومة وتضعف معنويات المقاومين، فإنّ النتائج الأولية التي أسفرت عنها الجريمة الإرهابية الأميركية جاءت معاكسة تماماً، وتؤشر إلى أنّ هذه الإدارة ستندم كثيرا لأنها ارتكبت هذا الجريمة

أولى النتائج، تجديد شعلة الثورة الإسلامية الإيرانية، وبالتالي عودة التفاف الشعب الإيراني حول ثورته وقيادته ورفع منسوب العداء للولايات المتحدة على نحو غير مسبوق، مما قضى على آخر رهانات أميركا بأن يؤدّي الحصار الاقتصادي، الى إثارة الاضطرابات الاجتماعية وبالتالي تأليب الشعب ضدّ قيادته وإجبارها على الخضوع للإملاءات الأميركية..

النتيجة الأولى، تصليب موقف القيادة الإيرانية في مواجهة الحرب الأميركية والردّ على جريمة ترامب والجيش الأميركي، بقوة، على مستويات عدة..

مستوى أول، تدفيع إدارة ترامب ثمن جريمتها بتوجيه ضربات موجعة للوجود الأميركي الاستعماري في المنطقة، في سياق ردّ استراتيجي لانهاء الهيمنة الاستعمارية الأميركية الغربية في المنطقة..

مستوى ثان، إعلان طهران تخليها عن آخر قيود الاتفاق النووي وبالتالي العودة إلى عمليات تخصيب اليورانيوم بشكل مفتوح وغير محدّد، ما يعني انّ الهدف الأميركي بتعديل الاتفاق النووي قد مُني بالفشل الذريع، وها هي جريمة الاغتيال تسقط آخر القيود على المشروع النووي..

النتيجة الثانية، استنفار قوى المقاومة، التي أعلنت انها معنية بالردّ على جريمة اغتيال شهيدي محور المقاومة، كما أعلن قائد المقاومة في لبنان سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال تأبين القادة الشهداء وأكد أنّ الردّ يجب أن يكون على الجيش الأميركي وإخراج القوات الأميركية من المنطقة..

النتيجة الثالثة، قرار البرلمان العراقي إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في العراق، ومسارعة أمين عام عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، الى مطالبة القوات الأميركية بالرحيل فوراً عن العراق، لانّ وجودها لم يعد شرعياً.. فيما أعلن المتحدث باسم الجيش العراقي انه تمّ تقييد الحركة البرية والجوية لقوات التحالف الغربي، في سياق تنفيذ قرار إنهاء وجود القوات الأجنبية.. هذه النتائج الأولية تشكل صفعة قوية للرئيس الأميركي ترامب ورهاناته التي اعتقد انه سيحققها من وراء ارتكاب جريمته، وما تعبيره عن انزعاجه الشديد من قرار البرلمان العراقي، وانه لن يفكك القاعدة الجوية الأميركية في العراق قبل أن تدفع الحكومة العراقية كلفة إقامتها، والتي تبلغ بضعة مليارات من الدولارات، كما زعم، إلا تأكيد على مدى الخيبة التي أصيب بها ترامب، الذي حاول بداية توسيط الدول لدى القيادة الإيرانية مستجدياً أن يكون الردّ محدوداً ومتناسباً، والآن بعد صفعة البرلمان العراق يحاول ان يحصل على ثمن مالي لخروج قواته، مهدّداً العراق بفرض عقوبات اقتصادية، لكن ترامب يبدو غير مدرك بأنه ليس في وضع يمكنه من فرض شروطه للرحيل عن العراق، الذي ليس بإمكانه حصاره، لأنه سيقود إلى وقف تدفق نفط الخليج إلى العالم، وانّ ترامب إذا ما حاول المماطلة في تنفيذ قرار العراق، فعليه ان يتحمّل تبعات ذلك لأنّ المقاومة العراقية، التي تملك القدرات الكبيرة والخبرة تفوق كثيراً عما كانت عليه في بداية مواجهتها قوات الغزو الأميركي بعد احتلالها العراق عام ٢٠٠٣، هذه المقاومة سوف لن تعطيه الفرصة لذلك، وستبدأ هجماتها ضدّ القوات الأميركية باعتبارها قوات محتلة ولا تتمتع بأيّ غطاء شرعي بعد قرار البرلمان، وبالتالي فإنّ مقاومة القوات الأميركية إنما هو حق مشروع, عدا عن الحق في الردّ على جريمة اغتيال الجيش الأميركي للقائدين الشهيدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس على مدخل مطار بغداد على نحو يشكل اعتداء صارخاً على العراق وسيادته وشعبه السيادة.. ولهذا على واشنطن ان تقرّر شكل خروجها من العراق، بالاستجابة فوراً لقرار البرلمان والحكومة العراقيين، أو تخرج تحت ضربات المقاومة العراقية ومقتل الجنود الأميركيين وعودتهم بالتوابيت إلى بلادهم…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى