الوطن

ندوة لمعهد الدراسات الدولية بعنوان «اغتيال اللواء قاسم سليماني والتحوّلات الاستراتيجية في الإقليم» خامه يار: هناك غباء في القراءة الأميركية… فالاغتيال أنبت الآلاف من الحاج قاسم سليماني سكرية: التصعيد الأميركي كان لجلب إيران إلى المفاوضات فغدا الصراع لإخراج أميركا من المنطقة عبد الهادي: للشهيد سليماني نصيب في كلّ ما لدى المقاومة الفلسطينية من قدرات وإمكانات

نظم معهد الدراسات الدولية ندوة بعنوان «اغتيال اللواء قاسم سليماني والتحوّلات الاستراتيجية في الإقليم»، وذلك في مركز التدريب والتطوير ـ بلدية حارة حريك، وحضرها الحاج عبد الكريم نصر الله، (والد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله) وجمع من المثقفين والنخب ومن المجتمع المدني إضافة إلى رئيس المركز الحاج محمد حمية.

شارك فيها المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار، العميد الركن المتقاعد الوليد سكرية النائب في البرلمان اللبناني، وممثل حركة حماس في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي وقدّم لها مدير المركز محمد فقيه.

خامه يار

المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار شكر الحضور على المواساة باستشهاد القائد اللواء سليماني وقال «الآن بفضل الفضائيات والثورة الإعلامية لا يُخفى على أحد والجميع بالصورة وتعرفون ماذا جرى وماذا يحدث، ولكن تلبية للأخوة منظمي هذه الندوة أحببت أن أشارككم في هذه المناسبة للإشارة إلى بعض النقاط التي لا بدّ من التذكير بها».

وتابع «النقطة الأولى الوداع الشارعي في إيران: فلقد قرأنا الكثير عن الحشود الجماهيرية التي خرجت لوداع الكثير من القادة في العالم سواء في إيران أو في العالمين العربي والإسلامي أو العالم ككلّ، ولكن حقيقةً لم نر تشييعا بهذه الضخامة حيث لم يكن له مثيل». وأشار «أنا عايشت وحضرت تشييع الشهيد بهجتي عندما اغتيل مع 82 من القادة، وكان الإمام الخميني في وقتها أول من أطلق «اليسار الأميركي»، ولكن بعد هذا الاغتيال الكبير الذي أدّى إلى الثورة الإسلامية عرفنا ماذا يعني هذا». ولفت «في وقتها كان حضور حاشد للشعب بالرغم أنه كان هناك وضع أمني صعب جداً حيث نفذت أكثر من 17 عملية اغتيال للناس البسطاء وطلاب الجامعات». وأضاف «حضرت تشييع الإمام الخميني الراحل والهستيريا الجماهيرية التي خرجت إلى الشارع، ولكن تلك الشخصيات كانت علمائية دينية جماهيرية، ولكن أن تخرج هذه الجماهير لشخص لم يتسلّم أيّ مسؤولية مدنية، فهذا شيء لا يصدّق». وتمنّى «أن تتاح الفرصة لكي نعرف ما وراء هذا التشييع الملاييني حيث وقفت إيران بكلّ قامتها لتردّ التحية إلى ابنها البار وإلى قائدها وفريقها وجنديّها، كما هو أحبّ وأراد تسمية نفسه، فلقد تمحورت إيران كلها حول قاسم سليماني».

وأكدّ خامه يار «كلّ إيران خرجت بكلّ قراها ومدنها وكلّ بيوتها، وأقاموا تشييعاً رمزياً لهذه المناسبة، بما يخوّلنا أن نقول بحسب الثقافة الإيرانية كأنه إمام زاده». وأسهب «لأول مرة في تاريخ الثقافة الإيرانية نرى إمام زاده لا ينتمي إلى المعصومين نسباً ويكرّم بهذا الشكل، ولكن بالتأكيد هذه الجماهير التي خرجت تبقى تُذكر في التاريخ».

أضاف «النقطة الثانية هي الوحدة والعيون التي خرجت إلى التشييع والتي كانت تتحدّث قبل ألسنتها، فمن يعرف الوجدان الإيراني واللغة الفارسية وآدابها يستطيع أن يعرف ماذا يعني إطلاق اسم القائد العاشق على الشهيد هي تسمية تعني الكثير، وهو تتويج شعبي بامتياز ونابع من كلّ من خرج إلى الشارع للمواساة ولم يأت من فراغ ولها خلفية معرفية وثقافية ووجدانية». ولفت «هذه الدموع كانت تسيل من ثقافة عاشورائية وكربلائية وعندما كانت تتابع الأمهات هذا التشييع كنّ يهتفن ويتمنين أن يكون أبناؤهن كما قاسم سليماني، وكذلك الأمر نفسه للأطفال كانوا يتمنّون أن يكونوا قاسم سليماني، وكلّ هذا بفضل هذا الناتج الثقافي».

واعتبر خامه يار أنّ «هناك غباء في القراءة الأميركية، فالقضاء بهذه الطريقة على هذه الشخصية أنبت بالتأكيد الآلاف من الحاج قاسم سليماني». وشدّد «هذا الحدث وهذه الطريقة التي راح فيها الحاج سليماني كرّست عدّة أمور في المجتمع الإيراني ومنها الوحدة الوطنية التي رأيتها تتجلّى بكلّ ما تعنيه الكلمة إلى ما وراء المذهب والعرق والدين». وأكدّ «ما حدث في هذه الأيام الثلاثة التي مضت من التشييع أدّى إلى عولمة المقاومة، وكان ردّ كبير على الشعار الذي اتخذته الولايات المتحدة الأميركية لتعلن الحرب (لا غزة، ولا لبنان، إيران أولاً).

وتابع «عولمة المقاومة من الداخل الإيراني هي بمثابة رسالة كبيرة واستفتاء شعبي كبير على المقاومة والجمهورية الإسلامية في إيران». ولفت «هذا السيل البشري الكبير الذي شهدناه جرف كلّ المؤامرات التي حاكتها الولايات المتحدة الأميركية وكلّ الأموال التي صرفت وكلّ التعبئة التي قامت بها بعض الدول في المنطقة، وأعطى صورة ناصعة وحقيقية عن إيران في المنطقة، فهذا الحشد الجماهيري قضى على جميع المؤامرات ومنها مؤامرة التهويل النفسي لمقاطعة الانتخابات». وأشار «في المدارس كنا نقرأ عن أساطير وشخصيات ملحمية أسطورية ولكن لم أتوقع في حياتي أن أرى أسطورة حقيقية بهذا الشكل بحيث تفوّقت على كلّ الأساطير الخيالية والمحترمة عند الشارع الإيراني، وهذا جزء من الحقيقة فالحقيقة أكبر من ذلك».

وأشار خامه يار إلى أنه «في العقود الأربعة الماضية أصبحنا نتحدث عن الإنجازات والتطورات العلمية، ولكن سبق ذلك التطور العسكري، فهو الدرع الواقي للإنجازات العلمية الأخرى».

وتابع «الحاج قاسم الإنسان والأخلاق والمتواضع والمحب والعطوف، هو الذي جمع الحشود، ولم تجمعهم الأوامر ولا أيّ شيء آخر، هذا بفضل حبّه وإخلاصه لله». وأكدّ «هذا الشخص الذي أراد أن يبقى المكوّن المسيحي في المشرق من أجل مجتمع براق، فهو كان ما وراء المذهبية، والعرقية، والدين؛ هو كان الحاج قاسم الإنسان الذي له قصص كثيرة نتمنّى أن تجمع لأنها عبرة لكلّ إنسان لأيّ دين ينتمي». ولفت «كانت له بصمات في أيّ مكان يذهب إليه من أفغانستان إلى العراق فإلى لبنان وفلسطين، وله قصص كثيرة موثقة وليست من نسج الخيال». وقال «أنا أؤمن أنّ ما حدث هو انتصار الدم على السيف بالفعل، فهو نال ما يريده بالاستشهاد وكان يخشى الموت في فراشه وهذا الأمر سيتحدّث عنه التاريخ».

وختم «النقطة الأخيرة هي أنّ الحاج قاسم كان القوة الذكية التي تتكوّن منها القوة الصلبة والقوة الناعمة». وأشار «القوة الناعمة التي خرجت منها القوة في صنعاء واليمن والعراق ولبنان، والسبب في اتخاذ القرار في الردّ الصلب بعد 78 عاماً من عدم تجرّؤ أحد وحتى الاتحاد السوفياتي من أن تضرب القواعد العسكرية الأميركية». ولفت «أحد المسؤولين الأميركيين قال بأنّ الردّ الإيراني يسقط ماء الوجه». وأكدّ «هذا ما حصل بالفعل، فالجبروت والهيمنة الأميركية تنزلق والثورة الثانية تكرّرت وكان ذلك التحدي الكبير والقوى الناعمة التي كان يمتلكها الشهيد والتي أثرت في مجتمعاتنا». وقال «أنجز باستشهاده اللحمة الوطنية، فربح هو شخصياً والشعب الإيراني والمقاومة بهذه المعادلة وأصبح قاسم سليماني أكثر خطراً بعد استشهاده».

 سكرية

من جهته قال النائب في البرلمان اللبناني العميد د. الوليد سكرية «تبنّت أميركا اغتيال سليماني لرفع الضغط على إيران إلى أعلى الدرجات، من أجل دفعها إلى طاولة التفاوض». وأكدّ «أميركا تذرّعت بفرض العقوبات على إيران لمنع إيران من السلاح النووي، فهو يريد لإيران أن تتخلى عن بناء القوة وتنزوي بالحياة المدنية داخل إيران، وتسقط من مبادئها الجهاد وتحرير العالم العربي والإسلامي، ويريد أن تبقى دولة إسلامية داخل حدودها لكيلا تهدّد إسرائيل يوماً ما، وذلك للهيمنة على هذه المنطقة». وشدّد «هم يحاولون منع أيّ قوة أن تنشأ محاربة إسرائيل ويريدون إيران وغيرها أضعف من إسرائيل». ولفت «هذه السياسة الأميركية هي التي استهدفت سليماني بهذه الطريقة وأعلنت عن الأمر لتصعيد العملية والضغط على إيران وجلبها إلى طاولة المفاوضات».

وعن أوجه الصراع في المنطقة وموقعنا منها والمرتقب في الزمن الماضي قال «سقوط الإتحاد السوفياتي أدّى إلى القوة والهيمنة الأميركية، فأصبحنا في لبنان مثلاً مضطرين لتوقيع اتفاقيات لا نريدها بشروط وإملاءات أميركية». وأشار «بدأت أميركا بصياغة الشرق الأوسط الجديد للتحكم بأوروبا وروسيا لتجنّب العودة إلى مرحلة الاتحاد السوفياتي ولمنع أيّ محاولة لإتحاد الدول الأوروبية كقوة». ولفت «في التقرير الأوروبي الصادر عام 2002 يشير إلى أنّ النطام العالمي الجديد الذي بدأ منذ مطلع التسعينات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، يتطلب 30 سنة ليستقرّ، وأن العام 2020 يكون قد رسمت القوة في الشرق الأوسط». وتابع «أميركا بدأت بالشرق الأوسط الجديد بنشر خطة السلام في كلّ دولة على حدة لضمان عدم المساس بأمن إسرائيل، وكان الهدف تفتيت هذه الدول إلى كيانات لتبقى إسرائيل الدولة المهيمنة عسكرياً في الشرق الأوسط الجديد». وأسهب «المفارقة كانت في لبنان حين اندلعت حرب 2006 وانتصرت المقاومة، فأصبح هناك متغيّرات مهمة».

وأضاف «العامل المساعد كان تبنّي سورية لمحاربة إسرائيل حيث فتحت الباب أمام كلّ التسهيلات للمقاومة مما أدّى إلى تعاظم قوة المقاومة أكثر فأكثر». وأكدّ «هذا الأمر أدّى إلى انتقال إسرائيل إلى حالة الدفاع». وقال «الهدف الذي سعت إليه أميركا هو انتزاع السلاح من المقاومة في لبنان لإطلاق يد إسرائيل في المنطقة، ولكن هذه المؤامرة فشلت فراهنوا على الانتخابات وأيضاً فشلوا، فما كان منها إلا أن فجرت الأوضاع في العراق ولبنان». ولفت «كان الهدف وضع المقاومة في مواجهة بين القوات الأميركية وإسرائيل». وتابع «راهنت أميركا على فتنة سنيةشيعية بمحاولة لتفتيت العراق ولكن القوة الشيعية كانت موحدة وكان الحكم بيدها ففشلت أميركا». وأشار «كانت العراق جسر تواصل بين سورية وإيران ولذلك قرّر الرئيس عبد المهدي فتح معبر الـ بوكمال/ القائم، ولذلك عملت أميركا على تفجير الأوضاع في المنطقة الشيعية خصوصاً لإخراج إيران من العراق».

وتابع «إنّ اغتيال سليماني بهذه الطريقة يسمّونه بالحرب الذكية (أيّ الباردة)، إلا أنّ إيران لا تسقط إلا باستعمال السلاح النووي بسبب الجغرافيا والطبيعة والتماسك الاجتماعي فيها وعوامل أخرى، فإيران دولة لا تهزم عسكرياً ولا يمكن جلبها إلى طاولة المفاوضات بشروط وإملاءات». وقال «لكن التصعيد العسكري كان لحدود معينة لجلب إيران لطاولة المفاوضات، إلا أنه بهذه الحادثة انتقلنا إلى الصراع لإخراج أميركا من المنطقة بدءاً من العراق حتى الخروج الكامل». وختم «أصبح الثأر لكلّ قوى المقاومة لبناء محور متكامل بين سورية وإيران والعراق ولبنان لمواجهة الكيان الصهيوني».

عبد الهادي

بدوره قال ممثل حركة حماس في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي «قبل العام 2000 كانت المقاومة وبالتحديد كتائب الشهيد عزالدين القسام تتحرك بالحجر والسكين ومن ثم البندقية، أما اليوم فهي تمتلك صواريخ تطال كلّ شبر من فلسطين وذات رؤوس متفجرة كبيرة ودقيقة وكلّ ذلك لم يكن ليكون لولا الشهيد قاسم سليماني». وتابعاليوم كلّ ما هو موجود من الكورنيت ويصنع من الكورنيت داخل فلسطين بفعل التقنية وما قدّمه الشهيد قاسم سليماني لكتائب عز الدين القسام، فاليوم نمتلك صواريخ مضادة للطائرات، وطائرات استخباراتية من دون طيار وتستطيع أن تحمل متفجرات وكلّ ذلك بفضل الله ثم بفضل الحاج الشهيد قاسم سليماني». ولفت «الأنفاق كانت فكرة الشهيد عماد مغنية، والشهيد قاسم سليماني هو من ذهب إلى غزة وشارك في الخطة الدفاعية». وأشار «خلال السنوات الثلاث الماضية تمّ تطوير قدرات المقاومة بشكل كبير مما اضطر الكيان الصهيوني للتضحية بوحدة استخبارات حيث أرسلوها إلى غزة وتمّ كشفها من كتائب القسام وامتلاك معلومات دقيقة وحساسة واستثمار جزء منها وسيتمّ استثمارها في القادم من الأيام». وقال «كتائب عز الدين القسام تمتلك جيشاً مؤهّلاً مدرّباً يزيد عن 40 ألف مقاتل، منهم من يتحرّك برياً ومنهم من يتحرك بأشكال مختلفة بحيث لا يمكن للعدو أن يعرف من أين يخرجون، وكلّ هذه المقدّرات للشهيد قاسم سليماني نصيب منها وما لم أتكلم عنه أكثر بكثير». وبموضوع كيف ستكون المقاومة بعد قاسم سليماني قال «بالنسبة إلينا خسرنا خسارة كبيرة وعظيمة جداً أما هو فقد كسب الشهادة، ولكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية والقائد الجديد لطالما كانوا متابعين للمقاومة، ففي كلّ ساعة تزداد مقدّرات المقاومة الفلسطينية». وشدّد «نحن لا نتحضر لدفاع في المرة القادمة، بل للهجوم وإنْ كان حزب الله سيدخل إلى المنطقة فإن كتائب القسام سوف تكون إلى جانبه تحريراً لفلسطين». وأكدّ «الشهيد القائد قاسم سليماني ساعد في بناء وتطوير المقاومة الفلسطينية التي تمثل رأس حربة في مقارعة المشروع الصهيوني». ولفت إلى أنّ «حركة حماس حركة أساسية في محور المقاومة ونحن نعتبر أنفسنا شريكاً أساسياً في مواجهة المشروع الأميركي – الصهيوني».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى