أولى

الحشود ردّ أول وتفويض للثاني

لطالما كانت واشنطن وجماعاتها في المنطقة يكثرون من الحديث عن استراتيجية العقوبات والحصار بصفتها الطريق لزعزعة الاستقرار في إيران والدول التي تحتضن حركات المقاومة وصولاً لتغيير تركيبتها السياسية أو فرض التفاوض وفق الشروط الأميركية عليها، ولطالما كانت العقوبات هي البديل الذي يتمّ تسويقه للعمل العسكري المطلوب تفاديه لارتفاع أكلافه وخشية أن يعيد توحيد الأوضاع  الداخلية في هذه البلدان.

اغتيال القائد قاسم سليماني والقائد أبو مهدي المهندس بُني على فرضية أن الشعوب في المنطقة قد باتت ناضجة لفكّ علاقتها بقيادة محور المقاومة، وبالتالي فإن سياسة العقوبات قد أدّت المطلوب وحان وقت القطاف، لكن الحشود غير المسبوقة في أي مناسبة على مستوى المنطقة التي خرجت بحماسة واشتعال قلّ نظيرهما وما تضمنه خروج الشعب إلى الشارع من مواقف وهتافات وعهود، قال إن كل الخطط الأميركية ليست إلا فشلاً يتوّج  فشلاً سابقاً وإن الشعوب التي راهنوا على انفكاكها عن خيار المقاومة قدّمت أعلى تفويض للمواجهة مع واشنطن وجماعاتها.

قيمة هذه اللحظة السياسية غير المسبوقة أنّها توجت استعدادات قوى المقاومة للمنازلة الكبرى مع واشنطن وحلفائها بتوفير التعبئة النفسية والعاطفية والمبرّر الشرعي لدخول اللحظة الحاسمة في هذه المواجهة. وهذا ما كان ليحدث لولا المكانة العالية التي يحتلها قادة المقاومة في وجدان الشعوب، بحيث فعل الاغتيال فعله بتصعيد جهوزية الناس لخيار المواجهة إلى حده الأقصى مشكلاً بذاته رداً أول على الاغتيال وتفويضاً بالجزء الثاني من الرد العملي الحاسم.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى